الثلاثاء، 21 أبريل 2015

المسئولية الجنائية في أعمال للبنوك

المسئولية الجنائية في أعمال للبنوك

تمهيد

كانت المسئولية الجنائية منحصرة في الماضي بالأشخاص  الطبيعيين  وان كان الإسلام قد فصل الذمة المالية لبيت المال - ولكن ذلك كان من الناحية المدنية أو التجارية .

إلا أن المسئولية الجنائية عرفت منذ عهد قريب في القانون الوضعي , رغم تباين الآراء والمذاهب بين مقرر ومستبعد إلا أن الدول المتقدمة في التنظيم القانوني ومنها قانون دولة الإمارات العربية المتحدة فقد حسم المشرع هذا الخلاف بأن قرر وجود الأشخاص الاعتباريين كما المسئولية الجنائية والعقوبة عليها .

كما جاءت بعض القوانين الخاصة مثل قانون المصرف المركزي وقانون تجريم غسيل الأموال وقررت على الأشخاص الاعتباريين عقوبات نصت عليها في متونها , ولأهمية عمل البنك في اقتصاديات الدول , اتجهت الى دراسة وضع البنوك جنائيا, لما له من اثر في تداعيات الأزمة العالمية .

في هذا البحث عرفت بعض المصطلحات الهامة به , ثم تطرقت الى مراحل تطور المسئولية الجنائية  وعرفت الشخص الاعتباري محل البحث وهو البنك وفصلت أعماله المذكورة في القانون , وبالفصل الثاني تكلمت عن الجرائم التي يتصور أن يرتكبها البنك  وفي ذات الفصل فصلنا الجرائم الواقعة على بطاقات الائتمان والجرائم المتعلقة بالصناديق الاستثمارية.

أما الفصل الأخير تكلمنا عن العقوبة سواء على الشخص الاعتباري أو الطبيعي وتطبيق العقوبة.

خاتمة البحث حكم طعن بالمحكمة الاتحادية العليا يبين بوضوح المسئولية الجنائية للبنوك .

هذا البحث جهد المقل رغم أهميته البالغة خصوصا ما أثارته الأزمة المالية الأخيرة وحدوثها جراء أعمال البنوك ومشاكل الائتمان , إلا أن الوضع القانوني لم يكتمل لوجود هذه القضايا بالمحاكم واستمرار تداولها .


أرجو أن أكون قد وفقت بطرح موضوع له أهميته على الساحة القانونية






التعريف بالمسئولية الجنائية للبنوك ومراحل تطورها

 المسئولية في اللغة :
  • المسئولية كلمة حديثة الاستخدام ليس لها قياس في الاشتقاق اللغوي , وإنما هي تعبير معاصر استخدمه أهل القانون (1) , وأصل الكلمة في اللغة من سئل يسأل سؤال واسم الفاعل منها سائل واسم المفعول مسئول (2) .
  • تعريف المسئولية في القانون : هي (( تحمل الانسان نتائج الأفعال المحرمة التي يأتيها مختاراً وهو مدرك لمعانيها ونتائجها )) (3)
  • تعريف البنك لغة : كلمة بنك اشتقت من الكلمة الايطالية " بانكو " ومعناها مصطبة وهي التي يجلس عليها الصرافون لتحويل العملة , ثم تطور ليصبح المنضدة , وكلمة بنك مرادفة لكلمة ( مصرف ) (4) والمصرف لغة : هو مكان الصرف وبه يُسمى البنك مصرفاً وصرف المال أنفقه والنقد بمثله بدلا .(5) وقد عرفه القانون : هي كل منشأة تقوم بصفة معتادة بتلقي الأموال من الجمهور على شكل ودائع تحت الطلب أو لإشعار أو لأجل أو تقوم بتوظيف سندات قروض أو شهادات إيداع لاستعمالها كلياً أو جزئياً في منح القروض و السلف لحسابها وعلى مسئوليتها , وتقوم المصارف التجارية كذلك بإصدار الشيكات وقبضها وطرح القروض العامة والخاصة والمتاجرة بالعملات الأجنبية وغير ذلك من العمليات المصرفية التي ينص عليها قانون التجارة أو قضى العرف أنها من أعمال المصارف التجارية. (6)  تعريف المسئولية الجنائية للبنك : " هي كل ما يترتب عن الجرائم البنكية والمنصوص عليها في النظام ,وإخلال البنك بها , وبتعليمات البنك المركزي في مجال توجيه الائتمان , والأعمال المصرفية والاستثمارية , وموافاته بالبيانات والمعلومات المتعلقة بأعماله وميزانياته , أو عند إخلاله بأصول وقواعد المهنة " . (7
  • 5. تعريف الشخصية الاعتبارية في الاصطلاح القانوني : هي مجموعة من الأشخاص أو الأموال تهدف الى تحقيق غرض معين وتتمتع بالشخصية القانونية  . (8)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. د.وهبة الزحيلي , نظرية الضمان في الفقه الإسلامي , دار الفكر , دمشق , الطبعة الثانية 1998 ص10 .
2. محمد بن يعقوب الفيروز أبادي , القاموس المحيط , مؤسسة الرسالة , بيروت , الطبعة الثانية 1407 ه .
3. عبد القادر عودة , التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا ً بالقانون الوضعي , مؤسسة الرسالة , بيروت , الطبعة التاسعة 1408 ه  ص25 .
4. عبد الهادي سويعي , اقتصاديات النقود والبنوك , دار الرجوي , القاهرة (د-ط-ت) ص94 .
5. أحمد بن محمد المقري , المصباح المنير , الملكية العلمية , بيروت 1/206 .
6. قانون المصرف المركزي والنظام النقدي وتنظيم المهنة المصرفية , قانون اتحادي رقم 10/1980 , المادة 78 .
7. سليمان بن ناصر العجاجي , المسئولية الجنائية عن أعمال البنوك الإسلامية , رسالة دكتوراة , 2007 الرياض .
8. معجم القانون , مجمع اللغة العربية , الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية , القاهرة 1420 ه ص104 .


ثانيا ًً:

  • تعريف المسئولية الجنائية في اللغة :  هي التزام الشخص بما يصدر عنه قولا وفعلا , فهي تعني المؤاخذة والتبعية " (1)
  • تعريف المسئولية الجنائية في الفقه  :  المسئولية هي إلزام شخص بضمان الضرر الواقع بالغير نتيجة لتصرف قام به  " (2)
  • تعريف الجريمة في القانون : الجريمة فعل غير مشروع صادر عن إرادة جنائية يقرر له القانون عقوبة أو تدبيرا احترازيا ً  " (3)

ثالثا ً: مراحل تطور مسئولية البنوك :


1. تطور المسئولية في الإسلام :
 إذا كان الفكر الإنساني قد اهتدى الى ضرورة إعلاء حقوق الانسان والانتصار له , فان الشريعة الإسلامية جاءت لحفظ مقاصدها في الخلق , وعليه فان النسيج المتكامل بين الحقوق والمصالح إنما هو مقياس لتحقيق الشريعة , وحفظ المشروعية في تقرير الحقوق , وقد أثبت الشارع الحكيم الأهلية الكاملة للشخص الطبيعي والمعنوي على السواء أداءا ً ووجوبا ً . (4)


2. تطور المسئولية الجنائية للبنوك في العصر الحديث
الى ما قبل الإسلام كانت المسئولية تعنى بالشخص الطبيعي ولم تظهر المسئولية الجنائية للشخص الاعتباري حتى ظهر النظام الرأسمالي الذي أطلق العنان لكل شخص في الحق بالتملك , والحرية من تداول الأموال , على أساس المصلحة الشخصية لكل نشاط , وقد سعى هذا النظام لتحقيق الاستفادة من الأموال الراكدة , فظهرت على الساحة الاقتصادية تلك الشخصيات المعنوية مع ما تمثله من أهمية في رفع الاقتصاد وما تشكله من خطر في إدارة وتشغيل الأموال في وجهة غير مشروعة بهدف جني الأرباح بكل الوسائل فخرجت جرائم لم تكن معروفة مسبقا كغسل الأموال والتجارة غير المشروعة الى أن انتهت الى سرقة الانسان جملة يباع بالتجزئة . (5)


ثم قامت ثورة البلاشفة (6) بدعوى حماية الانسان من استغلال الأشخاص المعنوية (الشركات) فظهر النظام الشيوعي الذي ألغى الأشخاص المعنوية وحل محلها , عندما أعلن ملكية الدولة لوسائل الإنتاج وقد انتهى هذا النظام أمام ثورة البيروسترويكا (7) , التي أعادت للإنسان حقوقه وحرياته , فبدأت الشخصيات المعنوية تشق طريقا للتطور .

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. الزبيدي , تاج العروس , دار مكتبة الحياة , بيروت , الطبعة الأولى 1997 , 1/7150 .
2. محمد قلعه جي وحامد صادق قنيبي , معجم لغة الفقهاء , دار النفائس , بيروت , الطبعة الثانية , 1408 ه ص425 .
3. د. محمود نجيب حسني , شرح قانون العقوبات , القسم العام ,  دار النهضة العربية , الطبعة السادسة , 1989 ص40 
4. سليمان بن ناصر العجاجي , المسئولية الجنائية عن أعمال البنوك الإسلامية ( مرجع سابق ) .
5. سليمان بن ناصر العجاجي ( مرجع سابق ) ص42 .
6. البلاشفة : الاسم الذي عرف به أتباع لينين في روسيا وتعني الأغلبية .
7. كلمة تعني التغير تبناها آخر رئيس للاتحاد السوفييتي ميخائيل جورباتشوف , وتعني إنتاج سبل جديدة في التفكير والسياسة والعلاقات  الدولية والاقتصاد .




أما النظم العربية , فقد انقسمت كعادتها في الأخذ بالنظريات المستوردة بين رأسمالية واشتراكية وجميعها لم تفلح , فالاشتراكية انهارت في 1990 والرأسمالية في طريقها للانهيار منذ 2008 وهناك صرخات من هنا وهناك للأخذ بالنظام الإسلامي لكونه من لدن حكيم  و عليم .

ولا شك بأن النظام القانوني بدولة الإمارات العربية المتحدة قد حسم أي خلاف قد يطرأ على الساحة الفكرية , وذلك بنص قانوني ذكره في المادة 65 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 وتعديلاته التي نصت على (( الأشخاص الاعتبارية فيما عدا مصالح الحكومة ودوائرها الرسمية والهيئات والمؤسسات العامة , مسئولة جنائيا عن الجرائم التي يرتكبها ممثلوها أو مديروها أو وكلاؤها لحسابها أو باسمها )) . (1)

ولم يشترط المشرع الإماراتي في ترتيب المسئولية الجنائية على الشركة أو المؤسسة بصفتها شخص اعتباري , تحديد الشخص المسئول عنها طالما أنه تم ذكر الشخص المشرف على موقع الحادث . (2)

وقد وفق المشرع لهذا النص مما يغلق باب الاختلاف في مسائلة الأشخاص المعنوية بذاتها أم مسائلة الشخص الطبيعي الفاعل للضرر أو الجريمة لما لهذه المؤسسات المالية من ضخامة وخطر على الاقتصاد يجعل عدم المسائلة سبيل للاسترسال في الأعمال الغير قانونية دونما رقيب آو حسيب , كما إن هذه الجرائم اكبر بكثير من إمكانية المدير أو الموظف التابع وكان لا بد من ملائمة للضرر وحجمه مما يتعدى إمكانية التابع لجبره

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1. قانون العقوبات الاتحادي رقم 3  تاريخ 8/12/1987 وتعديلاته .
2. المحكمة الاتحادية العليا , رقم 50/22 تاريخ 13/5/2000 , مجموعة الأحكام الصادرة من الدائرة الجزائية والجزائية الشرعية سنة 2000 ص243 .


  المبحث الثاني
تعريف البنوك وأعمالها مراحل تطورها

أولا ً: تعريف البنوك :

هو منشأة مالية تتاجر بالنقود ولها غرض رئيسي هو العمل كوسيط بين رؤوس الأموال التي تسعى للبحث عن مجالات الاستثمار وبين مجالات الاستثمار التي تسعى للبحث عن رؤوس الأموال . (1)

ثانيا ًً: أعمال البنوك :
مع اختلاف البنوك في هدف الاستثمار (تجاري , زراعي , صناعي , عقاري) إلا أننا سنفصل الأعمال المذكورة تفصيلا في الكتاب الثالث من قانون المعاملات التجارية رقم 18 لسنة 1993 .

1. الباب الأول : من المادة 371 الى المادة 389 , ويشمل :

أ - الودائع المصرفية .
ب-  التحويل المصرفي .

2. الباب الثاني : من المادة 390 الى المادة 408 , ويشمل : الحساب الجاري .

3. الباب الثالث : من المادة 409 الى المادة 439 , ويشمل :

    أ – القرض المصرفي
         ب-  الكفالة المصرفية  .
         ج- فتح الاعتماد .
         د- الاعتماد المستندي .

4. الباب الرابع : ويشمل المواد من 440 الى 449 , ويشمل  :

     أ – الخصم  . 
         ب-  الاعتماد بالقبول  .
         ج- تحصيل الأوراق التجارية  .

5. الباب الخامس : من المادة 450 الى المادة 477 , ويشمل   :

     أ – الإقراض بضمان الأوراق المالية
         ب-  وديعة الأوراق المالية  .
         ج- إيجار الخزائن . (2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1. سبق وان عرفنا البنك كما عرفه القانون الاتحادي رقم 80 لسنة 1980م .
2. قانون المعاملات التجارية , القانون الاتحادي رقم 18 لسنة 1993م , الكتاب الثالث .




ثالثاًً: مراحل تطور البنوك :

بداية الفكر كانت في ايطاليا كما ذكر سابقا , ثم انتشر في أوروبا واحضره الى الوطن العربي                    ( طلعت حرب) بمصر وقد كان البنك يقوم بعمليات عشوائية الى أن جاءت الدول ونظمت أعمال البنوك من خلال مجالس النقد أو المصارف المركزية .

وفي مطلع التسعينيات خرج لنا مفهوم جديد وهو البنوك الالكترونية أو بنوك الانترنت كتعبير متطور وشامل لمفهوم الخدمات المالية عن بعد وهي تعبير بقيام الزبائن بإدارة حساباتهم وانجاز أعمالهم المتصلة بالبنك عن طريق المنزل أو المكتب .


   المبحث الثالث
المسئولية الجنائية للبنوك

أن قواعد المسئولية المدنية – عقدية كانت أو تقصريه – هي بلا شك قواعد راسخة أفرزها التطور التشريعي المدني في المجتمعات الدولية في القرن العشرين , وبموجبها يتحمل كل شخص – طبيعي أو اعتباري – ما يترتب على خطئه أو إهماله من ضرر مادي أو معنوي يصيب الغير في حق من حقوقه المعتبرة قانوناً , إذا ما توافرت علاقة السببية بين الخطأ أو الإهمال من جهة وبين الضرر من جهة أخرى .

ويلتزم مرتكب الخطأ – قصدا أو إهمالا – بموجب هذه القواعد بجبر الضرر الناجم عن خطئه أو التعويض عنه بما يتناسب وقدر الضرر . (1)

أما أساس المسئولية الجنائية , فسأتناول أساسين هما الأساس الفلسفي و الأساس القانوني :

أولا ً: الأساس الفلسفي : انقسم الأساس الفلسفي الى ثلاث مذاهب , هما :

1. المذهب التقليدي :
بعد قيام الثورة الفرنسية قامت المسئولية الجنائية على أساس من فلسفة الاختيار ويسمى هذا المذهب بالمذهب التقليدي , ويرى أنصاره أن أساس المسئولية الجنائية يكمن في حرية الانسان في اختياره للتصرفات التي يأتيها , حيث لا يقبل العدل أن يعاقب شخص أجبر على فعلها , لان جوهر المسئولية هو اللوم من اجل السلوك المخالف للقانون , وليس له محل في مجال الإكراه , والأصل عند هؤلاء أن الانسان عند بلوغه التكليف يستطيع أن يدرك ويختار بين طريق الخير والشر , فان خالف القانون فقد أساء حرية الاختيار , فالأساس يرتبط بضمير الشخص فيكون محلا للمساءلة الجنائية . (2)

2. المذهب الواقعي أو الوضعي :
يقوم هذا المذهب على أساس إنكار حرية الاختيار , والأخذ بمذهب الجبرية والحتمية , ويقولون بأن المجرم لا يأتي الجريمة وهو مختار , بل يدفع إليها دفعا , لذلك لا يمكن أن يعاقب إلا إذا اعتبرت العقوبة وسيلة من وسائل الدفاع عن الجماعة وحمايتها , فيكون الأساس عندهم هو خطورة الفعل المرتكب على المجتمع(3)


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المستشار / محمد صبري نور , المسئولية المدنية للبنوك التجارية , مجلة العدالة العدد 115, 2003م ص17 
2- عبد القادر عودة , التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي , مؤسسة الرسالة , بيروت ص390.
3- محمد كما الدين إمام , المسئولية الجنائية أساسها وتطورها , دار الجامعة الجديدة , الإسكندرية , 2004م ص216 .



3. المذهب التوفيقي :

ويسمى بالمذهب الاختياري النسبي , ويرى أصحاب هذا المذهب أن كلا المذهبين ينطوي على الصواب والخطأ , فإرادة الانسان ليست حرة مطلقة , بل هناك عوامل كثيرة لها تأثير عليها , كما أن هذه العوامل ليست هي التي تحتم على الانسان أفعاله وتجبره عليها , وهذا الضرر يكفي لتكوين أساس أدبي للمسئولية الجنائية قوامه الإدراك والاختيار . (1)

إذا فالأساس الفلسفي لمسائلة البنك جنائيا عن أعماله قائم على أساس من المسئولية الاجتماعية والخطورة , وليست على أساس المسئولية والأخلاقية , كما يمكن تطويع العقوبات الخاصة بالشخص الطبيعي لتشمل الشخص الاعتباري لمواجهة خطره على السياسة الجنائية , كإيقاع عقوبة الحل للشخص المعنوي بدلا من عقوبة الإعدام للشخص الطبيعي , ووقف نشاطه بدل عقوبة الحبس .

ثانيا ًً: الأساس القانوني : لقد أصبح الشخص الاعتباري ظاهرة حضارية قائمة , والاعتراف بمسئوليتها جنائيا أمر تمليه الضرورة وتفرضه الحاجة الى مسايرة التقدم الصناعي ولا سيما الانفتاح التجاري تحت مضلة منظمة التجارة العالمية ,والتزام الدول الموقعة عليها , فترك الشخصيات المعنوية دون مساءلة جنائية تجعل الشركات تطلق يديها في سائر المجالات دون النظر الى شرعية عملها وخرقه للقوانين . (2)

لذا , فان دولة الإمارات العربية المتحدة وفي المادة 65/2 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 وتعديلاته قد نصت على (( ولا يجوز الحكم عليها بغير الغرامة والمصادرة والتدابير الجنائية المقررة للجريمة قانونا , فإذا كان القانون يقرر للجريمة عقوبة أصلية غير الغرامة , اقتصرت العقوبة على الغرامة التي لا يزيد حدها على خمسين ألف درهم ولا يمنع ذلك من معاقبة مرتكب الجريمة شخصيا بالعقوبات المقررة لها في القانون )) .

ثالثا ًً: شروط تحمل البنك للمسئولية الجنائية :

1. صدور الفعل المجرم من احد أعضائه.(الصفة) .

2. صدور العمل المجرم من صاحب الاختصاص وفي حدوده .

3. صدور الفعل بقصد تحقيق مصلحة للبنك .

4. ارتكاب الفعل من خلال شكل العمل الجماعي .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. المرصفاوي , قواعد المسئولية الجنائية , ص25 .
2. سليمان بن ناصر العجاجي (المرجع السابق) , ص94-97 .













الفصل الثاني
مسئولية البنك بصفته شخصاً اعتبارياً من الناحية الجنائية .

المبحث الأول
الجرائم المتعلقة بمخالفة الأنظمة القانونية



أولا ً: جريمة مخالفة تعليمات البنك المركزي :


البنك المركزي  هو الذي يتولى تنظيم عمل البنك والإشراف عليه , فهو يضع الضوابط والالتزامات للعمل المصرفي , وترتيب الجزاءات على مخالفتهما , وذلك لتحقيق التوازن بين الإنعاش الاقتصادي وحفظ أموال الأفراد بقصد حمايتها ومساءلة البنوك التي تخالف أحكامها والبنك المركزي يتحمل المسئولية تجاه السياسة النقدية في الدولة .

وقد انشأ بدولة الإمارات مصرف مركزي سمي " مصرف الإمارات العربية المتحدة "  وهي مؤسسة عامة لها الشخصية الاعتبارية وتتمتع بالأهلية القانونية اللازمة لمباشرة جميع الأعمال والتصرفات التي تكفل تحقيق الأغراض التي تقوم عليها .(1)

وقد نصت المادة "5" منه على أغراضه (( يقوم المصرف بتنظيم السياسة النقدية والائتمانية والمصرفية والإشراف على تنفيذها وفقا للخطة العامة للدولة وبما يساعد على دعم الاقتصاد القومي واستقرار النقد , ويكون للمصرف في سبيل تحقيق أغراضه ... 4- تنظيم المهنة المصرفية وتطويرها ومراقبة فعالية الجهاز المصرفي وفقاً لأحكام هذا القانون )) .

ولقد وضع القانون المذكور آنفا ً قواعد إجرائية اوجب على البنوك استكمالها , فقد ذكر بالمادة 79 منه على شكل المؤسسة المالية وهي أن تكون شركة مساهمة عامة , ثم تلا بمادة تحدد الحد الأولي من رأس المال , ثم جاء القانون بالقسم الثالث منه بذكر المحظورات التي يمتنع على البنك مباشرة أعماله إلا بعد استيفائها , وذلك بدا من المادة 83 منه .

وبالقسم الرابع ذكر الحظر من مزاولة الأعمال غير المصرفية (المادة 9 وما يليها) كما طالب القانون البنوك بتقديم البيانات والكشوف والمعلومات الإحصائية كما يحدد المصرف وذلك بالمادة 105 من ذات القانون .
وعليه , فان أية مخالفة لهذا الأنظمة ستعرض البنك للمساءلة التأديبية من قبل المصرف المركزي .


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. قانون المصرف المركزي والنظام النقدي وتنظيم المهنة المصرفية , قانون اتحادي رقم 10 لسنة 1980 وتعديلاته , المادة 2 .



ثانيا ً : جريمة إفشاء الأسرار المهنية :

السرية المصرفية هي  (( التزام موظفي المصارف  بالمحافظة على أسرار عملائهم وعدم الإفضاء بها للغير , باعتبار المصرف مؤتمنا عليها بحكم مهنته , خاصة وان علاقة المصرف مع عملائه تقوم على الثقة التي يكون عمادها كتمان المصرف لأسرار عملائه المالية )) (1) .


وقد نص قانون المصرف المركزي والنظام النقدي الإماراتي على حظر موظفي المصرف المركزي إفشاء الأسرار الواردة إليهم والمتصلة بالمهنة التي يزاولونها وذلك بالمادة 29 منه  , إذ نص على  (( يحظر على أي عضو من أعضاء مجلس الإدارة أو أي مدير أو أي من العاملين في المصرف أن يفشي للغير معلومات تتعلق بشؤون المصرف أو عملائه أو بشؤون المصارف أو المؤسسات الخاضعة لرقابة المصرف , ويكون قد حصل عليها بحكم عمله في المصرف ما لم يكن الإفضاء بهذه المعلومات تنفيذا لأحكام القانون )) .


أما بالنسبة لبقية موظفي الحكومة أو القطاع الخاص , فقد جرمه قانون العقوبات بالمادة 379 وعاقب من كان بحكم مهنته أو حرفته أو وضعه أو فئة مستودع سر فأفشاه في غير الأحوال المصرح بها قانونا أو استعمله لمنفعته الخاصة أو منفعة شخص آخر , وذلك ما لم يأذن صاحب الشأن في السر بإفشائه أو استعماله . (2)


وتقوم جريمة إفشاء أسرار المهنة :

1. الركن المادي : ويتمثل في إقدام الموظف أو من في حكمه بفعل الإفشاء , وان يكون ما تم إفشاءه سرا , وان يكون الحصول عليه بمناسبة المهنة ويستوي الإفشاء أن يكون كتابيا أو شفويا .

2. الركن المعنوي : ويتمثل في اتجاه الموظف في المصرف الى إفشاء الأسرار دون سبب مشروع , على الرغم من علمه بالحظر .

ويتضح مما سبق عدم وجود تشريع خاص لموظفي البنوك يتعلق بالسرية , وترتيب الجزاء الجنائي المناسب وذلك لخطورة الجريمة وعظم أضرارها على العميل .

فيستوي الموظف البسيط وموظف البنك في العقوبة رغم تباين الأضرار على العميل , وبغض النظر على السلطة التقديرية القاضي في العقوبة , فتبقى أضرار إفشاء السر المصرفي أشد خطورة من جرائم غلظت عقوباتها كالسرقة من قبل المستخدمين على سبيل المثال .

لذا فأنني أرى تنظيم ذلك بقانون يبين فيه خطورة الفعل ويشدد في العقوبة المفروضة على الموظف والبنك الذي يتبعه والمتضامن مدينا في جبر الأضرار .


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. يعقوب يوسف صرخوه , سر المهنة المصرفية في القانون الكويتي , دراسة مقارنة , كلية الحقوق , جامعة الكويت 1989 , ص14 .
2. قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 ,. المادة 379 , وتنص المادة بتقرير العقوبة بداية (( يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبالغرامة التي لا تقل عن عشرين ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين من كان ... )) .




ثالثا ً : الجرائم الواقعة على الأموال أو الماسة بالاقتصاد العام أو الداخلي  :

نص المادة 65 من قانون العقوبات الاتحادي قرر المسئولية الجزائية للأشخاص الاعتبارية عن الجرائم التي يرتكبها ممثلوها أو مديروها أو وكلائها لحسابها أو باسمها .

وتشمل جميع الجرائم المنصوص عليها في الباب الثامن من القانون , وهي الجرائم الواقعة على المال ( كالسرقة أو الجرائم المعلقة بها و الاحتيال , إعطاء شيك بسوء نية والجرائم الملحقة بها )              وكذلك الجرائم الماسة بالاقتصاد الوطني المذكورة في الفصل الثامن مع استبعادنا لحدوث مثل هذه الجرائم من البنوك أو أن تكون لها مصلحة في ذلك , ولكن لا تستبعد الجرائم الاقتصادية والتي قد تزيد من إرباح البنك أو عملائه .


رابعا ً : جريمة غسل الأموال  :

عرف القانون جريمة غسل الأموال (( 1- يعد مرتكبا جريمة غسل الأموال كل من أتى عمدا أو ساعده في أي من الأفعال التالية بالنسبة للأموال المتحصلة من أي جريمة من الجرائم المنصوص عليها في البند "2" من هذه المادة :

? تحويل المتحصلات أو نقلها أو إيداعها بقصد إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع لها .
? إخفاء أو تمويه حقيقة المتحصلات , أو مصدرها , أو مكانها , أو طريقة التصرف فيها , أو الحقوق المتعلقة بها أو ملكيتها .
? اكتساب أو حيازة أو استخدام تلك المتحصلات .

2- لأغراض هذا لقانون , تكون الأموال هي المتحصلة من الجرائم التالية :-
  • المخدرات والمؤثرات العقلية .
  •  الخطف والقرصنة والإرهاب .
  • الجرائم التي تقم بالمخالفة لأحكام قانون البيئة .
  •  الاتجار غير الشروع في الأسلحة النارية والذخائر .
  •  جرائم الرشوة والاختلاس والإضرار بالمال العام .
  •  جرائم الاحتيال وخيانة الأمانة وما يتصل بها .
  •  أية جرائم أخرى ذات الصلة والتي تنص عليها الاتفاقيات الدولية التي تكون الدولة طرفا فيها.(1)
وقد قرر القانون مسئولية البنك في المادة الثالثة منه , والتي تنص على (( تكون المنشآت المالية والمنشات الأخرى والتجارية والاقتصادية العاملة في الدولة مسئولة جنائيا عن جريمة غسل الأموال إذا ارتكبت باسمها أو لحسابها عمدا , وذلك دون إخلال بالجزاءات الدراية المنصوص عليها في القانون .

كما نصت المادة 11 من ذات القانون على أن هناك جهات رقابية ستضع الآليات المناسبة للتأكد من التزام المنشآت المشار إليها بالأنظمة واللوائح الخاصة بمواجهة غسل الأموال في الدولة , بما في ذلك رفع تقارير الحالات المشبوهة فور حدوثها الى الوحدة المشار إليها ... .

من ذلك يتبين بأن البنك مسئولا عن عدم تقديم البيانات والتقارير عن العمليات المشبوهة لأي من عملائه , كذلك إذا تمت العملية الحسابية ولمصلحة البنك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. قانون اتحادي رقم 4 لسنة 2002 , في شأن تجريم غسيل الأموال .






المبحث الثاني
الجرائم المتعلقة ببطاقة الائتمان

بطاقة الائتمان : هي (( مستند يعطيه مصدره لشخص طبيعي أو اعتباري بناءا على عقد بينهما , يمكنه من شراء السلع أو الخدمات دون دفع ثمنها حالا , لتضمنه التزام المصدر بالدفع )) . (1)


أما بطاقة الصراف الآلي فهي :

أ‌ لا تصدر إلا لمن له رصيد بالبنك .
ب‌ لا تسمح بالصرف من غير رصيد حاملها .
ج‌ أنها بدون مقابل .
د‌ هي محلية في محيط جغرافية الدولة , وقد تتسع حسب ربط أجهزة الصرف الآلي بالدول الأخرى .
ه‌ يتم الخصم فور استخدامها , بالاستلام للمبلغ أو بالتحويل عليه .
و‌ ومن خدماتها أن لحاملها الصرف من شبكات بنوك أخرى . (2)

وتقع المسئولية الجنائية عن جرائم بطاقات الائتمان على أساس مخالفة تعليمات توجيه الائتمان أو إفشاء المعلومات السرية لبطاقات الائتمان , وكذلك تقع مسئولية البنك عند امتناعه عن تقديم المعلومات حول تزوير البطاقات الائتمانية .

أما ما يتعلق بإساءة البنك لالتزامه العقدي , فهي مسئولية عقدية , وهكذا إنهاء الائتمان منة قبل البنك قبل الأجل المتفق عليه , فان المسئولية على البنك تكون تقصيرية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. مجلة مجمع الفقه الإسلامي , العدد السابع , الجزء الأول ص717 .
2. بكر بن عبدالله أبو زيد , بطاقات الائتمان حقيقتها البنكية وأحكامها الشرعية , مؤسسة الرسالة , بيروت , الطبعة الأولى , 1416 ه ص28 .






 المبحث الثالث  
الجرائم المتعلقة بالصناديق الاستثمارية

تتمثل فكرة صناديق الاستثمار في تجميع المدخرات واستثمارها في الأوراق المالية , حيث تقوم خبرات متخصصة في مجال إدارة محافظ الاستثمارات وتنظيمها بشراء وبيع الأوراق المالية لتحقيق أهداف الصندوق .  (1)

لها تعريف أخر هو  : " أنها محفظة استثمارية مشتركة يسمح لأي عدد من المستثمرين بالاشتراك فيها حسب القدرة المالية لكل مستثمر , وتعرف صناديق الاستثمار أيضا على أنها وعاء مالي أو ادخاري يتم تجميع المدخرات فيه واستثمارها في الأوراق المالية بمختلف أنواعها ( أسهم , أذونات الخزانة , السندات ,ودائع بنكية , الأصول القابلة للتسويق ) وغالبا ما تتولى البنوك إدارة تلك الصناديق , حيث يتولى البنك مدير الصندوق رسم اشتراك معين , إضافة الى رسم مقابل إدارته للصندوق . (2)

وتنقسم صناديق الاستثمار الى نوعين رئيسيين , وذلك من خلال المعيارين التاليين :

1. حسب سياسة الشراء والاستيراد .
2. حسب السياسة الاستثمارية .

وتنقسم الصناديق حسب سياسة الشراء والاستيراد الى نوعين رئيسيين , هما :

1. صناديق الاستثمار المغلقة ::ويقتصر هذا النوع من الصناديق على فئة محددة من المستثمرين , ويكون لهذا الصندوق هدف محددة وفترة زمنية , حيث يتم تصفية ذلك الصندوق في نهاية تلك الفترة المحددة , وتوزع عوائده على المشتركين فيه .

2. صناديق الاستثمار المفتوحة : ووفقا لهذا النوع من صناديق الاستثمار , فانه يكون هناك حرية دخول وخروج المستثمرين , ولا يوجد حجم معين لحجم أصول الصندوق , ووفقا لهذا النوع فانه ليس متاح للمشتركين فيه بيع أي من أصوله الى سوق الأوراق المالية على عكس النوع السابق .

أما الصناديق حسب السياسة الاستثمارية , فهي تنقسم لخمسة أنواع رئيسية  , هي :

1. صناديق النقد : وهي المتخصصة في الاستثمار في الأصول قصيرة الأجل التي تتميز بانخفاض المخاطر , مثل الودائع المصرفية وأذونات الخزانة .

2. صناديق السندات : وهي المتخصصة في الاستثمار في السندات بكافة أنواعها .

3. صناديق النمو : وتهدف الى تنمية رأس المال المستثمر وتحقيق أعلى نمو رأسمالي .

4. صناديق الدخل : تهدف الى تحسين القيمة السوقية لأصول الصندوق , لذلك فهي تستثمر أصولها في الأسهم العادية المملوكة لشركات وقطاعات ذات معدلات نمو عالية .

5. الصناديق القطاعية : وهي التي تستثمر أصولها في قطاعات معينة , كقطاع البتروكيماريات أو الحديد و الصلب أو النفط . (3)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. عز الدين فكري تهامي , تقييم أداء صناديق الاستثمار في مصر , من أبحاث ندوة صناديق الاستثمار في مصر , مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي , جامعة الأزهر , الجزء الأول ص3 .
2. د.أحمد العثيم , مقالة بصحيفة الجزيرة , العدد 12628- 26/4/2007م .
3. د . احمد العثيم (مرجع سابق) .


ويتصور مما سبق أن يرتكب البنك الجرائم التالية عند إنشاءه للصناديق الاستثمارية :-

1. جريمة القيام بالأعمال المحظورة :

حظر قانون المصرف المركزي على البنوك أن تزاول إعمالا غير مصرفية , وعليه فان إنشاء البنك لهذا الصندوق الاستثماري بغرض التحايل على هذه الأنظمة تحت طائلة المسائلة . (1)

2. جريمة عدم الإفصاح المالي :

يعتبر موضوع الإفصاح المالي وإشهار المعلومات روح أي سوق مالي , وأساس سلامة استمراره وأداء مهامه بنجاح وتعميق الثقة بعملياته الأولية , والتعامل بالأدوات المدرجة على لوائح سوقها الثانوية , إذ أن توفير معلومات سليمة وموسعة وإيصالها الى المتعاملين , فيها من الحماية الشيء الكبير في ضوء تمكينهم ومساعدتهم على اتخاذ قراراتهم الاستثمارية وفق أسس موضوعية . (2)


لما كان ذلك وكان القانون قد اوجب على المصارف التجارية إن تزوده بالبيانات والكشوفات والمعلومات الإحصائية , كما انه يحدد طبيعتها , وفي حال مخالفة ذلك يعتبر البنك قد ارتكب جريمة عدم الإفصاح المقرر لها عقوبة بالقانون , وان إنشاء هذه الصناديق الاستثمارية لمدعاة لعدم الإفصاح وذلك لعدم إثبات عمل البنك بالتجارة  . (3)

إن جرائم الصناديق الاستثمارية التي تنشأها البنوك متى ما صاحبها قصد الغش والإضرار بالغير , كانت المسئولية فيها جنائية , وان كان القانون المعني لم يرتب عليها مسئولية جنائية إلا أن الحاجة ماسة لحماية أموال الناس والاقتصاد بشكل عام .(4)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. قانون المصرف المركزي والنظام النقدي وتنظيم المهنة المصرفية , قانون اتحادي رقم 10 لسنة 1980م , نص المادة 90: (( يحظر على المصارف التجارية أن تزاول أعمالا غير مصرفية وبوجه خاص الأعمال الآتية :

أ‌ ممارسة التجارة أو الصناعة أو امتلاك البضائع والمتاجرة بها لحسابها الخاص ...... .
ب‌ شراء العقارات لحسابها الخاص فيما عدا .... .
ج‌ تملك أسهم المصرف  .... .
د‌ شراء أسهم الشركات التجارية أو سندات القروض العائدة لها .... )) .
2. إسماعيل لطراد وجمعة محمود عباد , التشريعات المالية والمصرفية والأردن (مرجع سابق) ص203 .
3. قانون المصرف المركزي الإماراتي , المادة 105 .
4. سليمان بن ناصر العجاجي (مرجع سابق) .



الفصل الثالث
العقوبات الجنائية لجرائم البنوك


المبحث الأول
العقوبات الواقعة على البنك بصفته الاعتبارية

أولا ً: الجزاءات الإدارية :

نصت المادة 112 من قانون المصرف المركزي على أن : (( 1- إذا خالف حد المصارف التجارية نظامه الأساسي أو أحكام هذا القانون أو أي تدبير فرضه المصرف أو لم يقدم البيانات و المعلومات المفروض عليه تقديمها أو قدم معلومات ناقصة أو غير مطابقة للحقيقة , جاز للمصرف الإضافة الى غرامات التأخير المنصوص عليها في المادة "107" (1) من هذا القانون , أن يوقع على المصرف التجاري المخالف أحد الجزاءات الآتية :
  • التنبيه .
  • تخفيض تسهيلات التسليف الممنوحة له أو تعليقها .
  •  منعه من القيام ببعض العمليات أو فرض أية تحديدات أخرى في ممارسة أعماله .
  •  شطبه من سجل المصارف ... )) .
تدرج المشرع في العقوبات الاداراية المنصوص عليها في قانون المصرف المركزي , وهي عن مخالفة الأنظمة واللوائح التي سنها القانون أو المصرف المركزي لتنظيم عمل البنوك .


ثانيا ً : العقوبات المنصوص عليها بقانون العقوبات :

نصت المادة 65 من قانون العقوبات الاتحادي على (( الأشخاص الاعتبارية ... ولا يجوز الحكم عليها بغير الغرامة والمصادرة والتدابير الجنائية المقررة للجريمة قانونا , فإذا كان القانون يقرر للجريمة عقوبة أصلية غير الغرامة , اقتصرت العقوبة على الغرامة التي لا يزيد حدها الأقصى على خمسين ألف درهم ولا يمنع ذلك من معاقبة مرتكب الجريمة شخصيا بالعقوبات المقررة لها من القانون )) .

إن القانون أجاز مقاضاة الأشخاص الاعتبارية , وان وجوب تحديد اسم المسئول عن الشخص الاعتباري أو عدم تحديده , لا يمنع من مساءلة هذا الكيان . (2)


ومن النص السابق , نجد أن العقوبات المقررة هي :

1. الغرامة : عقوبة الغرامة هي إلزام المحكوم عليه أن يدفع للخزينة المبلغ المحكوم به , ولا يجوز أن تقل الغرامة عن مائة ألف درهم ولا أن يزيد حدها الأقصى عن مائة ألف درهم في الجنايات وثلاثين ألف درهم في الجنح وذلك كله ما لم ينص القانون على خلافه .(3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. تنص المادة 107 من القانون على (( للمصرف أن يفرض غرامة تأخير لا تتجاوز مائتي درهم عن اليوم الواحد على المصارف التجارية التي لم تقدم الكشوف أو المعلومات المشار إليها ... .
2. المحكمة الاتحادية العليا : رقم 50/22 تاريخ 13/5/2000 , مجموعة الأحكام الصادرة من الدائرة الجزائية و الجزائية الشرعية , سنة 2000 ص243 .
3. قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 , نص المادة 71 .



2. المصادرة : مصادرة المضبوطات تعني انه للمحكمة عند الحكم بالإدانة في جناية أو جنحة أن تحكم بمصادرة الأشياء المضبوطة التي تحصلت من الجريمة أو التي استعملت فيها أو التي كانت من شأنها أن تستعمل فيها , وذلك   كله دون إخلال بحقوق الآخرين حسني النية .

وإذا كانت الأشياء المذكورة من التي يعد  صنعها  أو استعمالها أو حيازتها أو بيعها أو عرضها للبيع جريمة في ذاته , وجب الحكم بالمصادرة في جميع الأحوال ولو لم تكن الأشياء ملكا للمتهم . (1)

3. التدابير الاحترازية :

التدابير الجنائية أما مقيدة للحرية أو سالبة للحقوق أو مادية . (2)
والتدابير المقيدة للحرية هي :

1- حظر ارتياد بعض المحال العامة .
2- منع الإقامة في مكان معين .
3- المراقبة .
4- الإلزام بالعمل .
5- الإبعاد عن الدولة .(3)

أما التدابير السالبة للحقوق أو المادية فهي :

1-  إسقاط الولاية أو الوصاية أو القوامة أو الوكالة عن الغائب .

2- حظر ممارسة عمل معين .

3- سحب ترخيص القيادة .

4- إغلاق المحل .(4)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-  قانون العقوبات الاتحادي , نص المادة 82 .
2-============== , نص المادة 109 .
3- ============= , نص المادة 110 .
4- ============= , نص المادة 122 .



ثالثا : العقوبات المنصوص عليها بالقوانين الخاصة :


في قانون تجريم غسل الأموال الاتحادي رقم 4 لسنة 2002 فرض القانون عقوبتي الغرامة التي لا تقل عن ثلاثمائة ألف درهم ولا تزيد عن مليون درهم مع مصادرة المتحصلات أو ممتلكات تعادل قيمتها قيمة تلك المتحصلات , وذلك عن مخالفة حكم المادة 3 من القانون .(1)

وبين ذلك نص المادة 14 من القانون .(2)

كما قرر القانون الحبس و الغرامة (3) لمن يمتنع عن إبلاغ وحدة مراقبة المصارف من أي فعل وقع في منشاتهم وكان متصلا بجريمة غسل الأموال .

كما عاقب القانون من يخطر شخص أن معاملاته قيد المراجعة أو أن السلطات الأمنية تقوم بالتحري عن عملياته المشبوهة.(4)

وعاقب القانون عن الإبلاغ الكاذب (5) أو عدم التقيد بتعليمات الإفصاح .(6)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-  نصت المادة "3" من القانون المذكور على (( تكون المنشأة المالية والمنشات المالية الأخرى والتجارية والاقتصادية العاملة بالدولة مسئولة جنائيا عن جريمة غسل الأموال إذا ارتكبت باسمها أو لحسابها عمدا وذلك دون إخلال بالجزاءات الإدارية المنصوص عليها في القانون )) .
2- نصت المادة "14" من القانون على (( يعاقب كل من يخالف حكم المادة "3" من هذا القانون بالغرامة التي لا تقل عن 300.000 درهم ثلاثمائة ألف درهم ولا تزيد عن 1.000.0000 مليون درهم , مع مصادرة المتحصلات أو ممتلكات تعادل قيمتها تلك المتحصلات أو ما يعادل تلك المتحصلات إذا حولت أو بدلت جزئيا أ كليا الى ممتلكات أخرى أو اختلطت بممتلكات أخرى اكتسبت من مصادر مشروعة )) .
3- نصت المادة "15" من القانون على (( يعاقب بالحبس أو بالغرامة التي لا تتجاوز 100.000 مائة ألف درهم ولا تقل عن 10.000 عشرة آلاف درهم أو بالعقوبتين معا رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة ومدراء وموظفو المنشات المالية والمنشات المالية الأخرى والتجارية والاقتصادية الذين علموا وامتنعوا عن إبلاغ الوحدة المنصوص عليها في المادة "7" من هذا القانون بأي فعل وقع في منشأتهم وكان متصلا بجريمة غسل الأموال )) .
4- قانون اتحادي رقم 4 لسنة 2002 في شأن تجريم غسل الأموال نصت المادة "16" منه على (( يعاقب كل من يقوم بإخطار  آي شخص بان معاملاته قيد المراجعة بشان قيامه بعمليات مشبوهة أو أن السلطات الأمنية وغيرها من الجهات المختصة تقوم بالتحري عن قيامه بعمليات مشبوه بالحبس مدة لا تتجاوز سنة وبالغرامة التي لا تتجاوز 50.000 خمسين ألف درهم ولا تقل عن 5.000 خمسة آلاف درهم أو بالعقوبتين معا )) .
5- المادة "17" من ذات القانون تنص على (( يعاقب بالحد الأقصى لجريمة البلاغ الكاذب كل من يتقدم بسوء نية ببلاغ للجهات المختصة بارتكاب جريمة غسل أموال بقصد الإضرار بشخص آخر )) .
6- يعاقب كل من يخالف المادة "6" من هذا القانون بغرامة لا تزيد على 10.000 عشرة آلاف درهم ولا تقل عن 1.000 ألف درهم , ويتم التحفظ على المبالغ موضوع المخالفة الى أن يفرج عنها بقرار من النيابة العامة ما لم يثبت ارتباطها بجريمة أخرى )) .














    المبحث : الثالث
تطبيق العقوبة



1- تمثيل البنك بصفته شخصا ً اعتباريا ً :

إن تمثيل الشخص الاعتباري أمام جهات التحقيق والمحاكمة يتم عن طريق الممثل القانوني , أو الممثل ألاتفاقي , ولما كان القانون قد اعترف بالشخص الاعتباري ومنحه وجود قانوني , لذا يصح توجيه الاتهام له حسب نص المادة 65 من قانون العقوبات الاتحادية .


2- الفرق بين الدعوى المدنية والمسئولية الجنائية :

أ – هدف المسئولية المدنية جبر الضرر الناتج عن الخطأ , بينما الهدف من إقامة الدعوى الجنائية هو عقاب المخطئ , كما تثير مسألة اجتماع المسئوليتين بعد أخرى , وهو تبعية القانون المدني للقانون الجنائي , ويقصد  بالتبعية أن كل ما يعد خطا جنائيا يعتبر حتى خطأ مدنيا , والمسئولية المدنية تجتمع مع المسئولية الجنائية إذا ترتب على الجريمة ضرر فردي , ولكن ليست كل مخالفة جنائية إذا ترتب على الجريمة ضرر فردي , ولكن ليست كل مخالفة جنائية تستوجب المسئولية المدنية , أما لانتفاء الضرر أو لصعوبة إثباته , وهذا يؤدي الى أن تخلف ركن الضرر او الرابطة السببية هو الذي يحول بين قيام المسئولية المدنية الى جانب المسئولية الجنائية . (1) .

ب – الدعوى في المسئولية الجنائية تقام على أن هناك ضررا أصاب المجتمع , فهي تهدف الى حماية المجتمع من التصرفات الخطرة التي تهدد الأمن العام , أما الدعوى المدنية فتهتم بالتعويض جبرا للضرر .

ج- المسئولية الجنائية حتى تتحقق لا بد من وجود درجة ما للخطأ بين المسئولية المدنية يكفيها مطلق الخطأ ولو كان يسيرا , وعلى النقيض وجود الضرر ضروري لقيام المسئولية المدنية , بينما تطلبه ليس ضروريا لتبرير الإدانة الجنائية .(2)

د- تسري على الدعوى الجنائية قاعدة الإثبات الحر أو المطلق , أما الدعوى المدنية فان وسائل الإثبات محددة , كما أن القاضي الجنائي حر في تقدير قيمة الدليل , فهو يحكم في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته , فيترتب على ما سبق سيادة الدعوى الجنائية على المدنية , لان حق المجتمع يغلب الفرد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-  جلال علي العدوي , الإجبار القانوني على المفاوضة , المكتب المصري الحديث للطباعة و النشر , الإسكندرية(د.ط) 1965م ص214 .
2- إبراهيم احمد , الحماية التشريعية المدنية و الجنائية لبطاقات الدفع الالكتروني , الدار الجامعية , الإسكندرية 2005 .




3- تطبيق العقوبة :

معيار تطبيق العقوبة في قانون العقوبات الاتحادي هو المادة 65 منه وهي :

1-  الغرامة .

2- المصادرة .

3- التدابير الجنائية .

كما تتحمل الشركة أو الشخص الاعتباري مسئولية تابعيه عند الأخطاء الجنائية الصادرة عنه بصفتهم عاملين وبسبب العمل المنوط بهم . (1)


وتشترك بقية القوانين الخاصة في عقوبة الغرامة , ويتميز قانون المصرف المركزي بما للمصرف من سلطة على البنوك تنظيمية أن يخفض تسهيلات التسليف الممنوحة له أو تعليقها كما له منعه من القيام  ببعض العمليات أو فرض أي تمديدات أخرى في ممارسة أعماله وللمصرف كذلك شطب البنك من سجل المصارف .

يشترك قانون تجريم غسل الأموال مع قانون العقوبات بفرض الغرامة , وان كانت اكبر بكثير مما ينص عليها قانون العقوبات واشترك كذلك في عقوبة المصادرة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المحكمة الاتحادية العليا , رقم 11/2 تاريخ 25/3/2000 , مجموعة الأحكام الصادرة من الدائرة الجزائية والجزائية الشرعية لسنة 2000 ص94 .


   
الفصل الرابع
دراسة تطبيقية لبعض الأحكام الصادرة والخاصة بمسئولية البنك الجنائية




1- تقرير المسئولية الجنائية للأشخاص الاعتبارية :

" الطعن رقم 223 لسنة 23 القضائية – شرعي "


1-  شخصية اعتبارية . قتل خطا . مسئولية جنائية . اختصاص "النوعي". عمل وعمال :
الأشخاص الاعتبارية الخاصة-مسئولة جنائيا عن الجرائم التي يرتكبها ممثلوها أو مديروها أو وكلاؤها على أن لا يحكم عليها بغير الغرامة و المصادرة والتدابير الجنائية المقررة قانونا دون ا يمنع ذلك من معاقبة مرتكب الجريمة شخصيا بالعقوبات المقررة للجريمة في القانون , مؤدى ذلك – اعتبار القضاء الجنائي وحده ينظر الدعوى الجنائية , مثال : في قتل خطا بسبب العمل , المادتان 65 و 342 / 1 و 2 عقوبات .


2- محكمة الموضوع "سلطتها" إثبات "تقدير الأدلة" , مسئولية جنائية , قتل خطا , عمل وعمال.


فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها وترجيح الراجح الجدير بالاعتبار واستخلاص الحقيقة منها – مما يدل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغا له اصله الثابت في الأوراق وبينت الحقيقة التي اقتنعت بها والأسس التي أوصلتها لهذه القناعة , عدم التزامها بتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم والرد عليها استقلالا , مثال في قتل خطا بسبب العمل نتيجة تقاعس الشركة صاحبة العمل عن اتخاذ إجراءات الأمن والسلامة لوقاية العمل من خطر الإصابة .


3- جريمة "الركن المادي" قتل خطأ , عمل وعمال , مسئولية جنائية

السلوك الإجرامي في جريمة القتل الخطأ باعتباره الركن المادي فيها – قد يتمثل في نشاط ايجابي يقارفه الجاني أو بنشاط سلبي يتمثل في الامتناع عن أداء واجب قانوني أحجم الجاني عن إتيانه كتقاعس صاحب العمل  عن توفير وسائل الأمن والسلامة لعماله وفق ما يوجبه عليه قانون العمل والقرارات الوزارية المنفذة له متى ارتبط هذا الفعل بالنتيجة برابطة السببية , مثال : في قتل خطا نتيجة تكليف المجني عليه بسند المقطورة ووقف انحرافها في منحدر من الأرض , مما يوجب الاستعانة بعدد كبير من العمل دون الثلاثة ومنهم المجني عليه وحدهم ويرتب مسئولية المهتمين .

1- إن مؤدى نص المادة 65 من قانون العقوبات الاتحادي أن الأشخاص الاعتبارية فيما عدا مصالح الحكومة ودوائرها الرسمية والهيئات والمؤسسات العامة مسئولة جنائيا عن الجرائم التي يرتكبها ممثلوها أو مديروها أو وكلاؤها لحسابها أو باسمها , على ألا يجوز الحكم عليها بغير الغرامة والمصادرة والتدابير الجنائية المقررة للجريمة قانونا ... ولا يمنع ذلك من معاقبة مرتكب الجريمة شخصيا بالعقوبات المقرر لها في القانون .

لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن النيابة العامة أسندت الى الطاعن الثاني بصفته مشرف العمال لدى الشركة الطاعنة الأولى وتابع لها بتسببه خطأ في وفات المجني عليه – على التفصيل الوارد بالأوراق , وطلبت معاقبتها طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية و المادة 342 /1,2 من قانون العقوبات الاتحادي , فأدانهما الحكم المطعون فيه لثبوت خطا الطاعن الثاني الذي نجم عنه وفاة العامل المجني عليه – وبالتالي فان الشركة الطاعنة الأولى تكون مسئولة جنائيا عن الجريمة التي ارتكبها الطاعن الثاني عملا بالمادة (65) عقوبات سالفة الذكر , وإذا قضي الحكم بمعاقبتهما بمبلغ خمسمائة درهم وإلزامهما مناصفة بالدية عملا بالمادة 29/3 عقوبات , ومن ثم فان القضاء الجنائي يكون هو المختص بنظر الدعوى دون القضاء المدني لتعلق الأمر بخطأ جنائي وعقوبة جنائية واجبة التطبيق – ولا محل لتطبيق قانون العمل في هذه الحالة لوجود نص جنائي خاص واجب التطبيق ويكون النعي بهذا الوجه على غير أساس متعين الرفض .

2- إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها وترجيح ما تراه المحكمة راجحا وجديرا بالاعتبار واستخلاص الحقيقة منها , كل ذلك يدخل في سلطتها التقديرية ولا رقيب عليها في ذلك مت ى كان استخلاصها سائغا له أصله الثابت بالأوراق , ويكفيها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها والأسس التي أوصلتها لهذه القناعة , , ولا عليها من بعد أن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم وان ترد استقلالا على كل قول او حجة أو طلب أثاروه ما دام قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج و الطلبات .

4- إن الجريمة بصفة عامة هي فعل غير مشروع صادر من الجاني عن إرادة جنائية يقرر لها القانون عقوبة أو تدبيرا احترازيا وانه يجب لقيام الركن المادي للجريمة فعل يقارفه الجاني, وان الفعل هو السلوك الإجرامي الذي يرتكبه الجاني , ولا تقوم الجريمة قانونا إلا إذا كان هذا السلوك أو الفعل غير مشروع وصادر عن إرادة جنائية يقترن بها نشاط الجاني , وانه كقاعدة يعتد بالامتناع كقوام الركن المادي للاعتداء على الحق في سلامة الجسم إذا أحجم الجاني عن إتيان فعل ايجابي معين يحدده القانون صراحة أو ضمنا بالنظر الى ظروف الواقعة , كامتناع رب العمل عن توفير وسائل السلامة لعماله الذي يوجبه قانون العمل , ولا بد أن يرتبط أحجام الجاني عن أداء الواجب المفروض عليه قانونا بالنتيجة الناشئة عنه برابطة السببية .

لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضائه بإدانة الطاعنين على ما أورده بأسبابه وما بسطه في وقائع من أن الخطأ ثابت في حق الطاعن الثاني لإخلاله بما تفرضه عليه أصول وظيفة لدى الشركة الطاعنة الأولى من وجوب ضمان تنفيذ أعمال الشركة على الوجه وبالكيفية التي تضمن سلامة عمال  الشركة ومنع تعرضهم للإخطار التي قد تعرض لهم أثناء أداء أعمال الشركة التي يعملون بها , واستندت في ذلك الى أقوال الطاعن الثاني الذي اقر  بان عجلات المقطورة حرة الحركة في كل الاتجاهات ولوجود انحدار في أرضية المصنع مما يعرض المقطورة للانحراف , وهو ذات ما شهد به شاهدا الواقعة ( ليلا لافنيدار – سيلفيزي سنايه ) وان الطاعن الثاني لم يعمل على تكليف وتعيين العدد المناسب و الكافي من العمال للعمل على منع المقطورة من الانحراف أثناء سحبها بواسطة الشيول وهي مقطورة ذات عجلات غير ثابتة تدور في كل الاتجاهات ويتم سحبها فوق ارض منحدرة ولم يفطن الى أن المجني عليه وشاهدي الواقعة لا يمكنهم بحال وقف أو منع المقطورة من الانحراف , وانحرافها بالفعل ثم صدمها للمجني عليه مما أدى الى وفاته وشهد شاهدا – الواقعة أيضا بان دورهما والمجني عليه كان ينحصر في إسناد المقطورة ووقف انحرافها على الأرضية المنحدرة , مما كان يوجب الاستعانة بعدد كبير من العمال يفوق بكثير العمال الثلاثة ( المجني عليه وشاهدي الواقعة ) , وان خطا الطاعن الثاني وإخلاله بواجبات إشرافه على المجني عليه وبقية العمال هو السبب المباشر الذي أدى الى انحراف المقطورة وصدمها للمجني عليه وبقية العمل هو السبب المباشر الذي أدى الى انحراف المقطورة وصدمها للمجني عليه ووفاته نتيجة إصابته الموصوفة في التقرير الطبي ومن ثم فقد توافرت أركان الجريمة القتل الخطأ قبله , وانه قد ارتكب جريمته وهو يعمل لدى الشركة الطاعنة الأولى ولحسابها , ومن ثم فان الطاعنة الأولى تكون مسئولة جنائيا عن الجريمة التي ارتكبها الطاعن الثاني عملا  بنص المادة (65) من قانون العقوبات الاتحادية .

المحكمة

بعد مطالعة الوراق  وتلاوة تقرير التلخيص الذي تلاه القاضي المقرر , وبعد لمداولة .

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية , وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتخلص في أن النيابة العامة أسندت الى الطاعنين ( 1) شركة الخليج لصناعة القوارب (2) جاد ماهو سود هان لأنهما  بتاريخ 21/9/1999 بدائرة عجمان – حال كون التهم الثاني مشرف عمال بالموقع لدى المتهم الأول وتابع له تسبب بخطاه في موت المجني عليه بايجي جوهن بن جوهن بأن اخل بأصول مهنته في الواجبات المفروضة عليه بأن لم يوجه إليه الإرشادات الكافية أثناء عمله والخاصة بالأمان والسلامة بان تركه يعمل خلف المقطورة دون أن يرتدي الملابس الخاصة بالسلامة وفي مكان خطر بعلمه , فانحرفت المقطورة عليه وصدمته مما أدى الى وفاته اثر الإصابات المبينة باستمارة الفحص الطبي (2) المتهم الأول – الطاعنة الأولى – استخدم عاملا أجنبيا على غير كفالته , وطلبت عقابهما طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء والمادة 342 /1-2 من قانون العقوبات الاتحادي ومحكمة أول درجة قضت بجلسة 5/12/1999 بتغريم كل من المتهمين – الطاعنين – ألف درهم عن الاتهام المسند إليهما مع إلزامهما بالدية الشرعية وقدرها مائة وخمسون ألف درهم تؤدى لورثة المتوفى وتغريم المتهم الأول الطاعنة الأولى – عشرة آلاف درهم عن الاتهام الثاني المسند إليه , لم يرتض المحكوم عليهما هذا الحكم فطعنت عليه الطاعنة الأولى باستئناف رقم 828/99 كما طعن عليه الطاعن الثاني بالاستئناف رقم 830/1999 عجمان , أصدرت محكمة الاستئناف حكمها 23/2/2000 والذي قضى بالغاء الحكم المستأنف لبطلانه لعدم إيداع نسخة الحكم الأصلية ملف الدعوى وبقبول الاستئنافين شكلا وفي الموضوع بتغريم شركة الخليج لصناعة القوارب ثلاثة آلاف درهم عن الاتهام الثاني المسند إليها ثالثا – ببراءة المتهم جاد مادهو سودهان مما نسب اليه من تهمة القتل الخطأ – رابعا – باحالت الدعوى الى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها وفق ما جاء بأسباب هذا الحكم .

طعنت النيابة على هذا الحكم بالنقض بالطعن رقم 94/22 شرعي جزائي وقضت هذه المحكمة بجلسة 24/6/2000 بنقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا في الاستئناف الذي أصدرته لتفصل فيه مجددا مشكلة من قضاة آخرين , ونفاذا لهذا الحكم صدرت محكمة استئناف عجمان الشرعية بتاريخ 20/6/2010 حكما في الاستئنافين 828,830/1999 حضوريا بمعاقبة كل من جاد ماهو سودهان , شركة الخليج لصناعة القوارب بعجمان , بتغريم كل منهما مبلغ خمسمائة درهم عن التهمة المسندة إليهما بإلزامهما بان يدفعا بالمناصفة الدية الشرعية لورثة المجني عليه وقدرها مائة وخمسون آلف درهم , طعن المحكوم عليهما على هذا الحكم بالطعن المائل بصحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 14/7/2010 , وقدمت النيابة مذكرة بالرأي رأت فيها رفض الطعن .

وحيث أن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبب لسببين ينطوي أولهما على ثلاثة وجوه  :

الوجه الأول : أن الشركة الطاعنة تمسكت بعدم اختصاص القضاء الجنائي نوعيا بنظر الواقعة التي يحكمها القضاء المدني لكونها ناشئة عن علاقة عمل وان التعويض عن الوفاة بسببه المنازعات الناشئة عنه تخضع لأحكام قانون العمل , وإذا اغفل الحكم إيراد هذا الدفع والرد عليه وقضى بإدانتهما فانه يكون قد قضي ضمنا باختصاص القضاء الجنائي بنظر الدعوى بما يوجب نقضه وبالوجه الثاني من هذا السبب بعدم جواز محاكمة الطاعنين لسبق صدور قرار من النيابة العامة بتاريخ 21/6/1999 بان لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل المجني عليه عن ذات الوقائع لوفاته , إلا أنها عادت وبدون ظهور أدلة جديدة وأصدرت بذات التاريخ أمرا عدلت فيه عن الأمر السابق وقدمت الطاعنين للمحاكمة الجنائية , وإذا التفت الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع وقضى بإدانتهما فانه يكون معيبا بما يستوجب نقضه .

وحيث أن هذا النعي مردود ذلك أن مؤدى نص المادة (65) من قانون العقوبات الاتحادي أن الأشخاص الاعتبارية  فيما عدا مصالح الحكومة ودوائرها الرسمية والهيئات والمؤسسات العامة مسئولة جنائيا عن الجرائم التي يرتكبها ممثلوها أو مديروها أو وكلائها لحسابها أو باسمها , على أن لا يجوز الحكم عليها بغير الغرامة والمصادرة ,والتدابير الجنائية المقررة للجريمة قانونا ... ولا يمنع ذلك من معاقبة مرتكب الجريمة شخصيا بالعقوبات المقرر لها في القانون .

أما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن النيابة العامة أسندت الى الطاعن الثاني بصفته مشرف عمل لدى الشركة الطاعنة الأولى والتابع لها بتسببه خطأ في وفاة المجني عليه – على التفصيل الوارد بالأوراق , وطلبت معاقبتهما وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية والمادة 342/1,2 من قانون العقوبات الاتحادي , فأدانهما الحكم المطعون فيه لثبوت خطا الطاعن الثاني الذي نجم عنه وفاة العامل المجني عليه – وبالتالي فان الشركة الطاعنة الأولى تكون مسئولة جنائيا عن الجريمة التي ارتكبها الطاعن الثاني عملا بالمادة (65) عقوبات سالفة الذكر , وإذ قض الحكم بمعاقبتهما بمبلغ خمسمائة درهم وإلزامها مناصفة بالدية عملا بالمادة 29/3 عقوبات , ومن ثم فان القضاء الجنائي يكون هو المختص بنظر الدعوى دون المدني لتعلق الأمر بخطأ جنائي وعقوبة جنائية واجبة التطبيق – ولا محل لتطبيق قانون العمل في هذه الحالة لوجود نص جنائي خاص واجب التطبيق ويكون النعي هذا الوجه على غير أساس متعين الرفض ,وحيث انه وعن الوجه الثاني فهو غير صحيح ذلك انه لما كان الثابت من الأوراق أن النيابة العامة بتحقيق الواقعة محل الدعوى أصدرت بتاريخ 21/9/1999 قرارا باحالت الطاعنين للمحاكمة الجنائية لمحاكمتهما عما اسند إليهما من اتهامات , وذلك بالبند الأول والبند الثاني من ذات القرار أسندت الى المجني عليه تهمة العمل لذا غير كفيله , وأصدرت أمرا بان لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لوفاته ومن ثم يتبين بجلاء انه لم يسبق صدور أمر بان لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ضد الطاعنين ويضحي النعي هذا الوجه على غير سند من الواقع متعين الرفض .
وحيث أن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه بالوجه الأخير من السبب الأول , وبالسبب الثاني أن الطاعنة الأولى تمسكت بان الطاعن الثاني ليس ممثلا أو مديرا لها أو وكيلا عنها بل هو مجرد مشرف عمال , فانه والحالة هذه يكون الحكم المطعون فيه بإلزام الطاعنة الأولى بأداء نصف الدية قد اخطأ في تطبيق القانون وتفسيره , كما وان الشركة الطاعنة تمسكت بعدم مسئوليتها عما حدث للمجني عليه لأنها نشرت تعليمات السلامة والوقاية بمكان ظاهر لجميع عمالها فضلا عن ثبوت قيامها بتوفير جميع وسائل السلامة والوقاية المناسبة لحماية عملها من الإخطار , وإذ اغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع الجوهري فانه يكون معيبا بما يستوجب نقضه .

وحيث أن هذا النعي بشقيه غير سديد ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها وترجيح ما تراه المحكمة راجحا وجديرا بالاعتبار واستخلاص الحقيقة منه , كل ذلك يدخل في سلطتها التقديرية ولا رقيب عليها في ذلك متى كان استخلاصها سائغا له أصله الثابت بالأوراق , ويكفيها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها والأسس التي أوصلتها لهذه القناعة , ولا عليها من بعد أن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم وان ترد استقلالا على كل قول أو حجه أو طلب أثاره ما دام قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات , وان الجريمة بصفة عامة هي فعل غير مشروع صادر من الجاني عن إرادة جنائية يقرر لها القانون عقوبة أو تدبيرا احترازيا وانه يجب لقيام الركن المادي للجريمة فعل يقارفه الجاني , وان الفعل هو السلوك الإجرامي  الذي يرتكبه الجاني , ولا تقوم الجريمة قانونا إلا إذا كان هذا السلوك أو الفعل غير مشروع وصادر عن إرادة جنائية يقترن بها نشاط الجاني , وانه كقاعدة عامة يتعد بامتناع كقوام الركن المادي للاعتداء على الحق في سلامة الجسم إذا أحجم الجاني عن إتيان فعل ايجابي معين يحدده القانون صراحة أو ضمننا بالنظر الى ظروف الواقعة , كامتناع رب العمل عن  توفير وسائل السلامة لعماله الذي يوجبه قانون العمل , ولا بد أن يرتبط أحجام الجاني عن أداء الواجب المفروض عليه قانونا بالنتيجة الناشئة عنه برابطة السببية .

لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإدانة الطاعنين على ما أورده بأسبابه وما بسطه في وقائعه من أن الخطأ ثابت في حق الطاعن الثاني بإخلاله بما تفرضه عليه أصول وظيفته كمشرف عمال لدى الشركة الطاعنة الأولى من وجوب ضمان تنفيذ أعمال الشركة على الوجه وبالكيفية التي تضمن سلامة عمال الشركة ومنع تعرضهم للأخطار التي قد تعرض لهم أثناء أداء أعمال الشركة التي يعملون بها , واستندت في ذلك الى أقوال الطاعن الثاني الذي اقر بان عجلات المقطورة حرة الحركة في كل الاتجاهات ولوجود انحدار في أرضية المصنع مما يعرض المقطورة للانحراف , وهو ذات ما شهد به شاهدا الواقعة (ليلا لافندار – سيلفيزي سنايه ) وان الطاعن الثاني لم يعمل على تكليف وتعيين العدد المناسب و الكافي من العمال للعمل على منع المقطورة من الانحراف أثناء سحبها بواسطة الشيول وهي مقطورة ذات عجلات غير ثابتة تدور في كل الاتجاهات ويتم سحبها فوق ارض منحدرة ولم يفطن الى أن المجني عليه وشاهدي الواقعة لا يمكنهم بحال وقف أو منع المقطورة من الانحراف  .

وانحرافها بالفعل ثم صدمها للمجني عليه مما أدى الى وفاته , وشهد شاهدا – الواقعة أيضا بان دورهما والمجني عليه كان ينحصر في إسناد المقطورة ووقف انحرافها على الأرضية المنحدرة , مما كان يوجب الاستعانة بعدد كبير من العمال يفوق بكثير العمال الثلاثة ( المجني عليه وشاهدي الواقعة ) , وان خطأ الطاعن الثاني وإخلاله بواجبات إشرافه على المجني عليه وبقية العمال هو السبب المباشر الذي أدى الى انحراف المقطورة وصدمها للمجني عليه ووفاته نتيجة أصابته الموصوفة بالتقرير الطبي ومن ثم فقد توافرت أركان جريمة القتل الخطأ قبله وانه قد ارتكب جريمته وهو يعمل لدى الشركة الطاعنة الأولى ولحسابها , ومن ثم فان الطاعنة الأولى تكون مسئولة جنائيا عن الجريمة التي ارتكبها الطاعن الثاني بنص المادة( 65)من قانون العقوبات الاتحادية.

لما كان ذلك فان الحكم المطعون فيه يكون قد خلص سائغا في حدود سلطته التقديرية الى إدانة الطاعنين بما نسبة إليهما وتقدير الدية المستحقة شرعا لورثة المجني علية عملا بالمادة الأولى من قانون العقوبات الاتحادي باعتبارها عقوبة وتعويضا في آن واحد , وباعتبار أن خطأ الطاعنة لأولى هو خطا مفترض لسوء اختيار تابعها رتب عليه القانون جزاء جنائيا خاصا ومن ثم فلا يعد النعي آن يكون جدلا موضوعيا فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلة  الاتهام فيها وهو ما لا يجوز أثارته أمام هذه المحكمة , ويكون النعي على غير أساس متعينا الرفض , ولما تقدم يتعين رفض الطعن .

2- وهذا الحكم المذكور يكفي لتقرير المسئولية الجنائية للأشخاص الاعتبارية .




الـخـاتـمـة 



من أهم النتائج  التي توصلت إليها الدراسة هي :
1. أن البنك كشخص اعتباري  يكون مسئولا عن أعماله من الناحية الجنائية , وهذه المسئولية مباشرة تقع على الذات المعنوية , مع معاقبة الموظف أو الممثل .

2. أن للبنك ذمة مالية مستقلة عن مساهميه أو موظفيه بجميع درجاتهم .

3. أن البنك مسئول عن أموال مودعيه ويجب أن يبذل الجهد للمحافظة عليه وفقا للأنظمة واللوائح الصادرة من البنك المركزي والذي ينظم العمليات المصرفية وحركة الأموال وفقا لسياسة الدولة ومصالحها .

4. إن مسئولية البنك يحددها قانون العقوبات بخصوص الجرائم وعقوبتها وقانون المصرف المركزي ويتضمن إجراءات التسجيل والعمليات المالية المنوطه به , وكذلك قانون مكافحة غسل الأموال .

5. إن العقوبة عن الفعل الواحد يتحملها البنك بصفته الاعتبارية ويعاقب عليها الشخص الطبيعي القائم بهذا العمل .

المـراجــع
  •  
  •  احمد بن محمد المقري , المصباح المنير , المكتبة العلمية , بيروت .
  •  إبراهيم سيد احمد , الحماية التشريعية المدنية والجنائية لبطاقات الدفع الالكتروني , الدار الجامعية , الإسكندرية , 2005م .
  •  الزبيدي , تاج العروس , مكتبة الحياة , بيروت , الطبعة الأولى 1997م .
  •  المرصفاوي , قواعد المسئولية الجنائية .
  •  بكر بن عبدالله أبو زيد , بطاقات الائتمان حقيقتها البنكية وأحكامها الشرعية , مؤسسة الرسالة , بيروت , الطبعة الأولى 1416 ه .
  •  جلال علي العدوي , الإجبار القانوني على المفاوضة , المكتب المصري الحديث للطباعة والنشر , الإسكندرية – 1965م .
  • د . أحمد العثيم , مقال بصحيفة الجزيرة (السعودية ) العدد 12628 بتاريخ 26/4/2007.
  • د. محمود نجيب حسني , شرح قانون العقوبات – القسم العام , دار النهضة العربية , الطبعة السادسة 1989 م .
  •  سليمان بن ناصر العجاجي , المسئولية الجنائية عن أعمال البنوك الإسلامية , رسالة دكتوراة لسنة 2007 .
  •  عبد القادر عودة , التشريع الجنائي الإسلامي مقارناً بالقانون الوضعي , مؤسسة الرسالة , بيروت .
  • عبد القادر عودة , التشريع الجنائي الإسلامي مقارناً بالقانون الوضعي , مؤسسة الرسالة , بيروت , الطبعة التاسعة 1408ه .
  •  عبد المهدي سويعي , اقتصاديات العقود والبنوك , دار  الرجوي , القا

للخلف   للخلف   
للخلف