الخميس، 2 أكتوبر 2014

إتفاقية نيويورك لعام 1958 بشأن الآعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية

ميثــاقحول الاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها

( تمت الموافقة على هذا الميثاق من قبل مؤتمر الأمم المتحدة المنعقد في نيويورك بتاريخ 10 حزيران سنة 1958 )
المادة الأولى :
1- ينطبق هذا الميثاق على الأمور التي تتناول الاعتراف بقرارات التحكيم الصادرة في الدول غير الدولة التي يراد تنفيذ تلك القرارات لديها ، والناشئة عن المنازعات القائمة بين الأفراد ، طبيعية كانت أم قانونية كما وينطبق أيضا على قرارات التحكيم التي لا تعتبر قرارات محلية لدى الدولة المراد تنفيذ تلك القرارات لديها
2- أن عبارة ( قرارات التحكيم ) لا تشمل فقط القرارات التي يصدرها المحكمون المعينون للبت في القضايا الافرادية بل تشمل أيضا القرارات التي تصدرها هيئات التحكيم الدائمية التي يخضع لها الفرقاء
3- لدى التوقيع على هذا الميثاق أو التصديق عليه أو التقيد بمضمونه أو الانضمام إليه بمقتضى أحكام المادة العاشرة منه ، يجوز لكل دولة على أساس المعاملة بالمثل أن تصرح بأنها ستطبق أحكام هذا الميثاق على الأمور المتعلقة بالاعتراف وبتنفيذ قرارات التحكيم الصادرة في أية دولة أخرى من الدول المتعاقد ، كما يجوز لها أن تصرح بأنها سوف تحصر تطبيق هذا الميثاق على المنازعات الناشئة عن العلاقات القانونية
( تعاقدية كانت أم غير تعاقدية ) والتي تعتبر بأنها ذات طابع تجاري بنظر القانون المحلي للدول التي تصدر مثل هذا التصريح
المادة الثانية :
1- على كل دولة من الدول المتعاقدة أن تعترف بالاتفاقيات الخطية التي يوافق الفرقاء فيها على أن يحيلوا إلى التحكيم أية منازعات تكون قد نشأت ( أو التي يمكن أن تنشأ) بينهم ويكون لها مساس بعلاقات قانونية محددة تعاقدية كانت أم غير تعاقدية وذلك فيما يتعلق بأي نزاع يمكن تسويته بطريق التحكيم
2- تشمل عبارة ( الاتفاق الخطي) الفقرة التحكيمية الواردة في أي عقد ، أو أية اتفاقية للتحكيم موقع عليها من قبل الفرقاء ، أو التي من الممكن استنتاجها من التحارير أو البرقيات المتبادلة بين الفرقاء
3- يتوجب على محكمة البلد المتعاقد التي تقام لديها قضية ذات علاقة باتفاقية معقودة بين الفرقاء ضمن منطوق هذه المادة ، أن تحيل ذلك النزاع إلى التحكيم وذلك بطلب من أحد الفرقاء : إلا إذا تبين للمحكمة بأن تلك الاتفاقية لاغية وباطلة ، أو أنها غير ملزمة ، أو أنه ليس في الإمكان تنفيذها
المادة الثالثة :
على كل دولة من الدول المتعاقدة أن تعترف بصحة قرارات التحكيم وتنفذها ، وذلك بمقتضى أصول المحاكمات المرعية الإجراء في البلد الذي يراد الاستناد إليها فيه ، وبمقتضى الشروط المبينة في المواد التالية ويجب أن لا تفرض على تنفيذ قرارات التحكيم التي ينطبق عليها هذا الميثاق أية شروط تكون أكثر قسوة (أو رسوم تكون أعلى ) من الشروط والرسوم المترتبة على تنفيذ قرارات التحكيم المحلية
المادة الرابعة :
1- من أجل الحصول على الاعتراف والتنفيذ المبحوث عنهما في المادة السابقة يتوجب على الفريق الذي يطلب مثل ذلك الاعتراف والتنفيذ أن يبرز ما يلي عند تقديمه الطلب :
أ- قرار التحكيم الأصلي المصدق ، أو صورة مصدقة عنه
ب- الاتفاقية الأصلية المبحوث عنها في المادة الثانية ، أو صورة مصدقة عنها
2- إذا لم يكن قرار التحكيم أو الاتفاقية منظمين بالغة الرسمية للبلد المراد الاستناد إليهما فيه ، فيتوجب على الفريق الذي يطالب بالاعتراف بذلك القرار وتنفيه أن يبرز ترجمات لهذه المستندات بتلك اللغة ، ويتوجب المصادقة على تلك الترجمات من قبل مترجم محلف أو من قبل موظف دبلوماسي أو قنصلي
المادة الخامسة :
1- يجوز رفض طلب الاعتراف بقرار التحكيم وتنفيذه وذلك بناء على طلب المدعى عليه ، شريطة أن يقدم هذا الأخير إلى الجهة المقدم إليها ذلك الطلب إثباتا بما يلي :
أ- أن الفرقاء في الاتفاقية المبحوث عنها في المادة الثانية كانوا فاقدي الأهلية بموجب القانون الذي تخضع إليه تلك الاتفاقية ، أو ( في حالة عدم وجود الدليل على ذلك ) بمقتضى قانون البلد الذي صدر فيه قرار التحكيم – أو
ب- أن الفريق الذي صدر قرار التحكيم ضده لم يبلغ أي إشعار بتعيين المحكم ، أو بإجراءات التحكيم ، أو أنه كان غير قادر على عرض قضيته – أو
ج- أن قرار التحكيم يبحث في نزاع خارج عن نطاق الشروط التي تم بموجبها إحالة ذلك النزاع إلى التحكيم ، أو أنه يتضمن قرارات حول أمور خارجة عن نطاق التحكيم : ويشترط في ذلك أنه إذا أمكن فصل الأمور التي كانت معروضة للتحكيم عن الأمور التي لم تكن معروضة للتحكيم ، فيجوز الاعتراف بذلك الجزء من القرار الذي يتناول الأمور التي كانت معروضة للتحكيم ،وتنفيذه
د- أن تشكيل الهيئة التحكيمية ( أو أن إجراءات التحكيم ) لم تجر بموافقة الفرقاء أو في حالة عدم وجود موافقة كهذه فأن الإجراءات لم تكن متفقة مع قانون البلاد التي جرى فيها التحكيم
هـ أن قرار التحكيم لم يكتسب بعد صفة الإلزام بحق الفرقاء ، أو أنه قد فسخ أو أوقف مفعوله من قبل هيئة ذات اختصاص ، أو بمقتضى أحكام القانون الساري المفعول في البلاد التي صدر فيها قرار التحكيم المذكور
2- يمكن رفض الاعتراف بقرار التحكيم وتنفيذه إذا رأت السلطات في البلد المطلوب تنفيذ القرار فيه :
أ- أن موضوع الخلاف لا يمكن حله بطريق التحكيم بموجب قوانين ذلك البلد أو
ب- أن الاعتراف بذلك القرار وتنفيذه يناقض السياسة العامة لذلك البلد
المادة السادسة :
إذا قدم طلب لفسخ أو إيقاف العمل بقرار التحكيم إلى السلطة ذات الاختصاص بموجب المادة الخامسة الفقرة (أ) ، (هـ) فيجوز للمحكمة التي قدم إليها طلب تنفيذ قرار التحكيم ( إذا رأت من المناسب ) أن تؤجل إعطاء القرار بشأن تنفيذ قرار التحكيم ، كما ويمكنها بناء على طلب الفريق طالب التنفيذ ، أن تأمر بتقديم كفالة مناسبة
المادة السابعة :
1- أن نصوص الميثاق الحالي لا تؤثر على صحة الاتفاقيات المتعددة الأطراف أو على صحة الاتفاقيات الثنائية المتعلقة بتنفيذ قرارات التحكيم والتي تكون الدول المتعاقدة فرقاء فيها ، كما ولا تحرم أي فريق آخر ذا علاقة من حقه في الحصول على قرار تحكيم بالطريقة وإلى المدى المسموح به في القوانين أو المعاهدات المرعية الإجراء في البلد الذي يراد الاستناد إلى قرار التحكيم فيه
2- لا ينطبق بروتوكول جنيف لسنة 1923 ولا ميثاق جنيف المتعلق بتنفيذ قرارات التحكيم الأجنبية لسنة 1927 على الدول المتعاقدة ،وذلك بمجرد التقيد بأحكام هذا الميثاق ،وإلى المدى الذي يتم فيه هذا التقيد
المادة الثامنة :
1- يبقى هذا الميثاق مفتوحا لغاية 31 كانون الأول 1958 للتوقيع عليه بالنيابة عن أي عضو من أعضاء هيئة الأمم المتحدة ، أو بالنيابة عن أية دولة أخرى تكون عضواً ( أو ستصبح عضوا) في أية وكالة متخصصة من وكالات هيئة الأمم المتحدة ، أو من الدول التي تشترك في عضوية محكمة العدل الدولية ، أو بالنيابة عناية دولة تكون قد وجهت إليها الدعوة من قبل الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة
2- يجري التصديق على هذا الميثاق ، وتودع وثائق التصديق لدى السكرتير العام لهيئة الأمم المتحدة
المادة التاسعة :
1- يكون هذا الميثاق مفتوحا لانضمام كافة الدول المشار إليها في المادة الثامنة
2- يتم الانضمام إلى هذا الميثاق بإيداع طلب الانضمام لدى السكرتير العام لهيئة الأمم المتحدة
المادة العاشرة :
1- يجوز لأية دولة حين توقيعها على هذا الميثاق ، أو حين التصديق عليه الانضمام إليه ، أن تعلن تمديد تطبيقه بحيث يشمل كافة المناطق الواقعة تحت إشرافها الدولي ويصبح مثل هذا الإعلان ساري المفعول اعتباراً من تاريخ تطبيق الميثاق على الدولة ذات العلاقة
2- يمكن إجراء مثل هذا التمديد فيما بعد ،وذلك عن طريق إرسال إشعار بذلك إلى سكرتير عام هيئة الأمم المتحدة ، ويعتبر هذا الإجراء نافذ اعتبارا من اليوم التسعين الذي يلي اليوم الذي يتم فيه استلام الإشعار المبحوث عنه من قبل سكرتير عام هيئة الأمم المتحدة أو اعتبار من تاريخ تطبيق الميثاق لدى الدولة ذات العلاقة : أيهما يأتي ترتيبه أخيراً
3- بالنسبة للبلدان التي لم يشملها هذا الميثاق عند التوقيع عليه أو تصديقه أو الانضمام إليه ، يتوجب على كل دولة أن تبحث إمكانية اتخاذ الإجراءات اللازمة لتمديد تطبيق هذا الميثاق على تلك المناطق شريطة الحصول على موافقة حكومات تلك المناطق ، إذا كان مثل هذا الإجراء ضروريا لأسباب دستورية
المادة الحادية عشرة :
تطبق الأحكام التالية على الدولة الاتحادية ( غير الوحدوية ) :
أ- بالنسبة إلى مواد هذا الميثاق التي تدخل ضمن الصلاحيات التشريعية للدولة الاتحادية ، فأن التزامات الدولة الاتحادية يكون لها نفس المدى كالتزامات الدول المتعاقدة وغير الخاضعة إلى النظام الاتحادي
ب- بالنسبة إلى مواد هذا الميثاق التي تدخل ضمن الصلاحيات التشريعية للولايات أو المقاطعات الأعضاء في الاتحاد والتي بحسب النظام الدستوري للاتحاد لا تكون ملزمة على اتخاذ إجراء تشريعي معين ، يتوجب على الحكومة الاتحادية أن تحيط السلطات ذات العلاقة في تلك الولايات أو المقاطعات علما بهذه المواد مشفوعة بالتوصيات اللازمة وذلك في أقرب وقت ممكن
ج- يتوجب على الدولة الاتحادية المنضمة إلى هذا الميثاق ، بناء على طلب أية دولة من الدول المتعاقدة ( المبلغ إليها عن طريق السكرتير العام لهيئة الأمم المتحدة ، أن تبادر إلى تزويد تلك الدولة ببيان عن الوضع القانوني ، وعن التعامل المتبع في الاتحاد وفي الولايات التابعة له ، وذلك بالنسبة إلى نص معين من نصوص هذا الميثاق ، مع بيان مدى تقيد السلطات التشريعية بذلك النص أو بأية إجراءات أخرى
المادة الثانية عشرة :
1- يصبح هذا الميثاق نافذا في اليوم التسعين الذي يلي تاريخ إيداع الوثيقة الثالثة من وثائق التصديق أو الانضمام
2- كل دولة تصدق على هذا الميثاق أو تنضم إليه بعد إيداع الوثيقة الثالثة من وثائق التصديق أو الانضمام يصبح هذا الميثاق نافذا بحقها في اليوم التسعين من تاريخ إيداع وثيقة التصديق أو الانضمام المبحوث عنها
المادة الثالثة عشرة :
1- يجوز لأية دولة من الدول المتعاقدة أن تنسحب من هذا الميثاق وذلك بتقديم إشعار خطي بذلك إلى السكرتير العام لهيئة الأمم المتحدة ويتم الانسحاب بعد انقضاء سنة واحدة على تاريخ استلام الإشعار من قبل السكرتير العام
2- أية دولة من الدول التي تكون قد تقدمت بتصريح أو إشعار بمقتضى أحكام المادة العاشرة من هذا الميثاق يجوز لها في أي وقت لاحق ، وبإشعار ترسله إلى السكرتير العام لهيئة الأمم المتحدة ، أن تعلن أن هذا الميثاق لم يعد معمولا به في المنطقة ذات العلاقة وذلك بعد انقضاء سنة واحدة على تاريخ استلام الإشعار من قبل السكرتير العام
3- يظل هذا الميثاق مطبقا على قرارات التحكيم التي اتخذت بشأنها الإجراءات اللازمة من أجل الاعتراف بها أو تنفيذها قبل تاريخ الانسحاب
المادة الرابعة عشرة :
لا يحق لإحدى الدول المتعاقدة أن تلجأ إلى تطبيق هذا الميثاق ضد الدول المتعاقدة الأخرى ما لم تكن تلك الدولة نفسها مقيدة بأحكام الميثاق وإلى نفس المدى
المادة الخامسة عشرة :
على السكرتير العام لهيئة الأمم المتحدة أن يبلغ الدول المبحوث عنها في المادة الثامنة بما يلي :
أ- التوقيع والتصديق بمقتضى المادة الثامنة
ب- الانضمام بمقتضى المادة التاسعة
ج- التصريحات والإشعارات بمقتضى المواد الأولى والعاشرة والحادية عشرة
د- تاريخ بدء العمل بهذا الميثاق بمقتضى المادة الثانية عشرة
هـ الانسحابات والإشعارات بمقتضى المادة الثالثة عشرة
المادة السادسة عشرة :
1- يجري إيداع هذا الميثاق في أرشيف هيئة الأمم المتحدة ، وقد تم وضعه باللغات الصينية والإنكليزية والفرنسية والروسية والإسبانية وتعتبر هذه الصيغ بأجمعها صحيحة : على قدم المساواة فيها بينها
2- على السكرتير العام لهيئة الأمم المتحدة أن ترسل صورة مصدقة من هذا الميثاق إلى الدول المبحوث عنها في المادة الثامنة .

الخميس، 7 أغسطس 2014

استحواذ الشركات وموقف الفقه منه عبد المجيد بن صالح المنصور

استحواذ الشركات وموقف الفقه منه 
 
عبد المجيد بن صالح المنصور
المعهد العالي للقضاء

يعتبر الاندماج والاستحواذ طوق نجاة لتجنّب الإفلاس، ويعيش العالم حاليا أزمة طاحنة بدأت إرهاصاتها في صورة اضطراب للقطاع المالي العالمي، ثم امتدت إلى باقي القطاعات الأخرى، وأصبح العالم مهدداً بضغوط انكماشية حادة.

إن التداعيات السلبية للأزمة المالية جعلت من الضروري التفكير قدماً في حل ناجح يقي جميع المؤسسات وأموال المساهمين من أزمات مستقبلية، وينقذها من مغبة الإفلاس والتهاوي.

ولابد من الاستفادة القصوى من الأزمة المالية خاصة في الأسواق المالية، على أن تكون هذه الاستفادة من خلال توجيه جزء من الاستثمارات الخارجية وتوظيفها في السوق المحلي.
وأصبحت عمليات الاستحواذ بين الشركات أحد أبرز الخيارات المطروحة علي الساحة المالية العالمية والإقليمية والمحلية لمواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية التي أفرزت واقعاً يهدد الكثير من الكيانات الاقتصادية بالإفلاس أو التصفية.

قد يكون الاندماج أو الاستحواذ عاملاً أساسياً في تحويل المجموعات الكبرى من متعثرة إلى كيانات مليئة، خاصة وأن الاندماج أو الاستحواذ سيؤثر فيها بشكل إيجابي من خلال تجميع حزمة من الأصول التابعة تحت مظلة واحدة، الأمر الذي سيجعلها في عيون المؤسسات المالية والمصرفية مليئة، وهو الحال الذي تعمل عليه شركات كبرى في الوقت الحالي(1).

إن عمليات الاندماج والاستحواذ ما بين الشركات ليست ظاهرة جديدة، حيث هي نتيجة طبيعية للعولمة وانفتاح الأسواق، فكلما زادت حرية التجارة والانفتاح الاقتصادي ٍزادت عمليات الاندماج والاستحواذ، ولأن نجاح أي استثمار يعتمد على تحقيق فرص المنافسة والذي يحتاج بدوره إلى بيئة قانونية صالحة تحكم عمليات الاندماج والاستحواذ، وتتضمن العديد من الإجراءات والواجبات وتُرتب الحقوق التي تضمن تحقيق المساواة في الحصول على المعلومات ذات العلاقة وحماية المستثمرين الصغار منهم قبل الكبار، إضافة إلى ضبط عملية الإفصاح ليكون كاملاً وعادلاً ثم إتاحة الوقت الكافي للمستثمرين لاتخاذ القرار بالمساهمة(2).

وفيما يتعلق بالأسباب الباعثة للاستحواذ، فإن الشأن فيه لا يختلف كثيراً عن الأسباب الباعثة على الاندماج، ويمكن تلخيصها في الأسباب الآتية:

السبب الأول: هو رغبة الشركة المستحوذة دخول سوق جديدة، فإذا أرادت شركة ما أن تدخل سوقاً جديدة، فإن أول خيار أمامها هو البحث عن شركة تعمل في نفس مجالها، وتقوم بعملية الاستحواذ عليها، ومن ثم تكون قد دخلت السوق بأقصر الطرق، وإن زادت التكلفة عليها بعض الشيء، ولكن الشركات التي تتخذ هذه السياسة يكون ما تفكر فيه هو عملية دخول السوق المستهدفة بأسرع وقت، ولا تبالي إذا ارتفعت التكلفة من عدمه إذا كان اختيارها للشركة المستحوذ عليها مدروساً بدقة؛ لأن ذلك يضمن لها سوقاً جديدة، تستطيع من خلالها مضاعفة مبيعاتها، فضلاً إذا كانت هذه السوق تتميز بزيادة الطلب على منتجات هذه الشركة المستحوذة.

السبب الثاني: يتمثل في الاستفادة من اقتصاديات الحجم الكبير أو تخفيض التكلفة المصاحبة لإنتاج عدد أكبر من المنتجات أو الخدمات، وذلك من خلال خفض عدد العاملين الناتج عن دمج الأقسام المتماثلة على سبيل المثال.

السبب الثالث: قد يهدف الاستحواذ السيطرة على نصيب أكبر من مخرجات القطاع الذي تنتمي إليه كل من الشركتين طرفي الاستحواذ، ومن ثم زيادة قدرة كل من الطرفين على التأثير على اتجاهات الإنتاج والأسعار بالقطاع الذي ينتميان إليه، وعلى المنافسة ومواجهة المنافسة القوية بالسوق المحلي أو العالمي بزيادة منتجاتها أو إدخال منتجات جديدة لها لم تكن تنتجها من قبل.

السبب الرابع: كذلك، تهدف العديد من الشركات إلى ضمان استمرار تدفق مستلزمات الإنتاج والسيطرة على أسعارها؛ سعياً وراء التحكم في تكلفة الإنتاج، وذلك عن طريق الاستحواذ على شركات تمثل مخرجاتها النهائية مستلزمات أساسية لتشغيل الشركات المستحوذة.

السبب الخامس: هو رغبة الشركة المستحوذة في احتكار السوق وإقصاء المنافسين من أمامها لكي تنفرد بالسوق، وتكون تكلفة شراء هذا النوع من الشركات هو الأعلى تكلفة على الشركة المستحوذة؛ لأن الشركة المستحوذ عليها لابد أن يكون المبلغ المقدم لها مغرياً بالدرجة التي تؤدي إلى تنازلها عن السوق للشركة المستحوذة(3).

السبب السادس: تلجأ بعض الشركات الضعيفة والمتعثرة والمهددة بالإفلاس إلى طريقة الاستحواذ كحل للهروب من شبح الإفلاس ومن ثم التصفية، والهروب من مطالبات ودعاوى ذوي الحقوق، وحتى تقوي مركزها المالي بنقل موجوداتها إلى شركة أخرى، وتتخلص من التزاماتها التي أنهكتها، وتجعلها في ذمة الشركة المستحوذة عليها، وتصبح بذلك مليئة، الأمر الذي سيجعلها في عيون الدائنين أكثر قدرة على الوفاء بالتزاماتها.
وتلجأ بعض الشركات التي تحقق ربحاً عالياً من الاستحواذ على شركات صغيرة تعمل في ذات المجال تحقق خسائر أو ربحية متدنية من أجل تخفيض حجم الضرائب التي تدفعها سنويا.
يمثل الاستحواذ تنويعاً في الاستثمارات الذي يهدف إلى ضمان استمرار تحقيق الشركة المستحوذة لمعدلات نمو مستقرة في الأرباح، وتجنب التذبذب في الأرباح المحققة، ما يكسب المستثمرين طويلي الأجل الثقة في الشركة المستحوذة وفي إدارتها(4).

ولأهمية الاستحواذ كحل لتلافي الإفلاس فإن الحديث عنه في ستة مسائل:

المسألة الأولى: تعريف الاستحواذ.
المسألة الثانية: الفرق بين الاندماج والاستحواذ.
المسألة الثالثة: أنواع الاستحواذ.
المسألة الرابعة: أثر الاستحواذ على الشخصية الاعتبارية للشركة المستحوذ
ليها.
المسألة الخامسة: أثر الاستحواذ على ديون الشركة المستحوذ عليها.
المسألة السادسة: موقف الفقه من الاستحواذ.

المسألة الأولى: تعريف الاستحواذ:

الاستحواذ : عقد يتم بين شركتين, الأولى كبيرة وقوية, والثانية ضعيفة وأقل قوة, عن طريق سيطرة الأولى على الثانية من خلال شراء جميع أو 51% من أسهمها غير المسددة، أو عن طريق شراء أصولها، ونتيجة هذه العملية هي اختفاء الشركة المباعة, ونشاط أكبر للشركة المستحوذة(5).

وعرفه بعضهم بأنه: شراء شركة لأصول وموجودات شركة أخرى وانتقال ملكيتها إلى الشركة المستحوذة(6).

وقيل: هو شراء شركة لشركة أخرى وتكون الشركة المستحوذ عليها أصغر من المستحوذة، و هو أحد أشكال الاندماج، وتتبع الشركة المستحوذ عليها الشركة المستحوذة في كل تعاملاتها، وتمتلك المستحوذة كل أسهم الشركة المستحوذ عليها بنسبه 100 % من رأس مالها، وقيل: هو حصول أحد الشركات على كل أو غالبية الأسهم العادية لشركة أخرى (الأسهم التي لها حق التصويت)، إذا تمكنت الشركة المستثمرة من حيازة نسبة من أسهم الشركة الأخرى ( 51% مثلاً) تمكنها من السيطرة المالية والإدارية على أنشطتها، فتصبح الشركة المستثمرة شركة قابضة، بينما تصبح الشركة المراد الاستحواذ عليها شركة تابعة دون زوال الصفة القانونية لإحدى الشركتين، وبالتالي تقوم بإعداد قوائم مالية مستقلة، وفي الناحية العملية هما كيان اقتصادي واحد، الأمر الذي يتطلب أن يتم إعداد قوائم مالية موحدة لتوضيح التغيرات، ونتائج العمليات في المركز المالي للمجموعة، ككل بما تتضمنه من شركة قابضة و شركات تابعة(7).

وهناك تعريفات أخرى وكلها متقاربة تبين حقيقة الاستحواذ، وكيف يكون بين الشركات، ومن مجموعها يتبين أن للاستحواذ أربعة عناصر وأركان مهمة هي:

العنصر الأول: لابد من عقد على عملية الاستحواذ يتم بموجبه شراء، -وليس نقل- الأصول والموجودات للشركة المستحوذة، وكذلك نقل الالتزامات.

العنصر الثاني: أن تكون الشركة المستحوذة من الشركات الكبيرة أو الأقوى، وتكون الشركة المستحوذ عليها شركة أصغر وأضعف منها في المركز المالي.

العنصر الثالث: لابد لكي يتم الاستحواذ أن تشتري الشركة المستحوذة نسبة كبيرة من أصول الشركة المستحوذ عليها بشراء جميع أو 51% من أسهمها غير المسددة بحيث تمتلك قوة تصويتية غالبة في مجلس الإدارة.

العنصر الرابع: لابد بعد الاستحواذ من اختفاء الشركة المباعة المستحوذ عليها، حيث تكون الشركة المستحوذ عليها شركة (تابعة)، وتكون الشركة المستحوذة شركة (قابضة) تسيطر على كل أنشطتها وتعاملاتها، دون زوال صفتها الشخصية.



****************************
(1)
ينظر: موقع مجلة المدير المالي:
(2)
ينظر: مقال الاندماج والاستحواذ في موقع إيلاف، المحامي: عبد الرزاق عبد الله (3) ينظر: مقال (9 شركات كويتية أعلنت خلال 2009 رغبتها بالا « المزايا»الوحيدة التي أعلنت عدم المضي في اندماجها مع شركتها التابعة « دبي الأولى») منشور في موقع الرؤية للخدمات الإعلامية:
(4)
ينظر: مقال (9 شركات كويتية أعلنت خلال 2009 رغبتها بالا « المزايا»الوحيدة التي أعلنت عدم المضي في اندماجها مع شركتها التابعة « دبي الأولى») منشور في موقع الرؤية للخدمات الإعلامية:
(5)
ينظر: منتدى الإمارات الاقتصادي
(6)
ينظر: ينظر: موقع مجلة المدير المالي:
(7)
ينظر: موقع محاسبة دوت نت:
ومن أشهر الأمثلة للاستحواذ في الوقع، ما كان سوف يحدث بين شركتي مايكروسوفت وياهو عندما عرضت مايكروسوفت شراء ياهو، ولم تقبل ياهو حينها؛ لأن العرض المقدم لم يعجبها، ومن عالم السيارات: شركة شيفروليه استحوذت على شركة دايو، ومن عالم الموبايلات: شركة HTC استحوذت على شركة Dopod، ومن عالم الكومبيوتر والالكترونيات: شركة Lenovo استحوذت على شركة IBM، ومن عالم الصناعات الغذائية: شركة المراعي تستحوذ على 75 % من أسهم شركة طيبة للاستثمار والصناعات الغذائية المتطورة الأردنية عن طريق شركة المراعي القابضة ذ.م.م، إحدى الشركات المملوكة للمراعي بنسبة 100 في المائة، مع احتفاظ المالك السابق السادة عائلة خليل، بالحصة المتبقية، ما نسبته 25 في المائة.


المسألة الثانية: الفرق بين الاندماج والاستحواذ:
أحياناً يستخدم تعبيري الدمج والاستحواذ كمترادفين في العديد من الدراسات، ويرجع ذلك إلى أن كل واحد منهما يعرف على أنه أداة للاستفادة من التوسع في النشاط الرئيسي لشركة ما، أو زيادة درجة تنافسية شركة ما، أو خفض تكاليف تشغيل الشركة من أجل زيادة كفاءة تشغيل الشركة الدامجة أو المستحوذة، وزيادة معدلات الربحية فيها، وذلك من خلال محاولة السيطرة على شركة أخرى تعمل في ذات النشاط أو في نشاط مكمل سواء من خلال الشراء لنسبة مسيطرة وحاكمة من الأسهم المكونة لرأس المال قد تصل إلى كامل الأسهم المكونة لرأس مال الشركة المستحوذ عليها (الاستحواذ). أو من خلال ضم أو دمج شركة أخرى بالكامل في الشركة الدامجة (الاندماج).
ويتمثل الفرق بين الاندماج والاستحواذ بالنظر إليهما من جانبين، الأول: من الجانب القانوني للشركة، والثاني: الجانب العملي:
الجانب الأول: من الجانب القانوني: يتمثل في مدى استمرار أو انتهاء الكيان القانوني للشركة المندمجة أو المستحوذ عليها، بمعنى أن الاستحواذ يعنى شراء نسبة حاكمة ومسيطرة قد تصل إلى 100 % من أسهم الشركة المستحوذ عليها مع بقاء الشخصية المعنوية (الكيان القانوني) للشركة المستحوذ عليها كما هو دون تأثير، وتقوم بعملياتها بالشكل المعتاد، ومن ثم يمكن للشركة المستحوذة إعادة بيع ما امتلكته من أسهم في الشركة المستحوذ عليها مرة أخرى لمستثمرين آخرين في حالة الرغبة في ذلك.
أما الاندماج فانه يعني -كما سبق في الفصل السابق- انتهاء الشخصية الاعتبارية (الكيان القانوني) للشركة المندمجة وإلغاء قيدها كاسم تجارى منفصل في السجل التجاري للشركات، بمعنى ذوبان الكيان القانوني للشركة المندمجة في الكيان القانوني للشركة الدامجة، وقد ينتج عن الاندماج ذوبان الكيان القانوني لكل من الشركة الدامجة والشركة المندمجة وظهور كيان قانوني جديد (اسم تجارى جديد)، أي اندماج شركتين من أجل إنشاء شركة جديدة تحت اسم جديد بذات الموجودات والمطلوبات الخاصة بكل من الشركتين الدامجة والمندمجة.
الجانب الثاني: من الجانب العملي: أنه غالباً ما يكون الاستحواذ عملاً عدائياً أي يتم من جانب الشركة المستحوذة دون رضاء أو موافقة الإدارة في الشركة المستحوذ عليها، وقد ينتج عنه تغيير في إدارة الشركة المستحوذ عليها، وفقا لرغبة الشركة المستحوذة المسيطرة على أسهم التصويت في الشركة المستحوذ عليها، وغالباً ما يتم نقل ملكية أسهمها إلى مساهمي الشركة المستحوذة، إما عن طريق الدفع النقدي أو عن طريق سندات دين، وبذلك تتمكن الشركة المستحوذة من السيطرة على الأصول الثابتة للشركة المستحوذ عليها وموجوداتها ومطلوباتها، أما الاندماج فعادة يتم بالاتفاق بين إدارتي كل من الشركة الدامجة والمندمجة وبموافقة الجمعية العامة لكل منهما؛ نظراً لما يمثله الاندماج من مصلحة مشتركة لكلا الطرفين، ويحتفظ المساهمون في الشركتين بأسهمهم في الكيان الجديد، أو في الشركة الدامجة، وبالتالي يتحولون إلى مساهمين في الشركة الجديدة (8).
ويرى بعض الاقتصاديين( 9) أن الفرق بين الدمج والاستحواذ في أن خيار الاستحواذ يعتبر أحياناً مرحلة تمهيدية لعملية الدمج لتلاشي الإجراءات الكثيرة الخاصة بعملية الدمج(10 )، وتلتزم الشركة المستحوذة بالتطوير والحفاظ على العمالة، وتقوم بالهيكلة الإدارية والمالية تمهيداً للوصول إلى مرحلة الاندماج بين الشركتين، ووقتها سوف تنتهي الشخصية الاعتبارية للشركة المستحوذ عليها التي اندمجت بعد ذلك.
المسألة الثالثة: أنواع الاستحواذ:
يتنوع الاستحواذ إلى نوعين باعتبارين، باعتبار نوع المشترَى، وباعتبار كميته.
النوع الأول: باعتبار نوع المشترى، وينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: استحواذ عن طريق شراء الأسهم: ويقصد به قيام الشركة المستحوذة بشراء أسهم الشركة المستحوذ عليها من خلال عرض شراء يقدم لمساهمي الشركة المستحوذ عليها، وسداد قيمة هذه الأسهم نقدا، أو مبادلتها بأسهم في الشركة المستحوذة يحصل عليها مساهمو الشركة المستحوذ عليها.
القسم الثاني: استحواذ عن طريق شراء الأصول: ويقصد به قيام الشركة المستحوذة بشراء كامل أصول الشركة المستحوذ عليها نقدا، حيث تقوم الشركة المستحوذ على أصولها بتوزيع مقابل الأصول المستحوذ عليها على مساهميها، وذلك تمهيداً لتصفية الشركة المستحوذ عليها، أو أن تستخدم الشركة المستحوذ على أصولها مقابل الأصول في تغيير نشاطها الرئيسي( 11).
النوع الثاني: أقسام الاستحواذ باعتبار كميته، وينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: استحواذ كلي بشراء جميع أصول الشركة المستحوذ عليها.
القسم الثاني: استحواذ جزئي بامتلاك جزء من أسهم تلك الشركة، وغالبا ما تتطلع الشركات المستحوذة (المشترية) عند الشراء الجزئي، إلى أن تكون كمية الأسهم المستحوذ عليها 51% فأكثر بحيث تمتلك قوة تصويتية غالبة في مجلس الإدارة، وتمكنها من التحكم في قرارات مجلس الإدارة للشركة، أو المشاركة الفعالة في إصدارها، وتسمى الأسهم في هذه الحالة أسهماً إستراتيجية(12 ).
المسألة الرابعة: أثر الاستحواذ على الشخصية الاعتبارية للشركة المستحوذ عليها:
إن أهم عناصر الاستحواذ بقسميه، وأهم ما يميزه عن الاندماج بقاء شخصية الشركة المستحوذ عليها، كما هي دون تأثير، فلا تنقضي أو تنحل بالاستحواذ كما هو الشأن في كل شركة تابعة، إلا إذا كان الاستحواذ مرحلة تمهيدية للاندماج، فتنقضي بالاندماج لا بالاستحواذ.
 وبناء على هذا يمكن للشركة المستحوذة إعادة بيع ما امتلكته من أسهم في الشركة المستحوذ عليها مرة أخرى لمستثمرين آخرين في حالة الرغبة في ذلك.

المسألة الخامسة: أثر الاستحواذ على ديون الشركة المستحوذ عليها.
إن من أهم أسباب سعي بعض الشركات للاستحواذ تخفيف مسؤوليتها من الديون والالتزامات التي أحاطت بها، ولهذا فإن من طبيعة الاستحواذ أنه يتضمن التزام الشركة المستحوذة بضمان أموال الدائنين والعاملين في الشركة المستحوذة، فالشأن في هذه الميزة كالشأن في الاندماج، وهي من نقاط التوافق بين الاستحواذ والاندماج.
فيترتب على الاستحواذ نقل المسؤولية عن الديون من الشركة المستحوذ عليها، التي أصبحت شركة تابعة إلى الشركة المستحوذة التي أصبحت شركة قابضة بامتلاكها نسبة كبيرة من أسهم أو أصول الشركة المستحوذ عليها.
المسألة السادسة: موقف الفقه من الاستحواذ:
لئن كان الاندماج والاستحواذ يتفقان في كثير من البواعث والعناصر وبعض الآثار، فإنه لا يعني ذلك بالضرورة الاتفاق في التكييف الفقهي من كل وجه، وبإمعان النظر في الاستحواذ بقسميه من الناحية القانونية، وملاحظة بعض خصائصه وعناصره، تجد أنه مركب من تكييفين فقهيين، عقد بيع وعقد حوالة دين على الشركة المستحوذة، وبيانهما كتالي:
عقد بيع باعتبار أن الشركة المستحوذ عليها تبيع حصة كبيرة من أسهمها، أو تبيع كل أصولها، والشركة المستحوذة هي المشترية للأسهم؛ لأنها تقدم للمساهمين عرضاً لشرائها، وتسدد قيمتها نقداً، أو بمبادلتها بأسهم في الشركة المستحوذة يحصل عليها مساهمو الشركة المستحوذ عليها.
وهذا التكييف لا يصح في الاندماج؛ لأن الاندماج نقل للأصول والموجودات ليكون رأس مال في شركة جديدة أو شركة قائمة مع زوال شخصية الشركة المندمجة، وليس فيها بيعاً أو شراء لأصول أو أسهم كما هي الحال في الاستحواذ.
وعقد حوالة باعتبار أن جميع ديون الشركة المستحوذ عليها والتزاماتها تنقل إلى الشركة المستحوذة، وهذا النقل هو ما يسمى في الفقه بحوالة الدين، ويحتمل أن يكون كفالة بشرط براءة الأصيل، فالشركة المستحوذة هي الكفيلة المتحملة لديون الشركة المستحوذ عليها بشرط براءة الشركة المستحوذ عليها، وهي الأصيل، وقد يؤيد هذا أن العبرة في العقود بالمعاني لا بالألفاظ والمباني، ويقول فقهاء الحنفية تطبيقًا لهذه القاعدة: ( إن الكفالة بشرط براءة الأصل حوالة، والحوالة بشرط عدم براءة الأصل كفالة)( 13)، وهي جائزة عندهم، وقد أخذ به مجمع الفقه الإسلامي( )،والمجلس الشرعي لهيئة المحاسبة في معيار الحوالة(14 )
ويلحظ في خلاصة التكييف أن الاستحواذ بنوعيه يمكن أن تكون صورته عقد بيع بشرط نقل الديون والالتزامات التي على البائع إلى المشتري، ولا إشكال فيه وقد رضي الدائنون (المحال) بذلك، ورضيت الشركة المحال عليها بالحوالة، ولا يدخل في نهي النبي e، عن (سلف وبيع)؛ لأن المراد بالسلف هنا القرض أي: لا يحل بيع مع شرط قرض بأن يقول بعتك هذا العبد على أن تسلفني ألفا، وقيل: هو أن تقرضه ثم تبيع منه شيئا بأكثر من قيمته، فإنه حرام؛ لأنه إنما يقرضه ليحابيه في الثمن، فيدخل في حد الجهالة، ولأن كل قرض جر منفعة فهو ربا( 15)، وفي مسألة الاستحواذ إسقاط لدين الشركة المستحوذ عليها(وهي البائع)، وليس فيه شغل لذمتها كما في سلف وبيع، ولأن الحوالة كما يقول ابن تيمية رحمه الله( 16) من جنس إيفاء الحق لا من جنس البيع، فإن صاحب الحق إذا استوفى من المدين ماله كان هذا استيفاء، فإذا أحاله على غيره كان قد استوفى ذلك الدين عن الدين الذي في ذمة المحيل، والله أعلم.
 *********
 (8) ينظر: مقال (9 شركات كويتية أعلنت خلال 2009 رغبتها بالا « المزايا»الوحيدة التي أعلنت عدم المضي في اندماجها مع شركتها التابعة « دبي الأولى») منشور في موقع الرؤية للخدمات الإعلامية: http://www.arrouiah.com/node/234502
وينظر: موقع منتدى الإمارات الاقتصادي على الرابط:http://www.uaeec.com/vb/t140757.html
وينظر: موقع مجلة المدير المالي: http://financialmanager.wordpress.com/2010/02/03/rp/
وينظر: موقع دليل المحاسبين: http://www.jps-dir.net/Forum/forum_posts.asp?TID=5663
وينظر: مقال الاندماج والاستحواذ في موقع إيلاف، المحامي:عبد الرزاق عبد الله http://www.elaph.com/ElaphWeb/Economics/2007/10/275478.htm
(9) ومنهم الدكتورة سميحة القليوبي، ينظر: منتديات المجموعة المصرية للخدمات المالية
http://forum1.esgmarkets.com/showthread.php?t=3819&page=70
(10) وهذا ما حصل عندما استحوذ بنك مصر على بنك القاهرة في ظل الأزمة المالية المعاصرة.
([1]) ينظر: مقال (9 شركات كويتية أعلنت خلال 2009 رغبتها بالا « المزايا»الوحيدة التي أعلنت عدم المضي في اندماجها مع شركتها التابعة « دبي الأولى») منشور في موقع الرؤية للخدمات الإعلامية: http://www.arrouiah.com/node/234502
(11)  ينظر: منتدى الإمارات الاقتصادي http://www.uaeec.com/vb/t140757.html
(12) ([1]) ينظر: تبيين الحقائق(4/153)، البحر الرائق(6/239).
(13) قرار المجمع 84 (1/9) بشأن: تجارة الذهب، الحلول الشرعية لاجتماع الصرف والحوالة، ونص ما جاء فيه: (ثانياً: بشأن الحلول الشرعية لاجتماع الصرف والحوالة: أ- الحوالات التي تقدم مبالغها بعملة ما ويرغب طالبها تحويلها بنفس العملة جائزة شرعاً، سواء أكان بدون مقابل أم بمقابل في حدود الأجر الفعلي، فإذا كانت بدون مقابل فهي من قبيل الحوالة المطلقة عند من لم يشترط مديونية المحال إليه، وهم الحنفية، وهي عند غيرهم سفتجة، وهي إعطاء شخص مالاً لآخر لتوفيته للمعطي أو لوكيله في بلد آخر . وإذا كانت بمقابل، فهي وكالة بأجر، وإذا كان القائمون بتنفيذ الحوالات يعملون لعموم الناس، فإنَّهم ضامنون للمبالغ، جرياً على تضمين الأجير المشترك).
(14) معيار الحوالة (5/1/2): (الحوالة المطلقة: هي التي لا يكون فيها للمحيل دين أو عين لدى المحال عليه، حيث يلتزم بأداء دين المحيل من مال نفسه، ثم يرجع بعد ذلك بما دفعه على المحيل إذا كانت الحوالة بأمره. وهي جائزة شرعاً).
(15) ينظر: مجموع الفتاوى(29/334)، و(29/62)، إعلام الموقعين(3/141).
(16)ينظر: مجموع الفتاوى(20/512)، إعلام الموقعين(2/10).