الأربعاء، 5 مارس 2014

بطلان حكم التحكيم في القانون المصري والشريعة الإسلامية



بطلان حكم التحكيم  في القانون المصري والشريعة الإسلامية  

وائل أنور بندق- ماجستير في القانون- عضو الجمعية المصرية للقانون الدولي

"مقال منشور بمجلة الحقوق للبحوث القانونية والإقتصادية التي يصدرها أساتذة كلية الحقوق بجامعة الإسكندرية بمصر"

مقدمة:
يتنامي الإهتمام في وقتنا الراهن بالتحكيم كأحد وسائل فض المنازعات التي تثور في المجتمع الداخلي أو الدولي ، بحيث بدا التحكيم وكأنه علي مشارف عصر جديد ، فقد أقيمتله المراكز البحثية المتخصصة ، وعقدت بشأنه الندوات والمؤتمرات ، واجتمعت الهيئات الداخلية والدولية للنظر في مشكلاته وتذليل ما يعترضه من عقبات ، وخصصت بشأنه البرامج الدراسية المتعمقة في الكليات القانونية ، بل ولقد بدا أن هنالك نوع مستحدث من التحكيم بدأ يخطف الأضواء وهو التحكيم الإلكتروني ، والذي يتم من خلال الإنترنت والوسائط الإلكترونية ، وهو التحكيم الذي يتوافق مع عصر التجارة الإلكترونية وتكنولوجيا الإتصالات والمعلومات ، والمتابع لأي مجلة قانونية متخصصة ، أو المطالع لبرامج الماجستير و الدكتوراة في الكليات القانونية المختلفة أو المطالع لقوائم دور النشر القانونية يستطيع أن يلحظ دون عناء أن التحكيم قد بدأ يتبوأ مكانة متميزة في فكرنا القانوني المعاصر ، بل إنه ليمكننا القول دون مجازفة أن التحكيم قد أصبح فرعا قانونيا مستقلا يقف إلي جوار أقرانه من فروع القانون الأخري .

وتتعدد البواعث(1) التي تدفع أطراف العلاقة القانونية إلي الإلتجاء إلي التحكيم عوضا عن القضاء ، منها مثلا بطء إجراءات التقاضي والحاجة إلي حماية قانونية سريعة ، كما أن المحكم تتوافر لديه خبرة فنية بالمجال الذي يتم التحكيم بصدده قد لا تتوافر لدي القاضي ، مما يجعل نظرته أكثر عمقا وحكمه أكثر مطابقة للواقع ، ولعل ذلك هو الذي دفع مشرعي الدول المختلفة إلي السماح للأشخاص بالإتفاق علي التحكيم ، بل وبالإعتراف بأحكام المحكمين وتنفيذها سواء كانت وطنية أم أجنبية مع توفير نظام رقابي ملائم يسمح بعدم تنفيذ الحكم إذا كان قد خرق بعض الإعتبارات التي تتطلبها السياسة التشريعية في الدولة
0
والتحكيم قد يكون داخليا أو دوليا ، ويزداد الإلتجاء إلي التحكيم في العلاقات الدولية ، بل لا نغالي إذا قلنا بأن غالبية العلاقات المالية الدولية لا يتم الإلتجاء فيها إلي القضاء وإنما إلي التحكيم ، ولعل ذلك يرجع إلي تفادي المشكلات العميقة التي يحدثها إعمال المنهجيات التقليدية للقانون الدولي الخاص والتي تعمل أمام القضاء بصفة غالبة ، وقد أدت الصفة الدولية الغالبة للتحكيم بالدول إلي إبرام المعاهدات بشأن تفعيل نظام التحكيم علي الصعيد الدولي ، بل إن لجنة القانون التجاري الدولي بالأمم المتحدة ( الأونسيترال ) قد وضعت قوانين نموذجية لكي تكون تحت بصر مشرعي الدول المختلفة عند وضعهم لقوانين التحكيم الوطنية .
وإذا كان التحكيم الدولي بهذه الصورة يختلف عن قرينه الداخلي فلقد كان من الطبيعي والمتوقع أن يفرد المشرع تنظيماً تفصيلياً مستقلاً لكل منهما لإختلاف طبيعة الأنزعة وآليات تسويتها في العلاقات الداخلية عنها في مثيلتها الدولية ، ولكن قانون التحكيم المصري رقم 27 لستة 1994 أبي أن يستجيب إلي هذا المنطق فأورد تنظيما شاملاً لعملية التحكيم سواء كانت داخلية أم دولية مع فروق في بعض المسائل البسيطة(2).

وسوف نتناول في بحثنا هذا جزئية من أهم الجزئيات في عملية التحكيم وهي " مراجعة حكم التحكيم قبل الأمر بتنفيذه " ، فلا شك أن الهدف الرئيسي للتحكيم هو الإسراع في الفصل في النزاع وهو مايقتضي عدم تعريض حكم التحكيم بعد صدوره لطرق الطعن التقليدية التي يطعن بها علي الأحكام وإلا لما كانت هناك فائدة من اللجوء إلي التحكيم ، لكن وعلي الجانب الآخر لا يمكن القول بأن يسمح النظام القانوني بتنفيذ كافة أحكام التحكيم دون رقيب أو حسيب وإلا كان ذلك خرقاً لإعتبارات السياسة التشريعية في الدولة بل ولقيم المجتمع والنظام العام في بعض الأحوال.

وفي الموازنة بين هذين الإعتبارين المتعارضين قرر المشرع المصري عدم جواز الطعن في حكم التحكيم بأي طريق من طرق الطعن المعروفة ، ولكنه في ذات الوقت أجاز رفع دعوي ببطلانه لأسباب حصرية وهو ما سوف نعرض له في الفصل الأول من هذا البحث .
ولما كانت الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع ، ولما كانت هي أملنا الوحيد للتشبث بالخصوصية الحضارية في زمن العولمة فلقد كان من الواجب علينا أن نستحضر أقوال الفقهاء بشأن مراجعة حكم التحكيم في الفصل الثاني من هذا البحث .
وبعد هذا وذاك كان من الطبيعي أن نختتم بحثنا ببيان أوجه التقارب والتضارب بين القانون المصري والشريعة الإسلامية بشأن مراجعة حكم التحكيم

الفصل الأول:
مراجعة حكم التحكيم فى القانون المصرى(دعوى بطلان حكم التحكيم)


لا شك – كما قلنا سلفاً - أن من شأن معاملة حكم التحكيم ذات المعاملة التى يلقاها الحكم القضائى من حيث جواز الطعن عليها أن يعصف بالغاية من نظام التحكيم والمتمثلة بصفة رئيسية فى تلافى إجراءات وتعقيدات الخضوع للقضاء ، إذ لا يعقل أن يجيز المشرع للأفراد الاتفاق على التحكيم للهروب من هذه الإجراءات القضائية ثم يجيز بعد ذلك الطعن فيه أمام القضاء فيجبرهم بعد ذلك على سلوك الطريق الذى حاولوا تفاديه ابتداء .
وفى المقابل لا يمكن القول أيضاً بأن حكم التحكيم سوف يكون محصناً من أية وسيلة من وسائل مراجعته والرقابة عليه ، إذ فى القول بذلك إضفاء لحصانة مطلقة على حكم التحكيم ترفعه إلى مرتبة أعلى من مرتبة الحكم القضائي ، فضلاً عن منافاته للإعتبارات الفلسفية التى تقضى بوجوب تمكين الخصوم من مراجعة أى حكم تمكيناً لهم فى تصحيح أى عوار فيه ، وفى النهاية لا يمكن تجاهل أن التحكيم يبدأ باتفاق والقول بذلك يخضعه لما تخضع له الاتفاقات من الطعن عليها بالبطلان .

نحن إذن أمام إعتبارين متعارضين أولهما يمنع مراجعة حكم التحكيم بأية صورة من الصور والآخر يجيز ذلك ولا يمكن تجاهل أى اعتبار من هذين الاعتبارين فكيف يمكن التوفيق بينهما ؟
تتابين موقف التشريعات المختلفة إزاء هذه المسألة فبعضها يمنع الطعن فى حكم التحكيم بطرق الطعن فى الحكم القضائى ولكنها تجيز رفع دعوى أصلية ببطلان هذا الحكم ، والبعض الآخر يجيز الطعن فى حكم التحكيم بالإستئناف أو بالتماس إعادة النظر فضلاً عن إمكانية رفع دعوى البطلان(3)
أما المشرع المصرى فقد قرر فى قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 عدم جواز الطعن فى حكم التحكيم بأى طريق من الطرق المنصوص عليها فى قانون المرافعات ولكنه أجاز رفع دعوى بطلانه وفقاً لأسباب محددة وذلك خلافاً لما كان منصوصاً عليه فى قانون المرافعات من جواز الطعن بالتماس إعادة النظر فى حكم التحكيم ولذلك فإن دراسة مراجعة حكم التحكيم فى القانون المصرى تقتضى دراسة النقاط الثلاثة التالية :
أولاً ) مراجعة حكم التحكيم بين قانون المرافعات وقانون التحكيم .
ثانياً ) حالات الطعن بالبطلان .
ثالثاً ) النظام الإجرائى للطعن بالبطلان .
وإليكم تفصيل ذلك من خلال المباحث التالية

المبحث الأول:
مراجعة حكم التحكيم بين قانون المرافعات وقانون التحكيم

كانت نصوص التحكيم الملغاة الواردة فى قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968 تقضى بعدم جواز الطعن بالإستئناف فى حكم التحكيم (م 510) ولكنها أجازت الطعن فيه بالتماس إعادة النظر (م 511) وبشأن تحديد حالات هذا الطعن أحالت إلى المادة 241 والتى تحدد حالات الطعن بالتماس إعادة النظر فى الأحكام القضائية وعلى ذلك تكون حالات الطعن الالتماس فى حكم التحكيم هى(4):
1- إذا وقع من الخصم غش كان من شأنه التأثير فى الحكم
2- إذا حصل بعد الحكم إقرار بتزوير الأوراق التى بنى عليها أو قضى بتزويرها .
3- إذا كان الحكم قد بنى على شهادة شاهد قضى بعد صدوره بأنها مزورة .
4- إذا حصل الملتمس بعد صدور الحكم على أوراق قاطعة فى الدعوى كان خصمه قد حال دون تقديمها .
5- إذا كان منطوق الحكم مناقضاً بعضه لبعض .
6- إذا صدر الحكم على شخص طبيعى أو اعتبارى لم يكن ممثلاً تمثيلاً صحيحاً فى الدعوى وذلك فيما عدا حالة النيابة الإتفاقية .
7- لمن يعتبر الحكم الصادر فى الدعوى حجة عليه ولم يكن قد أدخل أو تدخل فيها بشرط إثبات غش من كان يمثله أو تواطئه أو إهماله الجسيم .
صفوة القول إذن أن نصوص التحكيم الملغاة كانت تجيز الطعن بالتماس إعادة النظر على حكم التحكيم وفى أحوال معينه . وذلك إلى جانب إمكانية رفع دعوى ببطلانه. ولكن صدر بعد ذلك قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 ونص فى المادة 52 منه على أنه:-
" 1- لا تقبل أحكام التحكيم التى صدر طبقاً لأحكام هذا القانون الطعن فيها بأى طريق من طرق الطعن النصوص عليها فى قانون المرافعات المدنية والتجارية .
2- يجوز رفع دعوى بطلان حكم التحكيم وفقاً للأحكام المبينة فى المادتين التاليتين "
وبهذا النص يكون المشرع قد أغلق تماماً باب الطعن فى حكم التحكيم وقرر بأن السبيل الوحيد لمراجعته تتمثل فى دعوى البطلان والتى سنعرض لحالات رفعها ونظمها الإجرائي فيما بعد. والأمر الذى يجب التساؤل حوله هو مدى توفيق المشرع المصرى فى إلغائه لطريق الطعن بالالتماس وإكتفائه بدعوى البطلان ؟

الواقع أن هذا الموقف المستحدث أثار إنتقادات الفقه على أساس أن الحالات التى أوردها المشرع فى النصوص الملغاة للطعن بالتماس إعادة النظر ليست موجودة كلها ضمن حالات البطلان التى قررها قانون التحكيم لعام 1994 (م 53) والتى سنعرضها فيما بعد ، فضلاً عن أن له نطاق مختلف عن نطاق دعوى البطلان علاوة على الميعاد الضيق لرفع دعوى البطلان وهو 90 يوماً(5)
ويضيف البعض إلى ذلك أن المشرع أنشأ بذلك حصانة متميزة لحكم التحكيم ليس لها ما يبررها مع توافر غش الخصم أو تزوير المستندات التى بنى عليها الحكم أو صدوره بناء على شهادة قضى بأنها شهادة مزورة أو توصل الخصم لأسباب تحسم النزاع حال خصمه دون تقديمها "(6) وينتهى هذا الرأى على أن المشرع لم يكن موفقاً عندما ألغى طريق الطعن بالتماس إعادة النظر .
ومن جانبنا فإننا وإن كنا نؤيد هذا الرأى من حيث المبدأ حتى لا يتم تحصين الحكم من أية حالة من حالات العوار التى قد يصاب بها ، إلا أننا كنا نتمنى على المشرع المصرى أن يفلت من هذا النقد عن طريق إعتماده لجميع حالات الالتماس ضمن حالات دعوى البطلان ، إذ لو كان قد فعل ذلك لما تعرض للنقد أما القول بضيق ميعاد البطلان وهو (90 يوماً ) فهو نقد مغالي فيه نظراً لمعقولية هذا الميعاد بل وطوله بالمقارنة بطرق الطعن فى الحكم القضائى .


المبحث الثاني: حالات الطعن بالبطلان

تنص م 53 من قانون التحكيم المصرى على أنه
" 1- لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم إلا في الأحوال الآتية :
( أ ) إذا لم يوجد إتفاق تحكيم أو كان هذا الإتفاق باطلاً أو قابلاً للإبطال أو سقط بإنتهاء مدته .
(ب ) إذا كان أحد طرفي إتفاق التحكيم وقت إبرامه فاقد الأهلية أو ناقصها وفقاً للقانون الذي يحكم أهليته .
(ج ) إذا تعذر على أحد طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم إعلانه إعلاناً صحيحاً بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم أو لأي سبب آخر خارج عن إرادته .
( د ) إذا استبعد حكم التحكيم تطبيق القانون الذي إتفق الأطراف على تطبيقه على موضوع النزاع .
(هـ) إذا تم تشكيل هيئة التحكيم أو تعيين المحكمين على وجه مخالف للقانون أو لإتفاق الطرفين .
( و ) إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها إتفاق التحكيم أو جاوز حدود هذا الإتفاق ومع ذلك إذا أمكن فصل أجزاء الحكم الخاصة بالمسائل الخاضعة للتحكيم عن أجزائه الخاصة بالمسائل غير الخاضعة له فلا يقع البطلان إلا على الأجزاء الأخيرة وحدها.
( ز ) إذا وقع بطلان في حكم التحكيم أو كانت إجراءات التحكيم باطلة بطلاناً أثر في الحكم .
2- وتقضي المحكمة التي تنظر دعوى البطلان من تلقاء نفسها ببطلان حكم التحكيم إذا تضمن ما يخالف النظام العام في جمهورية مصر العربية . " والواقع أن التعليق الوافى على هذا النص لن يتسنى إلا من خلال العرض أولاً لمدى حصرية حالات البطلان التى نص عليها المشرع ، ثم التعرض تفصيلاً لهذه الحالات الحالة تلو الأخرى وهو ما نفعله فيما يلى :

مدى حصرية حالات البطلان .
إن المتأمل فى صدر المادة 53 يلحظ دون عناء أن حالات البطلان قد وردت على سبيل الحصر فنص المادة يقرر صراحة أنه "لا تقبل دعوى البطلان إلا فى الأحوال الآتية ...." والواقع أن البعض وإن اقر بحقيقة ما قررناه من حصرية حالات البطلان إلا أنه عاد وأجاز ما سماه التفسير الواسع لأسباب البطلان وقرر مثالاً على ذلك أن تشويه ومسخ القانون الواجب التطبيق يساوى إستبعاده ويصلح أساساً لرفع دعوى البطلان(8). وفى تأييد هذا الرأى يذهب البعض(9)إلى أن ذلك هو السبيل الوحيد بعد أن أوصد المشرع كل الابواب وجعل لأحكام التحكيم شأوا لا تبلغه أحكام القضاء وهو أمر مؤسف لم يكن له ما يبرره مهما كانت نبل البواعث الرامية إلى استخدام قانون التحكيم وسيلة لجذب الاستثمارات .
ومن جانبنا نرى أن هذا الرأى خلط بين السياسة التشريعية وتفسير النص التشريعى فلا شك أنه من حيث السياسة التشريعية كان يجب على المشرع أن يضيف كثيراً إلى حالات البطلان التى أوردها أو على الاقل أن يجعل النص مرناً بحيث يسمح بالتوسع فى تفسير أسباب البطلان هذا من حيث السياسة التشريعية وهو ما لم يتبعه المشرع وإنما قام بحصر أسباب البطلان وأبسط قواعد التفسير أنه لا اجتهاد مع النص . إزاء ذلك يمكننا القول أن حالات البطلان قد وردت على سبيل الحصر ولا يمكن التوسع فيها كل ما هنالك أننا ندعو المشرع لأن يتدخل بالتعديل على هذا النص لجعله أكثر مرونة.

حالات بطلان حكم التحكيم فى القانون المصرى

سنعرض فيما يلى لحالات بطلان حكم التحكيم التى رصدها قانون التحكيم المصرى.


1-      الحالات المتعلقة بإتفاق التحكيم.


لا شك أن أساس وجود التحكيم هو إتفاق التحكيم, فهذا الأخير هو البذرة الأولى التى تنبت عليها كافة إجراءات العملية التحكيمية, وعلى ذلك فمن المنطقى أن أى عوار فى إتفاق التحكيم لابد وأن يورث بطلان الحكم التحكيمى وهذا ما قرره المشرع المصرى فى مطلع حالات البطلان, ويلاحظ أن العوار فى إتفاق التحكيم يمكن أن يتخذ إحدي الصور التالية :-

أ- عدم وجود إتفاق التحكيم.

والواقع أن الالتجاء إلى هذه الحالة أمر نادر الحدوث, ويتحقق ذلك فى حالة عدم وجود تلاقى إرادتين كما لو صدر الإيجاب وقوبل بالرفض أو بالصمت غير الملابس, أو بقبول تضمن تعديلاً لم يحظ بقبول, ففى هذه الصور لم ينشأ أصلاً أى إتفاق على التحكيم(9)ومن الأشكال العملية التى تأخذها هذه الصورة أن يتمسك الطرف الذى لم يوقع على إتفاق التحكيم ولكنه وقع على وثيقة المهمة(10) بعدم وجود إتفاق على التحكيم. كذلك تثور هذه الحالة عملاً فيما لو تمسك أحد الأطراف فى مواجهة الآخربشرط التحكيم على الرغم من عدم توقيع هذا الأخير على العقد الذى يتضمن هذا الشرط(11), ويتحقق ذلك إذا كان شرط التحكيم يتضمنه عقد ويراد الاحتجاج به على أحد من الغير, فهنا يكون للغير إذا صدر حكم إن يدفع بصدوره دون وجود إتفاق أو شرط تحكيم(12).

 ب- بطلان إتفاق التحكيم:

إن إتفاق التحكيم كأى إتفاق يخضع لما تخضع له الإتفاقات من القواعد العامة بشأن إنعقادها وصحتها, بحيث يجب توافر الشروط التى تطلبها القانون لتكوين العقود, فإذا ما تخلف شرط من شروط الإنعقاد كان الإتفاق باطلاً, وإذا ما تخلف شرط الصحة كان الإتفاق قابلاً للإبطال على التفضيل المقرر فى النظرية العامة للإلتزامات(13) وقد عبرت محكمة إستئناف القاهرة خير تعبير عن ذلك حينما قالت ". . من المقرر أنه لكى يكون إتفاق التحكيم صحيحاً منتجاً لآثاره أن يقوم على التراضى بين طرفيه بمعنى تطابق إرادتيتهما وإتجاهها إلى ترتيب آثار قانونية تبعاً لمضمون ما اتفقا عليه, وأن يرد ذلك التراضى على محل ممكن ومشروع وإن يستند إلى سبب مشروع (14)
وتطبيقاً لذلك إذا شاب إرادة أحد أطراف التحكيم عيب من عيوب الرضاء مثل الغلط والتدليس والإكراه والإستغلال فإنه يكون باطلاً بطلاناً نسبياً, كذلك يكون باطلاً إتفاق التحكيم إذا ما ورد على موضوع لا يجوز الفصل فيه عن طريق التحكيم كمسألة من مسائل الأحوال الشخصية مثلاً(15) كذلك فإن تخلف الكتابة فى إتفاق التحكيم يجعله باطلاً وفقاً لقانون التحكيم, إذ بصدور هذا القانون أصبحت الكتابة مطلوبة لإنعقاد إتفاق التحكيم وليس للإثبات فقط(16).

ج- إنقضاء إتفاق التحكيم بإنقضاء مدته:

تقضى المادة ( 45 / 1 ) من قانون التحكيم بأنه " لهيئة التحكيم إصدار الحكم المنهى للخصومة كلها خلال الميعاد الذى اتفق عليه الطرفان, فإن لم يوجد إتفاق وجب أن يصدر الحكم خلال إثنى عشر شهراً من تاريخ بدء إجراءات التحكيم, وفى جميع الأحوال يجوز ان تقرر هيئة التحكيم مد الميعاد على ألا تزيد فترة المد علي ستة أشهر مالم يتفق الطرفان على مدة تزيد على ذلك " من هذا النص يستفاد أن هنالك ميعاد يعتق لإصدار الحكم المنهى للخصومة هذا الميعاد يحدد إتفاقاً في الأصل , فإذا لم يحدد الإتفاق الميعاد تكفل القانون بتحديده وهو اثنى عشر شهراً مع ملاحظة إمكانية مد هذا الميعاد على النحو المقرر بالنص, ومن ثم فإن مخالفة الميعاد على النحو المقرر وصدور الحكم بالمخالفة له يجعل الحكم عرضة للبطلان.

- البطلان الراجع لعوارض الأهلية.

قرر المشرع أن من حالات بطلان حكم التحكيم " إذا كان أحد طرفى إتفاق التحكيم وقت إيرامه فاقد الأهلية أونا قصها وفقاً للقانون الذى يحكم أهليته " والواقع وكما يقرر بعض الفقه بحق(17) أن المشرع لم يكن بحاجة إلى إيراد هذه الحالة ضمن حالات البطلان, ذلك أن فى الحالة الأولى والتى عرضنا لها فيما سبق الكفاية, فإذا كان الشخص عديم الأهلية فإن إتفاق التحكيم يكون باطلاً, وإذا كان ناقص الأهلية فإن إتفاق التحكيم يكون قابلاً للإبطال وهو ما قرره المشرع فى الحالة الأولى من حالات البطلان. ولكن الجديد الذى أتى به هذا البند أنه قرر أن تحديد فكرة الأهلية يخضع للقانون الذى يحكم الأهلية بما يعنى أنه ينتصر لمنهجية تنازع القوانين فى تحديد القانون الذى يحكم الأهلية فما هو هذا القانون؟
 تنص المادة (11)من القانون المدنى على أنه " الحالة المدنية للأشخاص وأهليتهم يسرى عليها قانون الدولة ينتمون إليها بجنسيتهم, ومع ذلك ففى التصرفات المالية التى تعقد فى مصر وتترتب آثارها فيها إذا كان أحد الطرفين أجنبياً ناقص الأهلية وكان نقص الأهلية يرجع إلى سبب فيه خفاء لا يسهل على الطرف الآخر تبينه فإن هذا السبب لا يؤثر فى أهليته " وقبل أن نغادر هذه الحالة لابد أن نورد ملاحظات ثلاثة فى غاية الأهمية:-
الأولى: أن المشرع أحال إلى القانون الذى يحكم الأهلية ومن ثم تكون الإحالة للمادة (11) مدني بكاملها أى بما ورد عليها من استثناء وهو الإستثناء المعروف فى القانون الدولى الخاص باستثناء ليزاردى(18), وهو الإستثناء الذى يمنع الرجوع لقانون الجنسية إذا ما كان الشخص ناقص الأهلية وفقاً لهذا القانون وكان نقص الأهلية يرجع إلى سبب فيه خفاء لا يسهل على الطرف الآخر تبينه. الثانية: المشرع أحال فى تحديد الأهلية لمنهجية تنازع القوانين ( قواعد الإسناد) ومن تم لا يمكن الرجوع للمنهج المباشر فى تحديد الأهلية .الثالثة: إن الأمر قد يتعلق بجنسية شخص إعتبارى وهنا تنطبق م 11/2 مدنى والتى تنص على أنه " أما النظام القانوني للأشخاص الإعتبارية الأجنبية من شركات وجمعيات ومؤسسات وغيرها فيسرى عليها قانون الدولة التي اتخذت فيها هذه الأشخاص مركز إدارتها الرئيسي الفعلي ومع ذلك فإن باشرت نشاطها الرئيسي فى مصر فإن القانون المصرى هو الذى يسرى" .


2-      البطلان الراجع للإخلال بحقوق الدفاع:

قرر المشرع بطلان حكم التحكيم إذا تعذر على أحد طرفى التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم إعلانه إعلان صحيحاً بتعيين محكم أو بإجراءات التحكم أو لأي سبب آخر خارج عن إرادته(19). وعلى ذلك فإن أى إخلال بحقوق الدفاع يجعل حكم التحكيم باطلاً وإذا كان المشرع قد مثل فى البداية لحالات لإخلال بحقوق الدفاع إلا أنه عاد وقرر " . . . لأى سبب آخر خارج عن إرادته " بما يعنى عدم حصر حالات الإخلال بحقوق الدفاع تحت حالات معينة. ولعل عدم الحصرية التى أوردها المشرع ضمن هذه الحالة هى التى دفعت بعض الفقهاء إلى تلافى خطأ المشرع المصرى فى قانون التحكيم وإلغاء حالات الطعن بالتماس إعادة النظر عن طريق إدخال هذه الحالات التى ألغاها أو نساها المشرع ضمن الإخلال بحقوق الدفاع. حيث بجد هذا الفقه مبررا للقول بإمكانية الإستناد لهذا السبب اذا تعذر على أحد الأطراف تقديم الدليل على تزوير الأوراق أو وجود شهادة شاهد قضى بتزويرها بعد صدور الحكم ففى هاتين الحالتين كان متعذرا على الخصم تقديم أوجه دفاعه التى لو قدمت لتغير وجه الحكم فى خصومة التحكيم كما يشمل هذا السبب حالة حصول الخصم المحكوم ضده على أوراق حال خصمه دون تقديمها أثناء نظر الدعوى(20)، كما تشمل منع المدعى عليه ممن التعقيب على دفاع المدعى(21)

3-      البطلان الراجع لإستبعاد قانون الإرادة

يكون حكم التحكيم باطلا إذا استبعد تطبيق القانون الذى اتفق الأطراف على تطبيقه على موضوع النزاع
و بذلك يكون المشرع المصرى قد أولى إرادة الأطراف عناية خاصة فقرر البطلان على مخالفتها على عكس بعض الأنظمة القانونية الأخرى التى وإن شاركت المشرع المصرى إحترامها لإرادة الأطراف ، فإنها مع ذلك لم تخصص استبعاد القانون المختار من قبل المحكم كسبب مستقل للطعن بالبطلان على حكم التحكيم بل يعالج القضاء فيها التجاوز من قبل المحكم فى إطار سبب أخر مستقل من أسباب الطعن بالبطلان و هو خروج المحكم على حدود مهمته و عدم تقيده بها(22). والظاهر أن هذه الحالة تفترض أصلا أن إرادة طرفى التحكيم قد اتجهت إلى تطبيق قانون معين ، و فى حال توافر قانون الارادة فان هيئة التحكيم تلتزم به و إلا كان حكمها عرضة للبطلان ، و لكن عندما تطبق هيئة التحكيم قانون الارادة فأنها تطبق القواعد الموضوعية من هذا القانون دون قواعد الإسناد و إلا كان ذلك أخذا بنظرية الاحالة(23) التى يرفضها المشرع المصرى فى المادة 28 من القانون المدنى – التى تنص على أنه " إذا تقرر أن قانونا أجنبيا هو الواجب التطبيق فلا يطبق منه إلا أحكامه الداخلية دون تلك التي تتعلق بالقانون الدولي الخاص " و لكن ليس ثمة ما يمنع هيئة التحكيم من الرجوع إلى قواعد الإسناد و فى قانون الإرادة إذا ما اتجهت إرادة الأطراف إلى ذلك .
و إذا لم يكن ثمة قانون إختارته إرادة الأطراف فإن هيئة التحكيم تفصل فى النزاع و فقا للقواعد الموضوعية فى القانون الأكثر صلة بالنزاع . هذه الأحكام صاغها المشرع فى المادة 39 من قانون التحكيم و التى تنص على أنه :
" 1- تطبق هيئة التحكيم على موضوع النزاع القواعد التي يتفق عليها الطرفان وإذا اتفقا على تطبيق قانون دولة معينة إتبعت القواعد الموضوعية فيه دون القواعد الخاصة بتنازع القوانين ما لم يتفق على غير ذلك .
2- وإذا لم يتفق الطرفان على القواعد القانونية واجبة التطبيق على موضوع النزاع طبقت هيئة التحكيم القواعد الموضوعية في القانون الذي ترى أنه الأكثر اتصالاً بالنزاع .
3-- يجب أن تراعي هيئة التحكيم عند الفصل في موضوع النزاع شروط العقد محل النزاع والأعراف الجارية في نوع المعاملة .
4- يجوز لهيئة التحكيم - إذا إتفق طرفاً التحكيم صراحة على تفويضها بالصلح - أن تفصل في موضوع النزاع على مقتضى قواعد العدالة والإنصاف دون التقيد بأحكام القانون "
و يقرر بعض الفقه(24) أنه لا يجوز مشكلة لو تم استبعاد قانون الارادة صراحة كما لو طبقت قانون دولة ( أ ) محل قانون دولة ( ب ) إذ في هذه الحالة يبطل حكم التحكيم .
و لكن المشكلة تثور فيها لو قام المحكم بتطبيق شروط العقد محل النزاع و الأعراف الجارية فى نوع المعاملة بشكل قاصر عليها دون إستبعاد صريح لقانون الارادة خاصة و أن القاضى ملتزم بمراعاة هذه المسائل عند الفصل فى النزاع 0
و يفرق هذا الفقه بين فرضين :-
الفرض الأول :- إذا تبين إن هذه الشروط التعاقدية و الأعراف الجارية فى نوع المعاملة تتعارض مع النظام العام فى مصر هنا يمكن الطعن على حكم التحكيم و لكن ليس لإستبعاد قانون الارادة وإئما لمخالفة النظام العام .الفرض الثانى :- إذا كانت هذه الشروط و الأعراف لا تخالف النظام العام فإن تطبيقها و فقا لنظر هذه الفقه لايعد سببا للبطلان لاسيما و أن القاضى ملتزم بإعمالها وفقا لنص المادة 39 / 3 سالف الذكر . و أخيرا إذا كان هذه السبب للبطلان ينصب على إستبعاد القانون الأجنبى إلا أن بعض الفقه قد قرر أن الخطأ الجسيم فى تطبيق القانون الأجنبي يعادل إستبعاده و يسمح بطلب البطلان(25)


4-      البطلان لتشكيل هيئة التحكيم أو تعيين المحكمين على وجه مخالف للقانون أو لاتفاق الطرفين.

نظم المشرع كيفية تشكيل هيئة التحكيم و كيفية إختيار المحكمين بالمادة 17 من قانون التحكيم لعام 1994 والتي تنص علي أنه : "  1- لطرفي التحكيم الإتفاق على إختيار المحكمين وعلى كيفية ووقت إختيارهم فإذا لم يتفقا اتبع ما يأتي :
( أ ) إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من محكم واحد تولت المحكمة المشار إليها في المادة (9) من هذا القانون إختياره بناءً على طلب أحد الطرفين .
(ب ) فإذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاث محكمين إختار كل طرف محكماً ثم يتفق المحكمان على إختيار المحكم الثالث فإذا لم يعين أحد الطرفين محكمه خلال الثلاثين يوماً التالية لتسلمه طلباً بذلك من الطرف الآخر أو إذا لم يتفق المحكمان المعينان على إختيار المحكم الثالث خلال الثلاثين يوماً التالية لتاريخ تعيين آخرهما تولت المحكمة المشار إليها في المادة (9) من هذا القانون إختياره بناءً على طلب أحد الطرفين ويكون للمحكم الذي إختاره المحكمان المعينان أو الذي إختارته المحكمة رئاسة هيئة التحكيم وتسري هذه الأحكام في حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر هيئة من ثلاثة محكمين .
2- وإذا خالف أحد الطرفين إجراءات إختيار المحكمين التي اتفقا عليها أو لم يتفقا أو لم يتفق المحكمان المعينان على أمر مما يلزم إتفاقهما عليه أو إذا تخلف الغير عن أداء ما عهد به إليه في هذا الشأن وتولت المحكمة المشار إليها في المادة(9) من هذا القانون بناءً على طلب أحد الطرفين القيام بالإجراء أو بالعمل المطلوب ما لم ينص في الإتفاق على كيفية أخرى لإتمام هذا الإجراء أو العمل .
3- وتراعي المحكمة في المحكم الذي تختاره الشروط التي يتطلبها هذا القانون وتلك التي إتفق عليها الطرفان وتصدر قرارها بإختيار المحكم على وجه السرعة ومع عدم الإخلال بأحكام المادتين (18و19) من هذا القانون لا يقبل هذا القرار الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن "والواضح من هذا النص أن المشرع قد منح الإرادة سلطانا واسعا فيما يتعلق بتشكيل هيئة التحكيم و إختيار المحكمين ، و لعل ذلك ليس بالأمر المستغرب فنظام التحكيم يقوم فى منشأه على الإرادة ومن ثم فليس من الغريب إن نعترف للإرادة بدور مرموق فى جميع مراحل العملية التحكيمية و لكن المشرع تحسب للوضع الذى لا تتفق فيه الإرادة على كيفية تشكيل هيئة التحكيم أو لإختيار المحكمين فأورد النص السالف الذكر و هو نص مكمل لا يتم إعماله إلا عند تخلف الإتفاق. ولكن هل للإرادة سلطان مطلق فى هذا الصدد ؟
الإجابة بالنفى ذلك أن هنالك عدد من القواعد الآمرة التى يجب على الإرادة إحترامها كإستلزام وترية العدد و إكتمال أهلية المحكم و إلتزام المحكم عند إعلان قبوله الكتابى للمهمة بالإفصاح عن أية ظروف تثير الشك حول استقلاله أو حيدته أو التزام هيئة التحكيم بعدم قبول طلب الرد ممن سبق له رد المحكم نفسه فى التحكيم ذاته(26). و أخيرا ينبغى الاشارة إلى أنه وفقا لنص المادة 8 من قانون التحكيم المصرى لا يجوز رفع دعوى البطلان على أساس مخالفة قاعدة آمرة أو مخالفة لشروط الإتفاق المتعلقة بتشكيل هيئة التحكيم إذا لم يقدم الطرف صاحب المصلحة فى ذلك الإعتراض فى الميعاد المحدد قانونا أو إتفاقا إذ يعد سكوته هذا نزولا منه عن حق الإعتراض(27).


( 6 ) البطلان لمجاوزة هيئة التحكيم لحدود و لايتها

نصت على هذه الحالة المادة ( 53 / 1 / و ) و التى تقضى بأنه لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم إلا " إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها إتفاق التحكيم أو جاوز حدود هذا الإتفاق ومع ذلك إذا أمكن فصل أجزاء الحكم الخاصة بالمسائل الخاضعة للتحكيم عن أجزائه الخاصة بالمسائل غير الخاضعة له فلا يقع البطلان إلا على الأجزاء الأخيرة وحدها.و لا شك أن المشرع كان موفقا عندما اعتبر هذه الحالة من حالات البطلان ذلك أن التحكيم يقوم فى الأساس على إرادة الأطراف ، فإذا ما اتجهت الإرادة إلى اللجوء للتحكيم بشأن نزاع ما فلا بجوز للمحكم تجاوز حدود ما اتفقت عليه الإرادة بشأن تحديد محل النزاع ، و من ثم فلا تمتد سلطة المحكم للمسائل الأولية و الفرعية فالمحكم ليس قاضيا ينطبق عليه ما ينطبق على القضاء من قاعدة أن قاضي الأصل هو قاضى الفرع(28). و لكن إذا تعدى المحكم لمسائل مطروحة عليه و لمسائل أخرى لم يشملها إتفاق التحكيم فإن حكم التحكيم لا يبطل إلا بقدر ما فصل فيه بشأن هذه المسائل الأخيرة اللهم إلا إذا كانت هذه المسائل ترتبط مع المسائل الأخرى إرتباطا لا يقبل التجزئة وذلك كله وفقا لنظرية إنتقاص العقد.  و يرى بعض الفقه(29) أن هذا النص يشمل فرضين الأول هو الفرض الذى يفصل فيه المحكم فى مسألة لم يشملها الإتفاق على التحكيم و هو سبب محدد وواضح للطعن بالبطلان على حكم المحكم الذى فصل فى مسألة تقع خارج نطاق الإتفاق على التحكيم أما الفرض الثانى الذى تواجهه هذه المادة فهو إمكانية الطعن بالبطلان على حكم التحكيم إذا جاوز حدود الإتفاق .و يشير البعض الآخر إلي أن فصل المحكم فى مسالة تقع خارج نطاق الإتفاق على التحكيم تدخل فى إطار تجاوز المحكم لحدود هذا الإتفاق . و لكن لما كان الشرع قد أورد لها حكما خاصا فإن ذلك يعنى أن هذا التجاوز يشمل صورة أخرى ليس من بينها صورة فصل المحكم فى مسالة لا يشملها إتفاق التحكيم كأن يفصل فى مسالة إتفق على العهدة إليه بها ليفصل فيها(30). ويقتضى إصدار الحكم ببطلان حكم التحكيم تأسيسا على هذا السبب تمسك ذى المصلحة به ، فإذا رفعت دعوى البطلان تأسيسا على مخالفة القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع و تبين للمحكمة أن هيئة التحكيم فصلت فيما لم يكن مطروحا عليها أو تجاوزت حدود الإتفاق فإن المحكمة لا تقضى بالبطلان من تلقاء نفسها . لأن المسألة لا تتعلق بالنظام العام . وإنما يجب أن يتمسك أحد الأطراف بطلب البطلان تأسيسا على تجاوز الهيئة الحدود الواردة فى إتفاق التحكيم(31).


7- البطلان لوقوع بطلان فى الحكم أو بطلان فى الإجراءات أثر فى الحكم

وهذه الحالة وفقا لما هو ظاهر منها تشتمل على فرضين :-

الفرض الأول :- وقوع بطلان فى الحكم :

فالحكم يكون باطلا اذا لم تتوافر شروطه الموضوعية والشكلية التى يبينها نصا المادتين 40 و 43 من قانون التحكيم ، فالمادة 40 تقضي بأنه " يصدر حكم هيئة التحكيم المشكلة من أكثر من محكم واحد بأغلبية الآراء بعد مداولة تتم على الوجه الذي تحدده هيئة التحكيم ما لم يتفق طرفاً التحكيم على غير ذلك ".
والمادة 43 تقضي بأنه " 1- يصدر حكم التحكيم كتابة ويوقعه المحكمون وفي حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من محكم واحد يكتفى بتوقيعات أغلبية المحكمين بشرط أن تثبت في الحكم أسباب عدم توقيع الأقلية .
2- يجب أن يكون حكم التحكيم مسبباً إلا إذا اتفق طرفا التحكيم على غير ذلك أو كان القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم لا يشترط ذكر أسباب الحكم
3- يجب أن يشتمل حكم التحكيم على أسماء الخصوم وعناوينهم وأسماء المحكمين وعناوينهم وجنسياتهم وصفاتهم وصورة من إتفاق التحكيم وملخص لطلبات الخصوم وأقوالهم ومستنداتهم ومنطوق الحكم وتاريخ ومكان إصداره وأسبابه إذا كان ذكرها واجباً ". ويجرى بعض الفقه(32) تفرقة بشأن مخالفة القواعد السابقة في المادتين سالفتي الذكر بين القواعد والأحكام الواردة فى نصي المادتين المذكورتين على أساس مدى تعلق هذه الأحكام بمصلحة الأطراف فى الدعوى بشكل مباشر أو كونها مجرد قواعد وأحكام وضعت من أجل تسهيل عمل المحكمة أو هيئة التحكيم أو لأسباب عملية محضة لتسهيل تنفيذ حكم التحكيم عند صدوره .
واستنادا إلى هذا المعيار لا يؤدى إغفال القواعد والأحكام المتعلقة بشكل الحكم من ضرورة اشتمااله على أسماء الخصوم وعناوينهم وأسماء المحكمين وعناوينهم إلى آخره إلى إمكانية الطعن بالبطلان على حكم التحكيم الذى أهمل ذكر هذه البيانات . إذ أن مخالفة هذه القواعد ليست من شأنها الإضرار بالأطراف المشاركة فى التحكيم ولا المساس بمصالحهم بشكل مباشر . وعلى العكس من ذلك فإن عدم قيام هيئة التحكيم بالمداولة قبل إصدارها للحكم ، قد يكون سببا لإمكانية الطعن عليه بالبطلان بسبب هذا العيب الذى لحق به . كذلك يؤدى عدم تسبيب الحكم فى حالة عدم إتفاق الأطراف على عدم التسبيب . أو فى حالة إختيارهم للقانون المصرى كقانون واجب التطبيق على الإجراءات أو لائحة تحكيم تقتضى التسبيب إلى إمكانية الطعن على الحكم بالبطلان لمساسه بأخذ القواعد الأساسية التى تتعلق بمصلحة الأطراف فى الدعوى بشكل مباشر .

الفرض الثانى : بطلان إجراءات التحكيم المؤثر فى الحكم

يكون سببا من أسباب دعوى البطلان وقوع بطلان فى الإجراءات أثر فى الحكم ، ولكن لا يعنى ذلك أن أى بطلان فى الإجراءات سوف يؤثر بالضرورة على الحكم فالعبرة فى ذلك بمدى تحقيق الإجراءا لغايته من عدمه وذلك وفقا للقواعد العامة فى قانون المرافعات (33). وتطبيقا لذلك يعد بطلانا مؤثرا فى الحكم إعلان أحد الأطراف أو إرسال تقارير قد للهيئة إلى غير العنوان المحدد فى إتفاق التحكيم لأنه حرم هذا الطرف من إمكانية الحضور أو الرد على ما تضمنته هذه التقارير ، أما إذا ثبت علم الطرف رغم عدم صحة الإعلان فإن بطلان الإجراء لايعد مؤثرا فى الحكم .

8- البطلان الراجع لمخالفة النظام العام فى مصر

نصت على هذه الحالة المادة 3/2 بقولها " و تقضى المحكمة التى تنظر دعوى البطلان من تلقاء نفسها ببطلان حكم التحكيم إذا تضمن ما يخالف النظام العام فى جمهورية مصر العربية. و بذلك يكون المشرع قد حدد معنى النظام العام المانع من تنفيذ حكم التحكيم بأنه النظام العام الداخلى فى مصر و ليس النظام العام الدولى ، فالنظام العام الدولى هو نظام عام مشترك بين كل الدول و نابع من المصلحة العليا للجماعة الدولية و الواقع أن هذه الفكرة غير موجودة بالشكل الكافى و الواضح و المحدد كما هو الشأن فى النظام العام الداخلى. و النظام العام فكرة مرنة مطاطة تتأبى على التعريف تختلف من مكان لمكان و فى ذات المكان تختلف من زمان لزمان ، و لكنها فكرة طاردة لكل ما يخالفها و هى تعبر في النهاية عن المقومات الإجتماعية و الإقتصادية و السياسية فى الدولة. و إذ ا ما تعلق الأمر بحكم تحكيم أجنبى فإنه يجب فهم فكرة النظام العام الداخلى بمعناها الموجود فى النظرية العامة للقانون الدولى الخاص(34)، وليس معنى ذلك الإلتجاء لفكرة النظام العام الدولى ، و إنما الأمر مازال يتعلق بفكرة النظام العام الداخلى ذلك أن هذه الأخيرة تلعب دورا فى مجال القانون الداخلى يختلف عن الدور الذى تلعبه فى القانون الدولى الخاص. فدور فكرة النظام العام فى القانون الداخلى يتمثل فى ضمان عدم الخروج الإرادى عن القواعد الآمرة ، و بالتالى فأية مخالفة لقاعدة آمرة تعد خرقا للنظام العام و ذلك إذا كانت العلاقة وطنية بحتة. أما دور فكرة النظام العام فى القانون الدولى الخاص و فى مجال تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية فتتمثل فى إستبعاد هذا الحكم و القضاء ببطلانه على عكس الأصل الذى يقضى بسلامة هذا الحكم.
و على ذلك فإن دور فكرة النظام العام فى القانون الدولى الخاص يتسم بالطابع الإستثنائى بخلاف دور النظام العام فى القانون الداخلى و على ذلك ليست أى مخالفة للنظام العام فى إطار القانون الداخلى تعتبر كذلك فى إطار القانون الدولى الخاص ، وبعبارة أخري ليست كل مخالفة لقاعدة آمرة تعد مخالفة للنظام العام
كذلك يجب ملاحظة الأثر المخفف للنظام العام فى مجال تنفيذ الأحكام عنه فى مجال تطبيق القانون الاجنبى(35).
و يتحدد مفهوم النظام العام الذى يتعين إخضاع حكم التحكيم له بوقت ممارسة الرقابة على الحكم، و القاعدة المماثلة لهذا المبدأ و التى تطبق على الأحكام الأجنبية يطلق عليها مبدأ وقتية النظام العام ، و من هنا قد يحدث أن يكون حكم التحكيم متوافقا مع النظام العام لحظة صدوره بينما يعتبر ضد النظام العام لحظة إصدار الأمر بتنفيذه(36).



المبحث الثالث: النظام الإجرائي لدعوي البطلان

سوف نعرض فيما يلي للنظام الإجرائي لدعوي البطلان من خلال تحديدنا للمحكمة المختصة بها وميعاد رفعها وأثرها علي النحو التالي :

1-      المحكمة المختصة بدعوي البطلان

في تحديد المحكمة المختصة بدعوي البطلان لابد أن نفرق بين أمرين :-
أ – إذا كان التحكيم داخليا فإن المحكمة المختصة بدعوي البطلان هي محكمة الدرجة الثانية بالنسبة للمحكمة التي كان يجب أن يعرض عليها النزاع لو لم يعرض علي التحكيم
ب – إذا كان التحكيم تجاريا دوليا فإن المحكمة المختصة بنظر دعوي البطلان هي محكمة إستئناف القاهرة مالم يتفق علي محكمة إستئناف أخري بين الطرفين. هذا هو الحكم المستفاد من الجمع بين المادة 54/2 والمادة 9 من قانون التحكيم ، حيث تقضي المادة 54/2 بأنه " تختص بدعوى البطلان في التحكيم التجاري الدولي المحكمة المشار إليها في المادة(9) من هذا القانون وفى غير التحكيم التجاري الدولي يكون الإختصاص لمحكمة الدرجة الثانية التي تتبعها المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع "
كما تقضي المادة 9 بأنه "  1- يكون الإختصاص بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها هذا القانون إلى القضاء المصري للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع أما إذا كان التحكيم تجارياً دولياً سواء جرى في مصر أو في الخارج فيكون الإختصاص لمحكمة إستئناف القاهرة ما لم يتفق الطرفان على إختصاص محكمة إستئناف أخرى في مصر .
2-      وتظل المحكمة التي ينعقد لها الإختصاص وفقاً للفقرة السابقة دون غيرها صاحبة الإختصاص حتى إنتهاء جميع إجراءات التحكيم "

2-- ميعاد رفع دعوي البطلان

تنص المادة 54/1 علي أنه " ترفع دعوى بطلان حكم التحكيم خلال التسعين يوماً التالية لتاريخ إعلان حكم التحكيم للمحكوم عليه ولا يحول دون قبول دعوى البطلان نزول مدعي البطلان عن حقه في رفعها قبل صدور حكم التحكيم "
يتضح من هذا النص أن ميعاد رفع دعوي البطلان هو تسعون يوما من تاريخ إعلان الحكم ، ويلاحظ البعض(37) علي ذلك أن المشرع وضع ميعادا طويلا بشكل ملحوظ للطعن في حكم التحكيم ، إذ يتجاوز هذا الميعاد في مدته جميع المواعيد المقررة للطعن في الأحكام القضائية في القانون المصري في الظروف العادية ، وهو الأمر الذي لا يتلاءم مع طبيعة نظام التحكيم ومايهدف إليه من سرعة الفصل في المنازعات المعروضة عليه والتي تؤدي طول مدة الطعن في حكم التحكيم إلي التقليل من هذه الفرصة ، ويزيد من عدم ملاءمة هذا الميعاد الطويل أنه لا يبدأ إلا من تاريخ إعلان حكم التحكيم ، وقد يتطلب إتمام الإعلان وقتا طويلا خاصة في المنازعات التجارية الدولية. ولكن هل معني فوات ميعاد رفع دعوي البطلان دون رفعها تحصين الحكم من أي وسيلة للطعن عليه لا سيما وأن المشرع المصري منع الطعن علي حكم التحكيم بأي وسيلة اللهم إلا دعوي البطلان ؟ يذهب بعض الفقه(38) في الإجابة علي هذا السؤال مذهبا مخالفا لصريح النصوص لتلافي عيوب هذه النصوص حيث يقرر أنه إذا كان الحكم صدر بناء علي غش من أحد الخصوم ، فإن ذلك الأمر قد يؤدي إلي إمكانية الطعن علي هذا الحكم بإلتماس إعادة النظر لأن القول بعكس ذلك قد يدفع بعض الأطراف في التحكيم إلي اللجوء إلي الغش من أجل التحصل علي أحكام محققة لمصالحهم مع عدم خشيتهم من إمكانية المساس بهذه الأحكام في حالة عدم الطعن عليها بالبطلان في الميعاد المحدد

3-      أثر رفع دعوي البطلان

أول مايلاحظ بشأن أثر دعوي البطلان في القانون المصري هو تضارب النصوص وتعارضها علي نحو يؤدي إلي اللبس خاصة نص المادتين 57 و 58/1، حيث تنص المادة 57 علي أنه " لا يترتب على رفع دعوى البطلان وقف تنفيذ حكم التحكيم ومع ذلك يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف التنفيذ إذا طلب المدعي ذلك في صحيفة الدعوى وكان الطلب مبنياً على أسباب جدية وعلى المحكمة الفصل في طلب وقف التنفيذ خلال ستين يوماً من تاريخ اول جلسة محددة لنظره وإذا أمرت بوقف التنفيذ جاز لها أن تأمر بتقديم كفالة أو ضمان مإلي وعليها إذا أمرت بوقف التنفيذ الفصل في دعوى البطلان خلال ستة أشهر من تاريخ صدور هذا الأمر " كما تنص المادة 58/1لي أته " لا يقبل تنفيذ حكم إذا لم يكن ميعاد رفع دعوى بطلان الحكم قد انقضى " فالعجيب أن نص المادة 57 يقرر أن رفع دعوي البطلان لا يوقف تنفيذ الحكم بما يستفاد منه أن التنفيذ علي معلق علي فوات ميعاد رفع الدعوي ، في حين أن المادة 58 تقرر أنه لا يقبل تنفيذ الحكم إلا بعد فوات ميعاد رفع دعوي البطلان، وإزاء هذا التناقض الواضح بين النصين السالفين حاول الفقه(39) رفع التعارض عن طريق بأن المشرع يقصد ضرورة إنتظار المحكوم له حتي ينتهي ميعاد رفع دعوي البطلان فإذا مانتهي هذا الميعاد فإن له أن يتقدم بطلب التنفيذ ، وكذلك الحال إذا رفعت دعوي البطلان خلال ميعاد التسعين يوما فإن يمكن لطالب التنفيذ أن يتقدم فورا بطلب التنفيذ ، فالعلة من إشتراط فوات الميعاد هي إعطاء الفرصة أولا للمحكوم عليه أن يرفع دعوي البطلان ، أما وقد رفعها فلم يعد هناك مايحول دون التقدم بطلب التنفيذ.


الفصل الثاني: مراجعة حكم التحكيم فى الشريعة الاسلامية


لعله من المستحسن عند عرضنا لمراجعه حكم التحكيم فى الشريعة الاسلامية أن تعرض أولا لأقوال المذاهب السنية الأربعة ، ثم نعرض بعد ذلك لموقف أول تقنبن إسلامي لهذه المسألة و هو مجلة الأحكام العدلية(40).

أولا :- مراجعة حكم التحكيم فى المذاهب الفقهية .
أ – المذهب المالكى : يرى المالكية أن حكم التحكيم  إذا ما صدر أصبح ملزما لطرفيه . فإذا ما عرض أمر مراجعته أمام القاضى فلا يجوز له نقضه بأية صورة من الصور ، حتى و لو كان مخالفا لإجتهاده ، و لا يمكن نقض حكم التحكيم إلا بصورتين :
( 1 ) إذا كان مخالفا للقرآن أو السنة أو الاجماع ،( 2 ) إذا كان فى الحكم جور بين(41).

ب – المذهب الشافعى : للشافعية فى هذه المسألة قولان :-
أولهما :- و هو قول المزنى و هو أن حكم التحكيم بعد صدوره لا يكون ملزما إلا بشرط تراضى الخصمين ، لأنه لما وقف على خيارهما فى الإبتداء وجب أيضا أن يقف على خيارهما فى الإنتهاء(42).
ثانيهما :- و هو الصحيح و هو أن حكم التحكيم إذا ما صدر فلا يجوز للقاضى أن ينقضه إلا بما ينقض به الحكم القضائى ، و هو ما يعنى أن حكم التحكيم و فقا لهذا الرأى يرتفع لمصاف الأحكام القضائية (43)

حـ - المذهب الحنبلى : لا يختلف رأى الحنابلة عن رأى الشافعية ، حيث يرى جمهور الحنابلة(44) أن حكم التحكيم إذا ما صدر فإنه ملزم للقاضى ، و لا يجوز له نقضه إلا بما ينقض به الحكم القضائى ، فيلتزم القاضى الذى يرفع إليه كتاب المحكم بإنقاذه و ذلك سواء كان موافقا له فى إجتهاده أم لا .

د – المذهب الحنفى : يذهب الأحناف إلى(45) أن القاضى المعين من قبل الحاكم له ولاية على حكم التحكيم فإذا ما رفع إليه حكم ووجده مخالفا لمذهبه نقضه و لو كان هذا من المسائل المختلف عليها بين الفقهاء ، و إن لم يجده كذلك أمضاه.

ثانيا :- مراجعه حكم التحكيم فى مجلة الأحكام العدلية :

رغم أن مجلة الأحكام العدلية مأخوذة من المذهب الحنفى إلا أننا حرصنا أن نعرض لموقفها فى فقرة مستقلة للأسباب التالية :
1- تمثل أحكام المجلة قيمة نظرية كبرى بحسبانها أول تقنين لأحكام الشريعة الإسلامية ، و هو تقنين شامل لغالبية فروع القانون الوضعى . فضلا عن أنها وضعت تنظيما تفصيليا للتحكيم(46).
2- تمثل أحكام المجلة قيمة عملية أيضا باعتبارها القانون الذى طبق على عدد كبير من البلاد الإسلامية بل و ما زالت مطبقة فى بعض البلدان ، فضلا عن أن تأثيرها مازال موجودا على بعض التشريعات العربية خاصة فى الكويت و الأردن و الإمارات .
3- أن النص المتعلق بمراجعة حكم التحكيم فى مجال لا يدل فى ظاهرة على اقترابه من المذهب الحنفى ، بل هو يقترب أكثر من المذاهب الأخرى صحيح أن شروح المجلة حاولت تفسير النص على نحو يخرج به عن الفقه الحنفى ، لكنها كلها تفسيرات تجاوزت النص المقرر فى المجلة على نحو ما سنرى بعد قليل .
هذا عن الأسباب التى دفعتنا لإفراد فقرة مستقلة عن مراجعة حكم التحكيم فى المجلة ، أما عن النص الذى يقرر المراجعة فهو نص المادة 1849 و الذى يقرر أنه " إذا عرض حكم المحكم على القاضى المنصوب من قبل السلطان فإذا كان موافقا للأصول صدق و إلا نقض " و فى التعليق على هذا النص يقول العلامة على حيدر ( شارح المجلة ) : " إذا عرض حكم المحكمة على القاضى المنصوب من قبل السلطان أو على محكم ثانى ليدقق الحكم مرة ثانية ، فإذا كان موافقا للأصول صدقه ، لأنه لا فائدة من نقض الحكم الموافق للأصول و الحكم ثانية ، و فائدة تصديق حكم المحكم من قبل القاضى هو أنه لو عرض هذا الحكم على قاض أخر يخالف رأيه و واجتهاده رأى المحكم فليس له نقضه لأنه أمضاه ، و قبول القاضى لحكم المحكم هو بمنزلة الحكم إبتداء من القاضى ، أما إذا لم يصدق القاضى على حكم المحكم ، فيكون من حق المحكم والقاضى الأخر أن ينقض حكم المحكم ، فإذا حكم المحكم حكما غير موافق للأصول ينقضه لقاضى و المحكم الثانى . و عدم موافقة حكم المحكم للأصول يكون من وجهين : الوجه الأول :- أن يكون حكم المحكم خطأ لا يوافق أى مذهب من المذاهب ، و بتعبير أخر أن يكون حكم المحكم غير موافق لمذهب المجتهد الذى يقلده القاضى ، فلا يوافق رأى أى من المجتهدين و العلماء .و بما أن الحكم الذى يكون على هذه الصورة ظلم واجب رفضه ، فيرفع هذا الحكم و ينقضه و يحكم القاضى على وجه الحق . الوجه الثانى :- أن يكون حكم المحكم موافقا لمذهب أحد المجتهدين إلا أنه يكون غير موافق لمذهب المجتهد الذى يقلده القاضى الذى عرض عليه حكم المحكم ، و فى هذه الحالة ينقض القاضى ذلك لأن و لاية المحكم مقصورة على الطرفين المتخاصمين و حكم المحكم فى ذلك لا يرفع خلاف المسائل الخلافية أى أن حكم المحكم معتبر فى حق الطرفين فقط ، والمحكم فى حق سائر الناس هو كأحد الناس وبما أن المحكم لم يحكم من طرف القاضى فلا يكون ملزما لتنفيذه بعكس القاضى ، فحيث له و لاية عامة فحكمه يرفع الاختلاف و ينفذ فى حق عامة الناس " (47)

خاتمة:

مدي إتفاق قانون التحكيم المصري مع الشريعة الإسلامية بشأن مراجعة حكم التحكيم

 لعله من المفيد بعد دراستنا لمراجعة حكم التحكيم في الشريعة الإسلامية ولمراجعة حكم التحكيم في القانون المصري أن نستعرض خلاصة موجزة حول المقارنة بينهما لبيان مدي إتفاق القانون المصري مع الشريعة الغراء لا سيما في ضوء النص الدستوري الذي يقضي بإعتبار الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع
 وسوف نسوق هذه الخلاصة من خلال الملاحظات التالية :

أولا ) رأينا أن غالبية الفقهاء ( المالكية والشافعية والحنابلة ) قد تقاربت آراؤهم علي إختلاف في بعض التفاصيل الصغيرة لكن يمكن القول بأن حكم التحكيم لديهم كحكم القاضي إذا ماصدر لا يمكن نقضه إلا بما ينقض به حكم القاضي سواء وافق ذلك مذهبهم أم لا، أما الأحناف فرأوا أن حكم المحكم غير ملزم للقاضي الحنفي إلا في حدود ماوافق إجتهاده أما إذا خالف المحكم الإجتهاد الحنفي نقض الحكم، وفيما عدا ذلك لم يفصل الفقهاء النظام الشرعي لمراجعة حكم التحكيم ولم يضعوا أسبابا محددة لإلغائه ولا قرروا مدة معينة للمراجعة ، وليس ذلك قصورا في الفقه الإسلامي بقدر ماكان تعبيرا عن واقعهم الذي لم يألف التعقيد في الإجراءات ، فضلاً عن أن غلق باب الإجتهاد في فترة من الفترات قد أدي إلي إعاقة التطور الطبيعي للفقه الإسلامي نحو بناء قانون إجرائي متكامل بل ونحو نظرية متكاملة للقانون الإسلامي .

ثانياً ) رغم أن الفقه الإسلامي لم يعرض لمراجعة حكم التحكيم إلا في سطور قليلة إلا أنه يمكننا بتتبع كتابات هذا الفقه أن نسترشد بقاعدتين هامتين يمكن إعمالهما بشأن هذا الأمر وهما :القاعدة الأولي : ينقض حكم التحكيم إذا ورد فيما لايجوز فيه التحكيم (48) وفي بيان ذلك بقرر الأحناف أنه لا يجوز التحكيم في حدود الله تعالي ولا في القصاص ولا في الدية علي العاقلة ويجوز في غيرها، ويقرر المالكية أن التحكيم يجري في الأموال ومافي معناها ولا يجوز في حدود الله ولا في القصاص ولا في طلاق أو نسب أو عتاق أو ولاء ويقرر الشافعية في أحد الآراء أن التحكيم يختص جوازه بالأموال وعقود المعاوضات ولا يجوز في الحدود والقصاص والنكاح واللعان ، وفي قول آخر يجوز في كل ماتحاكم فيه الخصمان كما يجوز حكم القاضي الذي ولاه الإمام، وأخيراً بقرر الحنابلة أنه لا يجوز التحكيم في النكاح واللعان والحدود والقصاص ويجوز في غيرها ، وفي قول عن الإمام أحمد أنه يجوز التحكيم في جميع المسائل . وعلي ذلك إذا ورد حكم التحكيم في مسألة لا يجوز فيها التحكيم – علي الخلاف السابق – كان حكم التحكيم واجبا نقضه .القاعدة الثانية : المتتبع لكتابات الفقهاء يجد أن ماينقض حكم القاضي ينقض حكم التحكيم ولعل ذلك هو الدافع الرئيسي لعدم إسهابهم في معالجة مراجعة حكم التحكيم إعتماداً علي قياسها علي حكم القاضي ولعله من المفيد أن نورد القواعد التي وضعها الفقهاء(49) لنقض الأحكام وهي :

1- ينقض الحكم إذا كان مخالفاً لنص أو إجماع
2- الإجتهاد لا ينقض بمثله
3- السوابق القضائية لا تقيد القاضي ولا تلزمه
4- تنقض أحكام قاضي الجور والسوء إذا كانت جائرة
5- التهمة تؤثر في حكم القاضي وتعرضه للنقض
6- تدقق أحكام فليل الفقه ومن لا يشاور فيبرم منها الصحيح وينقض منها ماكان خطأ
7- إذا كان الحكم المنقوض صحيحاً فإن الحكم الناقض ينقض ويبرم الحكم المنقوض
رأينا أيضا أن المشرع المصري جعل الوسيلة الوحيدة لمراجعة حكم التحكيم هي الطعن بالبطلان ولأسباب محصورة كما نظم المشرع النظام الإجرائي لدعوي البطلان ولكن هل معني ذلك أن المشرع المصري خالف بذلك أحكام الشريعة الإسلامية لمجرد إختلاف بعض الأمور بشأن مراجعة حكم التحكيم؟ هذا ماتفسره الملاحظة التالية.

ثالثا ) المعروف أن أحكام الشريعة الإسلامية تتضمن نوعين من الأحكام الأولي أحكام قطعية الثبوت والدلالة والثانية أحكام ظنية الدلالة فإذا ماخالف حكم التحكيم الاحكام الاولي كان جديرا بالإلغاء أما إذا خالف الأحكام الأخري لم يكون كذلك طالما لم يخالف مقاصد الشريعة ويكون لولي الأمر تقرير أسباب الإلغاء وفقا لمصلحة الأمة وعلي ذلك لا يشكل موقف المشرع المصري بدعة أو مخالفة لأحكام الشريعة

رابعا ) إذا كنا قد قررنا عدم مخالفة قانون التحكيم المصري للشريعة فإن ذلك مشروط بالتوسع في فكرة النظام العام بحيث تشمل كافة أحكام الشريعة القطعية
والأمر في النهاية يحتاج إلي جهود الفقهاء والباحثين نحو دراسة تفصيلية مستحدثة تتناول أحكام التحكيم في الشريعة الإسلامية وفقاً لمنهج حديث لا يتجاوز ماقاله الفقهاء وفي ذات الوقت لا يتحجر عنده بل يبتكر من الأحكام والقواعد مايصلح لتنظيم التحكيم في الشريعة الإسلامية في ضوؤ ثوابت النظرية العامة للقانون الإسلامي ، بل لا نغالي إذا قلنا أن الفقه الإجرائي الإسلامي يحتاج إلي إعادة البناء وهو ماقد نعود إليه في أبحاث لاحقة إذا كان في العمر بقية .



الهوامش:

1- أنظر في أهمية الإلتجاء إلي التحكيم الأستاذ الدكتور أحمد أبو الوفا ، التحكيم الاختياري والإجباري ، منشأة المعارف ، 1988 ، ص 36 ومابعدها – الأستاذ الدكتور مصطفي الجمال والأستاذ الدكتور عكاشة عبد العال ، التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية والداخلية ، 1998 ، ص 60 ومابعدها – الأستاذ الدكتور أبو زيد رضوان ، الأسس العامة في التحكيم التجاري الدولي ، 1981 ، ص 3 ومابعدها – الأستاذ الدكتور إبراهيم أحمد إبراهيم ، التحكيم الدولي الخاص ، دار النهضة العربية ، 1997 ، ص 3 ومابعدها – الأستاذ الدكتور أحمد هندي ، تنفيذ أحكام المحكمين ، دار الجامعة الجديدة للنشر ، 2001 ، ص 7 ومابعدها ، الأستاذ الدكتور أحمد السيد صاوي ، التحكيم طبقاَ للقانون رقم 27 لسنة 1994 وأنظمة التحكيم الدولية ، 2002 ، ص 5 ومابعدها .
2- أنظر في إنتقاد ذلك أستاذتنا الدكتورة حفيظة السيد الحداد ، الطعن بالبطلان علي أحكام التحكيم الصادرة في المنازعات الخاصة الدولية ، دار الفكر الجامعي ، 206 وأنظر أيضاً الأستاذ الدكتور إبراهيم أحمد إبراهيم ، التحكيم الدولي الخاص ، مرجع سابق ، ص 223 .
3- من التشريعات العربية التى تمنع الطعن على حكم التحكيم وإنما فقط تجيز رفع دعوى ببطلانه المشرع الأردنى (م 48 من قانون التحكيم) والمشرع العمانى ( م 52 من قانون التحكيم) والمشرع اليمنى ( م 53 من قانون التحكيم) والمشرع العراقى ( م 273 من قانون المرافعات) والمشرع الإماراتى (م 216 و م 217/1 من قانون المرافعات) والمشرع المغربى (م 319من المسطرة المدنية ) وهناك تشريعات أخرى تجيز بعض صور الطعن فى حكم التحكيم منها المشرع السورى (م 532 و 533 من قانون أصول المحاكمات) والمشرع القطرى (م 305 و 306 من قانون المراافعات ) والمشرع التونسى (الفصل 78 من مجلة التحكيم) والمشرع الجزائرى ( م 455 من قانون المرافعات).
4- راجع فى ذلك وفقاً للقانون القديم الأستاذ الدكتور أحمد ابو الوفا ، التعليق على قانون المرافعات ، منشأة المعارف ، ط 6 ، ص 1581 وأيضاً ص 927 ، وراجع الدكتورة آمال الفزايرى ، دور قضاء الدولة فى تحقيق فاعلية التحكيم ، منشأة المعارف ، ص 153 .
5-الأستاذ الدكتور أكثم الخولى ، محاضرات بعنوان "الاتجاهات العامة فى قانون التحكيم المصرى الجديد ، مؤتمر القانون المصرى الجديد للتحكيم ، مركز القاهرة واليونسيترال ، 12 – 13 سبتمبر 1994 ، ص 21 .
6- الأستاذ الدكتور مختار أحمد بربرى ، التحكيم التجارى الدولى ، دراسة خاصة للقانون المصرى الجديد بشأن التحكيم فى المواد المدنية والتجارية ، دار النهضة العربية ، 1995 ، ص 229 ومن هذا الرأى أيضاً الدكتور السيد عبد العال تمام ، مبدأ المواجهة وخصومة التحكيم ، دار النهضة العربية ، 2000 ، ص 60 .
7- الدكتور أكثم الخولى ، المحاضرة السابقة ، ص 23 .
8- الدكتور مختار بربرى ، المرجع السابق ، ص 253- وفي ذات الإتجاه راجع أيضاً الأستاذ الدكتور أحمد السيد صاوي ( التحكيم ، مرجع سابق ، ص 220 ) حيث يري أن دعوي بطلان حكم التحكيم نظام خاص وأسلوب جامع لمراجعة حكم التحكيم ، فلا يجوز تفسير أسبابها تفسيراً ضيقاً أو تخصيصها يغير نص بإعتبارها السبيل الوحيد لإلغاء حكم التحكيم المعيب.
9- مختار بربرى, التحكيم التجارى الدولى, مرجع سابق, ص 234.
10- وثيقة المهمة هى الوثيقة التى يتم توقيعها من قبل كل من الأطراف والمحكمين وفى حالة عدم وجود إتفاق للأطراف يتم التوقيع من قبل المحكمين أو مؤسسة التحكيم ويتحدد فيها المسائل التى يتعين علىهيئة التحكيم الفصل فيها، راجع فى تفاصيل وثيقة المهمة وطبيعتها ومدى إلزاميتها أستاذتنا الدكتورة حفيظة = السيد الحداد, الطعن بالبطلان على أحكام التحكيم الصادرة فى المنازعات الخاصة الدولية, مرجع سابق, ص 120 وما بعدها, وانظر أيضاً مؤلفها المشترك مع أستاذنا الدكتور هشام صادق, دروس فى القانون الدولى الخاص ، الكتاب الثالث, القانون القضائى الخاص والتحكيم الدولى, دار المطبوعات الجامعية, 1999, ص 209 وما بعدها.
11- الدكتور مختار بربري, التحكيم التجارى الدولى مرجع سابق, ص 234, هامش 320.
12- ويلاحظ أن القضاء الفرنسى يميل فى نطاق التحكيم الدولى, وعلى عكس الوضع في التحكيم الداخلي إلي مد نطاق شرط التحكيم إلي الأطراف التي لم توقع عليه ، أنظر أستاذتنا الدكتورة حفيظة الحداد ، الطعن بالبطلان علي أحكام التحكيم  الصادرة فى المنازعات الخاصة الدولية, مرجع سابق, ص 126, أستاذنا الدكتور نبيل إسماعيل عمر, التحكيم فى المواد المدينة والتجارية الوطنية والدولية ، دار الجامعة الجديدة ، ط 2, 2005, ص 396 .
13- أنظر تفاصيل هذه القواعد العامة لدى العلامة الدكتور عبد الرزاق أحمد السنهورى, الوسيط فى شرح القانون المدنى المصرى ، النظرية العامة للإلتزام, مصادر الإلتزام, دار النشر للجامعات ، 1952 , ص 170 وما بعدها وراجع أيضاً الأستاذ الدكتور عبد المنعم البدراوى, النظرية العامة للإلتزامات ، دراسة مقارنة فى قانون الموجبات والعقود اللبنانى والقانون المدنى المصرى.، ج1 مصادر الإلتزام ( 1- المصادر الإرادية) . دار النهضة العربية, بيروت, ص 181 وما بعدها، الأستاذ الدكتور سليمان مرقص ، الوجيز في شرح القانون المدني ، الإلتزامات ، المطبعة العالمية ، 1964 ، ص 47 ومابعدها.
14- حكم غير منشور فى دعوى بطلان حكم التحكيم رقم 21 لسنة 118ق, الصادر فى 22 مايو 2001, والمعروف أن محكمة إستئناف القاهرة هى صاحبة الاختصاص الأصيل فى دعوى بطلان حكم التحكيم الأجنبى وفقاً للماده 9 من قانون التحكيم.
15- الدكتور ماهر محمد صالح عبد الفتاح, إتفاق وحكم التحكيم فى المنازعات التجارة الدولية, رسالة دكتوراة, حقوق القاهرة,2004, ص 497.
16- أنظر فى إعتبار هذه الحالة من حالات عدم وجود إتفاق التحكيم أصلاً, الدكتور أحمد هندى, تنفيذ أحكام المحكمين, مرجع سابق, ص 35.
17- الدكتور مختار بربرى, التحكيم التجارى الدولي, مرجع سابق, ص 237, والدكتور ماهر محمد صالح عبد الفتاح, إتفاق وحكم التحكيم فى منازعات التجارة الدولية, رسالة مشار إليها سابقاً, ص .500.
18- أنظر في تفاصيل هذا الإستثناء لدي فقهاء القانون الدولي الخاص الدكتورعز الدين عبد الله, القانون الدولى الخاص المصري ، ج2 ، تنازع القوانين وتنازع الإختصاص القضائي الدوليين ، مكتبة النهضة المصرية ، 1958, ص 207 ومابعدها, أستاذنا الدكتور هشام صادق, موجز القانون الدولي الخاص ، ج2 ، تنازع القوانين ، الدار الجامعية 1985 ، ص 266 ومابعدها ، أستاذنا الدكتور عكاشة عبد العال ، الوجيز في تنازع القوانين ، دراسة مقارنة ، دار المعرفة الجامعية ، ص 300 ومابعدها ، الأستاذ الدكتور فؤاد رياض والدكتورة سامية راشد ، الوسيط في القانون الدولي الخاص ، ج2 ، تنازع القوانين ، دار النهضة العربية ، ص 336 ومابعدها .
19- راجع في إنتقاد هذا النص الدكتور مختار بربري ، التحكيم التجاري الدولي ، مرجع سابق ، ص238 ، ونظرا لأن إحترام حقوق الدفاع مبدأ مستقر في الضمير العالمي بصرف النظر عن أي قانون وطني فقد تركت إتفاقية نيويورك هذه الحالة دون إسنادها لقانون وطني محدد أنظر في تفاصيل ذلك الدكتور أحمد هندي ، تنفيذ أحكام المحكمين ، مرجع سابق ، ص 38 .
20- الدكتور مختار بربرى ، التحكيم التجارى الدولى ، مرجع سابق ، ص 239 .
21- الدكتور أكثم الخولي ، المحاضرة السابقة ، ص 22.
22- الدكتور حفيظة الحداد ، الطعن بالبطلان على أحكام التحكيم فى المنازعات الخاصة الدولية ، مرجع سابق ، ص 169 .
23- نظرية الإحالة هى النظرية التى تقضى بوجوب الرجوع اولا إلى القواعد الاستاد فى القانون الواجب التطبيق و الإذعان لما تشير به هذه القواعد و هى من أعقد النظريات فى القانون الدول الخاص لدرجة أن البعض شبهها بحيوان الكاتوبيليا وهو حيوان أسطوري يأكل أطرافه و شبهها البعض الآخر بغرفة المرايا المتقابلة ، راجع فى تفاصيل هذه النظرية ، الدكتور غالب الداودى ، نظرية الأحالة و تطورها فى دول الشرق الأوسط ، رسالة دكتوراة ، جامعة أنقرة ، تركيا ، الطبعة العريبة ، بغداد ، 1964 ، حفيظة الحداد ، نظرية الاحالة فى القانون الدولي الخاص الألمانى الجديد ، الفتح للطباعة و النشر – الدكتور عكاشة عبد العال ، الوجيز في تنازع القوانين ، دراسة مقارنة ، مرجع سابق ، ص 81 ومابعدها.
24- الدكتورة حفيظة الحداد ، الطعن بالبطلان على أحكام التحكيم فى المنازعات الخاصة الدولية ، مرجع سابق ، ص 168 ، الدكتور نبيل عمر ، التحكيم . مرجع سابق ، ص 401 – الدكتور ماهر محمد صالح ، إتفاق و حكم التحكيم فى منازعات التجارة الدولية ، ص 505 .
25- الدكتور أكتم الخولى ، المحاضرة السابقة ، ص 43 ، الدكتور مختار بربري ، التحكيم التجارى الدولى ، مرجع سابق ، ص 242 ، و انظر أيضا تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشئون الدستورية و التشريعية و مكتب لجنة الشئون الاقتصادية عن مشروع قانون بشأن التحكيم التجارى الدولى ، ص 32.
26- الدكتور محمود مختار بربرى ، التحكيم التجارى الدولى ، مرجع سابق ، ص 244 ، الدكتور ماهر محمد صالح عبد الفتاح ، إتفاق و حكم التحكيم فى التجارة الدولية ، مرجع سابق ، ص 510 .
27- الدكتور ماهر محمد صالح عبد الفتاح ، المرجع السالف ، ص 510 .
28- الدكتور محمود مختار بربرى ، التحكيم التجارى الدولى ، مرجع سابق ، ص 345 .
29- الدكتور نبيل اسماعيل عمر ، التحكيم فى المواد المدنية و التجارية الوطنية و الدولية ، مرجع سابق ، ص 403.
30- الدكتور احمد هندى ، تنفيذ أحكام المحكمين ، مرجع سابق ، ص 20
31- الدكتور مختار بربرى ، التحكيم التجارى الدولي ، مرجع سابق ، ص247
32- الدكتورة حفيظة الحداد ، الطعن بالبطلان على أحكام التحكيم فى المنازعات الخاصة الدولية ، مرجع سابق ، ص 202 ومابعدها. 
33- فى ملاحظة ذلك الدكتور مختار بربري ، التحكيم التجارى الدولى ، مرجع سابق ، ص 248 ، الدكتورة حفيظة الحداد الطعن بالبطلان على أحكام التحكيم الصادرة فى المنازعات الخاصة الدولية ، مرجع سابق ، ص 204 - ولدراسة تفصيلية عن البطلان الاجرائى راجع رسالة الاستاذ الدكتور فتحى والى ، نظرية البطلان فى قانون المرافعات ، منشأة المعارف ، 1958 ، وأنظر طبعة منقحة لها لدي نادي القضاة عام 2000 بتنقيح الدكتور أحمد ماهر زغلول.
34- أنظر في فكرة النظام العام لدي فقهاء القانون الدولي الخاص الدكتور فؤاد رياض والدكتورة سامية راشد ، الوسيط في القانون الدولي الخاص ، مرجع سابق ، ص 215 – الدكتور عكاشة محمد عبد العال ، الوجيز في تنازع القوانين ، دراسة مقارنة مرجع سابق ، ص 226.
35- لدراسة تفصيلية عن الأثر المخفف وموقف القضاء الفرنسي منه والوضع في مصر راجع الدكتور عكاشة عبد العال ، الوجيز في تنازع القوانين ، مرجع سابق ، ص 251.
36- الدكتورة حفيظة الحداد ، الطعن بالبطلان على احكام التحكيم الصادرة فى المنازعات الخاصة الدولية مرجع سابق ص 208
37- عثمان حسين ، قانون التحكيم الجديد ، مجلة المحاماة ، السنة الرابعة والسبعون ، عدد يناير – أبريل 1995 ، ص 221 ومابعدها.
38- الدكتورة حفيظة الحداد ، الطعن بالبطلان على احكام التحكيم الصادرة فى المنازعات الخاصة الدولية مرجع سابق ص 233.
39- الدكتور أحمد هندي ، التنفيذ الجبري ، دار الجامعة الجديدة ، 2006 ، ص 128- الدكتورة حفيظة الحداد ، الطعن بالبطلان على احكام التحكيم الصادرة فى المنازعات الخاصة الدولية مرجع سابق ص 235.
40- تعتبر مجلة الأحكام العدلية هى أول و أهم التقنيات التى صدرت وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية و ذلك على نسق القوانين الغربية فى صورة مواد ، و قد أصدرتها الدولة العثمانية بداية من عام 1870م و اكتمل صدورها عام 1878م ، و هى مأخوذة من المذهب الحنفى فقط . و قد تلى ذلك صدور عدة محاولات فردية و جماعية لتقنين أحكام الشريعة الإسلامية . و على رأسها جهود المرحوم محمد قدرى باشا فى كتبه الثلاثة " الأحكام الشرعية فى الأحوال الشخصية " و " مرشد الحيران فى معرفة أحوال الإنسان " و " قانون العدل و الأنصاف القضاء على مشكلات الأوقاف".
أنظر بتفصيل و توسع أكبر فى فكرة تقنبن الشريعة الدكتورة فاطمة محمد سليم العوا ، تأثير مجلة الأحكام العدلية على القوانين العربية ، دراسة تطبيقية على عقد التحكيم ، رسالة دكتوراه ، كلية الحقوق – جامعة الاسكندرية ، 1420 – 1999 ، عبد الرحمن القاسم ، الاسلام و تقنبن الأحكام ، دار المعارف بالمملكة العربية السعودية - الدكتور محمد كمال الدين إمام ، منهجية التقنين بين النظرية و التطبيق القاهرة – 1995 ، الدكتور محمد زكى عبد البر تقنين الفقه الإسلامي ، المبدأ و المنهج دار إحياء التراث بقطر ، 1983 .
41- راجع برهان الدين أبو الوفا ابن فرحون ، تبصرة الحكام فى أصول الأقضية و مناهج الأحكام ، مراجعة طه عبد الرؤوف سعد ، مكتبة الكليات الأزهرية ، القاهرة ، 1986 ، الجزء الأول – ص 44 – أبو البركات أحمد بن محمد بن أحمد الدردير ، الشرح الكبير ، مطبعة عيسى الحلبى ، ج 4 ، ص 36 .
42- لحسن الماوردى ، أدب القاضى ، مكتبة الكليات الأزهرية ، 1949 ، ص 381.
43- أبو زكريا النورى الدمشقى ، روضة الطالبين و عمدة المفتين ، المكتب الإسلامى بدمشق و بيروت ، 1985 ، حـ 11 ، ص 123 ، و فى تأييد هذا الرأى انظر الدكتوره فاطمة العوا رسالتها المشار إليها سالفا ، ص 177 .
44- أبو محمد بن قدامة المقدسي ، المغنى ، الفجر للطباعة ، حـ 14 ، ص 193 ، منصور بن إدريس اليهونى ، كشاف القناع ، مكتبة النصر الحديثة ، حـ 6 ، ص 309 .
45- محمد أمبن الشهير بابن العابدين ، حاشية رد المحتار على الدر المختار ، ط 2 ، طبعه مصطفى البابى الحلبى ، 1966 ، حـ 5 ، ص 429 – عثمان بن على الزيلعى – تبيين الحقائق فى شرح كنز الدقائق ، المطبعة الأميرية ، 1214 ، حـ 4 ، ص 193 . زين الدين محمد بن نجيم ، البحر الرائق شرح كنز الدقائق ، مطبعة الكليات الازهرية حـ 7 ، ص 27 .
46- لدراسة تفصيلية لعقد التحكيم فى المجلة راجع الدكتورة فاطمة العوا ، الرسالة السالف الاشارة إليها ، ص 363 و ما بعدها.
47 - على حيدر ، درر الحكام شرح مجلة الأحكام ، منشورات مكتبة النهضة العربية ، بيروت – بغداد ، ص 645 و ما بعدها .
48- لدراسة تفصيلية حول مايجوز فيه التحكيم أنظر الدكتور عبد الكريم زيدان ، نظام القضاء في الشريعة الإسلامية ، مؤسسة الرسالة ، 1998 ، ط3 ، ص 248 ومابعدها – الدكتور أحمد رسلان ، القضاء والإثبات في الفقه الإسلامي والقانون اليمني ، دار النهضة العربية 1997 ، ط2 ، ص 219 ومابعدها – الدكتورة فاطمة سليم العوا ، الرسالة المشار إليها سالفاً ، ص 267 ومابعدها.
49- أنظر في شرح هذه القواعد الدكتور عبد الكريم زيدان ، المرجع السابق ، ص 226 ومابعدها

مراجع البحث
أولاً ) مراجع شرعية
1- برهان الدين أبو الوفا ابن فرحون ، تبصرة الحكام فى أصول الأقضية و مناهج الأحكام ، مراجعة طه عبد الرؤوف سعد ، مكتبة الكليات الأزهرية ، القاهرة ، 1986 ، الجزء الأول .
2- أبو البركات أحمد بن محمد بن أحمد الدردير ، الشرح الكبير ، مطبعة عيسى الحلبى ، ج 4
3- أبو الحسن الماوردى ، أدب القاضى ، مكتبة الكليات الأزهرية ، 1949
4- أبو زكريا النورى الدمشقى ، روضة الطالبين و عمدة المفتين ، المكتب الإسلامى بدمشق و بيروت ، 1985 ، حـ 11
5- أبو محمد بن قدامة المقدسي ، المغنى ، الفجر للطباعة ، حـ 14 .
6- منصور بن إدريس البهونى ، كشاف القناع ، مكتبة النصر الحديثة ، حـ 6
7- محمد أمبن الشهير بابن العابدين ، حاشية رد المحتار على الدر المختار ، ط 2 ، طبعه مصطفى البابى الحلبى ، 1966 ، حـ 5
8- عثمان بن على الزيلعى – تبيين الحقائق فى شرح كنز الدقائق ، المطبعة الأميرية ، 1214 ، حـ 4
9- زين الدين محمد بن نجيم ، البحر الرائق شرح كنز الدقائق ، مطبعة الكليات الازهرية ، حـ 7
10- على حيدر ، درر الحكام شرح مجلة الأحكام ، منشورات مكتبة النهضة العربية ، بيروت – بغداد ،
11- الدكتورة فاطمة محمد سليم العوا ، تأثير مجلة الأحكام العدلية على القوانين العربية ، دراسة تطبيقية على عقد التحكيم ، رسالة دكتوراه ، كلية الحقوق – جامعة الاسكندرية ، 1420 – 1999
ثانياً ) مراجع قانونية
1- الأستاذ الدكتور إبراهيم أحمد إبراهيم ، التحكيم الدولي الخاص ، دار النهضة العربية ، 1997
2- الأستاذ الدكتور أحمد هندي ، تنفيذ أحكام المحكمين ، دار الجامعة الجديدة للنشر ، 2001 .
3- الأستاذ الدكتور أحمد السيد صاوي ، التحكيم طبقاَ للقانون رقم 27 لسنة 1994 وأنظمة التحكيم الدولية ، 2002 .
4- أستاذتنا الدكتورة حفيظة السيد الحداد ، الطعن بالبطلان علي أحكام التحكيم الصادرة في المنازعات الخاصة الدولية ، دار الفكر الجامعي ،
5- الأستاذ الدكتور أكثم الخولى ، محاضرات بعنوان "الاتجاهات العامة فى قانون التحكيم المصرى الجديد ، مؤتمر القانون المصرى الجديد للتحكيم ، مركز القاهرة واليونسيترال ، 12 – 13 سبتمبر 1994
6- الأستاذ الدكتور مختار أحمد بربرى ، التحكيم التجارى الدولى ، دراسة خاصة للقانون المصرى الجديد بشأن التحكيم فى المواد المدنية والتجارية ، دار النهضة العربية ، 1995
7- الدكتور نبيل إسماعيل عمر, التحكيم فى المواد المدينة والتجارية الوطنية والدولية ، دار الجامعة الجديدة ، ط 2, 2005
8- الدكتور ماهر محمد صالح عبد الفتاح, إتفاق وحكم التحكيم فى المنازعات التجارة الدولية, رسالة دكتوراة, حقوق القاهرة,2004
9- عثمان حسين ، قانون التحكيم الجديد ، مجلة المحاماة ، السنة الرابعة والسبعون ، عدد يناير – أبريل 1995
10- وائل أنور بندق ، موسوعة التحكيم ( الاتفاقيات الدولية وقوانين الدول العربية ) دار الفكر الجامعى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق