الأحد، 6 سبتمبر 2015

المبادئ العامة للتحكيم في الفقه الإسلامي وكيفية التحكيم في البنوك الإسلامية د / علي محي الدين القره داغي

     المبادئ العامة للتحكيم في الفقه الإسلامي وكيفية التحكيم في البنوك الإسلامية  
د / علي محي الدين القره داغي

القسم الأول
المبادئ العامة للتحكيم
                                                                                    بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
 فإن الإسلام أولى عناية منقطعة النظير بالفصل بين المنازعات على أساس العدل ، وجعل العدل أهم أسس تقوم عليها شريعته الغرّاء ، بل العدل هو أساس الكون وعليه قامت السموات والأرض وبه تتقدم الدول والأمم ، وبعدمه تنـزل المصائب والفتن وتدمر الحضارات وتتهاوى الأمم وتنـتهي الحكومات ، ولذلك جاءت الآيات والأحاديث النبوية تـترى لتأكيد هذا الأمر ، حتى حصر القرآن الكريم وظائف الرسل والكتب في تحقيق العدل بمعناه الشامل فقال تعالى : ( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنـزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط )[1] .
 ولم يكتف الإسلام في حلّ المنازعات بإصلاح الفرد وتقوية عقائده وأخلاقه وتقويم سلوكياته ، ولا بالمواعظ الدينية المؤثرة ، بل فرض لحلها القضاء وأنشأ له المحاكم والدواوين بدءاً من الرسول الكريم ـ صلىالله عليه وسلم ـ حيث كان حاكماً وقاضياً إلى الخلفاء الراشدين ـ رضي الله عنهم ـ ومن تبعهم بإحسان .
 وبما أن الإسلام باعتباره ديناً وأخلاقاً ـ إضافة إلى كونه نظاماً ودولة ـ لا يجعل حل المنازعات عن طريق القضاء الحل الأول ، بل يجعل حلها عن طريق التراضي ، والصلح هو الحل الأمثل ، فقال تعالى : ( والصلح خير )[2] ، أي خير مطلق ، وأفضل من جميع الطرق ، وكان الرسول ـ صلىالله عليه وسلم ـ يشير إلى المتخاصمين أولاً بالصلح فإذا لم يرتضيا حكم عليهما بالحكم البيّن[3]. وقد ضمن الخليفة الراشد عمر ـ رضي الله عنه ـ أهمية الصلح في رسالته في القضاء إلى أبي موسى الأشعري ، وقد روى مسعر بن أزهر عن محارب قال : قال عمر : ( ردّوا الخصوم حتى يصطلحوا ، فإن فصل القضاء يورث بينهم الشنآن )[4] .
وإضافة إلى هذه الوسائل الأخلاقية ، والقضائية ، والاتفاقية فإن الإسلام شرع أمراً آخر يسهل عملية التقاضي ويختصرها وهي وسيلة التحكيم من خلال اللجوء إلى المحكم والحكم ، وهي وسيلة أولى لها الفقه الإسلامي عناية قصوى ، فنظمها تنظيماً جيداً ووضع لها ضوابط وقواعد ، كما كان لها دورها في حل النـزاعات بين المسلمين .
 وقد غدا للتحكيم اليوم أهمية قصوى وبالأخص في نطاق التجارة الدولية حيث أصبح أهم وسيلة تلجأ إليها الشركات والمؤسسات المالية لحسم خلافاتها التي تتعلق بتفسير العقد ، أو تنفيذه ، وذلك بسبب التكاليف الباهظة للمحاكم وخاصة في الدول الغربية ، وبطء قراراتها وإجراءاتها ، إضافة إلى جهل أحد الطرفين بتفاصيل النظام القضائي لتلك الدولة التي تتـتْبعها الشركة ، أو عدم الثقة به ، ناهيك عن أن التحكيم يستند أساساً إلى إدارة الطرفين اللذين يختاران الأشخاص الذين يتولون مهمة التحكيم ممن يتصفون بالحياد والاستقلال ومعرفة نوعية التعامل التجاري الذي حدث النـزاع بسببه والقواعد الواجبة التطبيق ، مما يؤدي إلى ثقة الطرفين بأن نـزاعهما ستتم تسويته بشكل عادي وقانوني وبشكل طوعي وليس قسراً ، وهذا يجعل العلاقة بينهما مستمرة دون ضغينة أو قطيعة .
 ولأجل هذه الأهمية وجدت مراكز للتحكيم الدولي في مختلف المجالات وبالأخص في مجال التحكيم التجاري ، وأصبحت لها مكانة مرموقة دولياً ، مما حدا بالمنظمات الدولية بوضع قواعد خاصة بالإجراءات التي تتبع في سير عملية التحكيم[5].
 ولهذه الأهمية الدولية للتحكيم أنشأت الأمم المتحدة لجنة خاصة تسمى لجنة القانون التجاري الدولي، وقامت بوضع قواعد خاصة بالتحكيم تسمى بقواعد لجنة القانون التجاري الدولي،كما قامت بوضع قانون سمي بالقانون النموذجي للتحكيم حتى تهتدي به الدول الأعضاء لتطوير قوانيها الخاصة بالتحكيم.
 وقد تطورت فكرة التحكيم في الغرب مع النهضة الصناعية والتجارية فأنشأت في لندن عام 1892م غرفة لندت للتحكيم ، ثم تحولت إلى محكمة لندن للتحكيم عام 1903م ، ثم تغير اسمها إلى محكمة التحكيم الدولي في لندن (L C I A  ) منذ عام 1981م ، ولا تخلو الدول الغربية الأخرى عن مثلها ، ففي باريس توجد محكمة التحكيم للغرفة التجارية الدولية ، وفي نيويورك جمعية التحكيم الأمريكية    ( A A A ) منذ عام 1984م ، وفي فينّا المركز التحكيمي للغرفة التجارية الاقتصادية ، إضافة إلى مراكز كثيرة في بلدان العالم تختص بالتحكيم الدولي التجاري وغيره .
 وقد اهتمت البلاد الإسلامية والعربية بالتحكيم فأفردت له باباً خاصاً في قوانين المرافعات المدنية والتجارية ، أو من أصول المحاكمات المدنية ، بل خصته بعض الدول كالمملكة العربية السعودية بنظام مستقل من خلال المرسوم الملكي رقم (26)في 12/7/1403هـ ، كما أن معظمها انضمت إلى اتفاقية نيويورك عام 1958م وصادقت عليها .
 ومن جانب آخر أنشئت مراكز دائمة دولية وإقليمية للتحكيم منها المركز الإقليمي للتحكيم بالقاهرة ، والمركز الإقليمي للتحكيم في كوالالمبور بماليزيا [6]، ومنها مركز التحكيم الإسلامي بجامعة الأزهر الذي بدأ يزاول نشاطه منذ عام 1995م ، والذي تنصّ المادة (23) من لائحته على أن ( تطبق هيئة التحكيم على النـزاعات المعروضة أمامها مبادئ الشريعة الإسلامية وتختار ما تراه مناسباً من الآراء وفقاً لاجتهادها إلاّ إذا ألزمها الطرفان بتطبيق مذهب فقهي معين دون غيره )[7].
 وقد أولت الدول والمؤسسات المالية عناية كبيرة بهذا المجال حيث عقدت اتفاقيات جماعية وثنائية ، وتعقد سنوياً عدة مؤتمرات دولية وندوات علمية لأجل توضيح معالمها ومتابعة آخر القوانين واللوائح الدولية والإقليمية والتطورات القضائية والفقهية .
 وبحثنا هذا لا يخوض في غمار التحكيم ذلك البحر المتلاطم الأمواج ، وإنما يتجه نحو التركيز على المبادئ العامة للتحكيم في الفقه الإسلامي وكيفية التحكيم في البنوك الإسلامي والمؤسسات المالية الإسلامية مستعيناً بالله تعالى أولاً ، ومستفيداً من كلّ ما أمكن الاستفادة منه من الكتب الفقهية والقانونية والاقتصادية ، ومن التطبيقات في هذا المضمار .
 وأعتقد أن علينا جميعاً ـ باحثين وأصحاب مال ومؤسسات إسلامية ـ واجباً كبيراً لتوضيح معالم شريعتنا الغراء في مجال التحكيم ، والقيام بدراسات مستفيضة وندوات علمية ، بل ومؤتمرات دولية للوصول إلى إقناع المجتمع الدولي بعظمة الشريعة في هذا المجال أيضاً ، وأن فقهنا الإسلامي الخاص بالتحكيم مرن متطور يستجيب لكل قواعد العدالة ، حتى لا يتكرر مثلما حدث في بعض التحكيمات الدولية من استبعاد قانون إحدى دول الخليج بزعم أنه قانون متخلف لا يمكن استخدامه لتفسير ، أو حكم العلاقات التجارية الحديثة ، أو ما قيل في سبب رفض نظام آخر مأخوذ من الشريعة من ادعاء جاهل بأنه ( لا يحتوي أي حل للمشكلة المطروحة )[8].
والله أسأل أن يوفقنا جميعاً لخدمة شريعته الغراء ، إنه وليّ التوفيق .
                                                                                                                                          كتبه الفقير إلى ربه
علي محي الدين القره داغي
                                                                                          غرة رجب 1422هـ


التحكيم عند اللغويين :
التحكيم : لغة مصدر حكّم يحكّم ـ بتشديد الكاف ـ أي جعله حكماً . والحُكْم ـ بضم الحاء وسكون الكاف ـ هو القضاء ، وجاء بمعنى العلم والفقه والقضاء بالعدل ، ومنه قوله تعالى: ( وآتيناه الحكم صبياً )[9] ، ومنه الحكمة بمعنى وضع الشيء في محله .
 والحَكَم ـ بفتح الحاء والكاف ـ من أسماء الله تعالى ، قال تعالى : ( أفغير الله أبتغي حَكَماً )[10] ، ويطلق على من يختار للفصل بين المتنازعين وبهذا ورد أيضاً في القرآن الكريم ( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حَكَماً من أهله وحَكَماً من أهلها )[11] . والمحكم هو الحكم ، واحد المحكمة هم الخوارج الذين قالوا : لا حكم إلاّ لله [12].
 وقد تكرر لفظ ( حكم ) ومشتقاته في القرآن الكريم أكثر من مائتي مرة منها القضاء بين الناس وفصل منازعاتهم العامة والخاصة بالقسط كقوله تعالى : ( وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل )[13] ، وبمعنى البيان والحكم لخلافاتهم حول الإله والكون والمبدأ والمصير ، والقضايا الإنسانية كقوله تعالى : ( إنا أنـزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله )[14] .
 وورد بلفظ (يحكموك) في قوله تعالى:(فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما)[15]،حيث نزلت هذه الآية في الزبير ورجل من الأنصار قد شهد بدراً ، تخاصما إلى رسول الله صلىالله عليه وسلم في شراج من الحرّة كانا يسقيان به كلاهما فقال رسول الله ـ صلىالله عليه وسلم ـ للزبير:(اسق ، ثم أرسل إلى جارك) فغضب الأنصاري فقال : يا رسول الله أن كان ابن عمتك ، فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال :(اسق ، ثم احبس حتى يبلغ الجدر )[16]،حيث يدل على ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يصلح بينهما بشيء فيه سعة للطرفين ، فلما لم يرض بالصلح حكم عليه بالحكم البيّن الذي فيه الحق الكامل للزبير[17].وبلفظ(يحكمونك) في قوله تعالى : ( وكيف يحكمونك وعنهم التوراة فيها حكم الله )[18].     
 وبلفظ ( حكماً ) ثلاث مرات وهي قوله تعالى : ( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما )[19] ، والمراد بالحكم هنا من يرتضيه الزوج أو الزوجة للفصل بينهما بعدل ، أو من يختاره ولي الأمر أو من ينوب عنه من القضاة من أهل الزوجين للفصل في شقاق بينهما [20]. ومنها قوله تعالى : ( أفغير الله أبتغي حكماً وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلاً)[21] ، أي حكماً يرجع إليه في الحكم والقضاء ولا يختلف الأمر عن السنة حيث وردت هذه الكلمة ومشتقاتها كثيراً بهذه المعاني المذكورة [22].
التحكيم في اصطلاح الفقهاء :
 عرَّفته مجلة الأحكام العدلية في مادتها 1790 فقالت : ( التحكيم عبارة عن اتخاذ الخصمين حاكماً برضاهما لفصل خصومتهما ودعواهما ) ، ويقال لمن ارتضى به الطرفان الحَكَم ـ بفتح الحاء والكاف ـ ، والمُحَكّم ـ بضم الميم وفتح الحاء ، والكاف المشددة ـ وبما أن حكم الحكمين ملزم ( لأنه إذا لم يكن ملزماً لم تتحقق الفائدة المنشودة ) فلا بدّ من إضافة الإلزام إلى التعريف ، فيكون التعريف الجامع المانع في نظري هو : أن التحكيم اتفاق طرفي الخصومة على تولية من يفصل بينهما بحكم ملزم )[23] .
 والاتفاق يتم إما عن طريق العقد الموقع بينهما الذي ينصّ على شرط التحكيم ، أو يتم بأية وسيلة أخرى ، وخرج بلفظ الاتفاق القضاء حيث انه منصوب بأمر الدولة . ويشمل ( طرفا الخصومة ) الشخصين الطبيعيين ، أو الاعتباريين ، والمراد بالخصومة ما جرى فيه النـزاع بين الطرفين سواء كان المتنازع فيه مالاً أو غيره ، ولا بدّ من الخصومة والنـزاع ، لأنه بدونه لا يسمى تحكيماً.    وقوله ( من يفصل بينهما ) شامل لفرد واحد أو لأكثر ، كما أنه شامل لهيئة ، أو مركز ، أو أية شخصية اعتبارية مثل مراكز التحكيم ، وخرج ( بحكم ملزم ) الفتيا التي يصدرها المفتي عندما يلجأ إليه المتخاصمان ) .
والتحكيم في اصطلاح القانونيين :
هو الاتفاق على إحالة ما ينشأ بين الأفراد من النـزاع بخصوص تنفيذ عقد معين ، أو على إحالة أي نـزاع نشأ بينهم بالفعل على واحد ، أو أكثر من الأفراد يسمون المحكمين ليفصلوا في النـزاع المذكور بدلاً من أن يفصل فيه القضاء المختص .
ويسمي أكثرهم الاتفاق مقدماً قبل قيام النـزاع على عرض المنازعات التي قد تنشأ في المستقبل خاصة بتنفيذ عقد معين على محكمين : شرط التحكيم ، وسماه نظام التحكيم السعودي والقانون المصري الجديد : وثيقة التحكيم ، في حين سماه القانون الكويتي ، ومجمع اللغة المصري : اتفاق التحكيم ، وسماه القانون اللبناني ( الفقرة الحكمية ) .
 وأما الاتفاق على التحكيم في نـزاع معين بعد نشوئه فيسمونه مشارطة التحكيم ، وسماه القانون اللبناني ( العقد التحكيمي )[24].
 وقد عرفت المادة 37 من اتفاقية لاهاي الأولى عام 1907م التحكيم الدولي بأنه تسوية المنازعات فيما بين الدول بواسطة القضاة الذين تختارهم وعلى أساس احترام القانون الدولي .
 وإذا نظرنا إلى هذه التعريفات القانونية والدولية لوجدناها متقاربة لا تختلف في جوهرها عن تعريف الفقه الإسلامي ، ولا يضيره أنه لم يقسم التحكيم إلى ما قبل النـزاع وبعده وذلك لأن تعريفه له يشملهما ، وأن صدره لا يضيق بالتقسيمات الفنية بل يرحب بها .

المصطلحات المتشابهة بالتحكيم :
 هناك عدة مصطلحات ( مثل القضاء ، والصلح والإفتاء ، والتوفيق ) لها شبه بالتحكيم من حيث البحث عن بيان حكم الله تعالى للمنازعات ومن حيث بعض الأحكام الأخرى ، وهي القضاء ، والصلح والإفتاء .
فالقضاء له شبه بالتحكيم من الأوجه التالية :
1.كلاهما يبحثان عن بيان حكم الله تعالى للقضية المتنازع فيها .
2.كلاهما يفصلان في الخصومات .
3.كلاهما يلزم بأحكامهما المتنازعان ، فحكم المحكم كحكم القاضي في الإلزام .
4.كلاهما لا يتصدى لمنازعات الناس دون رفع الأمر إليهما .
ولكن مع ذلك توجد فروق جوهرية من أهمهما :
1.أن ولاية القاضي أو الحاكم مستمدة من السلطة الشرعية ، في حين أن ولاية المحكم مستمدة من طرفي النـزاع ، وقد تكون مستمدة من القاضي في بعض الحالات .
 ولا شك أن استناد التحكيم إلى رضاء من يلجأون إليه يضع في أيديهم رسم نطاق محدد لا يحق للمحكم أن يتجاوزه ، في حين أن القاضي ليس للمتنازعين سلطان عليه في رسم نطاق التقاضي إلاّ ما يخص بنود الاتفاقية .كما أن المتنازعين يملكان عزل المحكم في حين أن المتخاصمين ليس لهم أي علاقة بفصل القاضي ، بل القضاء في الإسلام وفي النظم المعاصرة مستقل عن السلطة التنفيذية.
2.أن ولاية القاضي أو الحاكم ولاية عامة حيث لا يخرج عن سلطة القضاء أحد ، ولا يستثنى من اختصاصه موضوع كما أنها هي الأصل والمبدأ العام في فصل المنازعات ، أما ولاية المحكم فهي ولاية فرعية خاصة بموضوع التحكيم المتفق عليه بين الطرفين[25].
3.أن عقد التحكيم عقد رضائي ، في حين أن القضاء ليس كذلك بالنسبة للمتخاصمين ، بل هو سلطة ونظام .
4.أن حكم المحكّم إذا لم يطبقه المتخاصمان ، وتنازعا فيه يلجأن إلى القضاء للإلزام إذن فمصيره إلى القضاء في هذه الحالة ، في حين أن حكم القاضي ملزم وواجب التنفيذ حيث تنفذه الأجهزة التنفيذية مباشرة .
5.إن حكم المحكم إذا رفع إلى القاضي يجوز له أن ينقضه إذا وجد فيه خللاً في مراحل التحكيم وقواعده ، في حين أن حكم القضاء في نفس مرتبته لا ينقض .
6.إن حكم المحكم إذا رفع إلى القاضي وكان محل التحكيم أمراً اجتهادياً يجوز له أن ينقضه عند بعض الفقهاء ، أما إذا كان حكماً قضائياً فإن حكم القاضي لا ينقض بحكم قاض آخر ، فالاجتهاد لا ينقض باجتهاد مثله .
7.إن حكم المحكم بثبوت الوقف لا يجعله لازماً عند الحنفية ، في حين أن حكم القاضي يجعله لازماً ، لأنه يرفع الخلاف .
8.إن حكم المحكم على وصي الصغير بما  هو ضرر على الصغير لا يصح ، لأن تحكيم الوصي بمنـزلة الصلح وهو لا يلزم الصبي فيما هو ضرر عليه ، أما حكم القاضي بذلك فصحيح إذا توافرت شروطه [26].
9.إن حكم المحكم برد الشهادة للتهمة لا يلزم غيره كما لا يلزم القاضي إذا عرض عليه الأمر وشهدت البينة بعدالة الشاهد ، أما إذا ردّ الشهادة القاضي للتهمة فإنه لا يحق لقاضٍ آخر أن يقبلها [27].
 وأما الصلح وإن كان يتفق مع التحكيم في فصل المنازعات لكنه يختلف معه في أن الصلح يتم بين الطرفين المتنازعين عن طريق تنازلهما ، أو تنازل أحدهما ودياً أي بالتراضي دون تحاكمهما إلى طرف ثالث ، فالقرار يصدر منهما معاً ، أو من أحدهما حتى لو تدخل مصلح فهو لتقريب وجهات النظر دون إصدار القرار ، أما التحكيم فهو يصدر من الطرف الثالث ( غير طرفي النـزاع ) فالصلح عقد يرفع النـزاع ويقطع الخصومة بتراضي الطرفين ، أما التحكيم فإنه يقطع الخصومة عن طريق إصدار حكم ملزم من المحكم .
 وأما الإفتاء فهو يشترك مع التحكيم في أن كلاً منهما يبحث عن بيان حكم الله في النازلة أو المنازعة وأنه لا يتطلب ولاية الإمام ، بل برضاء المستفتي ، أو المتنازعين ، لكنه يختلف عنه في أن حكم المفتي ليس ملزماً ، في حين أن حكم المحكم ملزم ، كما أن الإفتاء أعمّ حيث يمكن أن يكون في المنازعات أو في العبادات ، أو غيرهما ، أما التحكيم فهو خاص بالمنازعات التي التجأ أصحابها إلى المحكم [28]. وقد لخص ابن فرحون هذا الفرق بعبارة موجزة فقال في الفرق بينهما : ( المفتي مخبر ، والحاكم ملزم )[29] .
 وهناك مصطلح آخر في القانون يسمى التوفيق ( Consiliation  ) ، حيث يقصد به التقريب بين وجهات نظر الطرفين ا فالموفق هو الوسيط الذي يحاول أن يقرب بين وجهات نظرهما للوصول إلى اتفاق لتسوية النـزاع ، لكن قراره ليس ملزماً كما هو الحال في التحكيم ، وكما لا يلتزم الموفق بتطبيق قانون معين [30].
أدلة مشروعية التحكيم :
يدل على مشروعية التحكيم الكتاب ، والسنة ، والإجماع :
 أما الكتاب فقوله تعالى : ( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما )[31] ، فالآية صريحة في مشروعية التحكيم ، بل استحبابه للإصلاح بين الزوجين في حالة الخوف من شقاق بينهما ، قال القاضي أبوبكر ابن العربي : ( " وهي من الآيات الأصول في الشريعة " ثم ذكر أقوال العلماء في المخاطب به فقال سعيد بن جبير :  المخاطب : السلطان ، وقال مالك : قد يكون السلطان وقد يكون الوليين إذا كان الزوجان محجورين ، ثم قال القاضي : " فأما من قال : إن المخاطب الزوجان فلا يفهم كتاب الله ، وأما من قال : إنه السلطان فهو الحق ، وأما قول مالك : إنه قد يكون الوليين فصحيح ، ويفيده لفظ الجمع فيفعله السلطان مرة ويفعله الوصي أخرى،وإذا أنفذ الوصيان حكمين فهما نائبان عنهما ، فما أنفذاه نفذ ، كما لو أنفذه الوصيان )[32].       
 وعلى هذا القول بأنه السلطان فقط جماهير الفقهاء [33]، قال القاضي : ( وقد روى محمد بن سيرين وأيوب عن عبيدة عن علي، قال : جاء إليه رجل وامرأة ومعهما فَئام ( أي جماعة ) من الناس ، فأمرهم فبعثوا حكماً من أهله ، وحكماً من أهلها ، ثم قال للحكمين : أتدريان ما عليكما ؟ إن رأيتما أن تجمعا جمعتما ، وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما ، فقالت المرأة رضيت بما في كتاب الله لي وعليَّ ، وقال الزوج أما الفرقة فلا ، فقال : لا تنقلب حتى تقرّ بمثل الذي أقرّت )[34]. ثم ذكر القاضي أن قوله تعالى : ( حكماً من أهله وحكماً من أهلها ) ، نصٌّ من الله سبحانه في أنهما قاضيان لا وكيلان …. )[35].
كما أرجع القرآن الكريم الأمر في موضوع جزاء الصيد إلى حكمين فقال تعالى : ( .. ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل )[36].
   وأما السنة فقد صحّ أن رسول الله ـ صلىالله عليه وسلم ـ قد رضي بتحكيم سـعد بن معاذ ـ رضي الله عنه ـ في أمر اليهود من بني قريظة حينما رضوا بالنـزول على حكمه )[37].
 وأما الإجماع فقد ثبت منذ عهد الصحابة الكرام من خلال عدة قضايا تـنازع فيها بعضهم فالتجأوا إلى التحكيم فقبلوه ، منها أنه كان بين عمر وأبيّ بن كعب منازعة في نخل فحكّما بينهما زيد بن ثابت ـ رضي الله عنهم جميعا ًـ[38] ، واختلف عمر مع رجل فتحاكما إلى شريح [39].          ومنها أن عثمان وطلحة تحاكما إلى جبير بن مطعم [40] ـ رضي الله عنهم ـ علماً بأن هؤلاء المحكمين لم يكونوا قضاة في ذلك اليوم. ومنها ما ثبت أن المهاجرين والأنصار اختلفوا في وجوب الغسل من الختانين دون نـزول الماء فحكموا علياً فقضى بالغسل[41]، ومنها تحكيم أهل الشورى عبدالرحمن بن عوف[42]، وتحكيم علي أبا موسى الأشعري ، وتحكيم ومعاوية عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهم جميعاً ـ[43].والآثار المروية تدل على تكرار ذلك أكثر من مرة أمام جمع كبير من كبار الصحابة ولم يسمع بمخالفة أحدهم لذلك ، ولا إنكارهم ذلك فكان ذلك إجماعاً [44].
 وعلى جواز التحكيم مطلقاً ( مع وجود القاضي أو عدمه ) جماهير الفقهاء من الحنفية ، والمالكية ، والشافعية في قول ، والحنابلة ، والزيدية ، وبعض الإمامية ، وهو مروي عن الشعبي ، وابن سيرين ، وعبدالله بن عتبه [45].
 وخالفهم في ذلك ابن حزم الظاهري ، والشافعية في قول حيث قيدوا جواز التحكيم بعدم وجود قاض في البلد ، في حين منع مطلقاً الشافعية في قول آخر لهم والإمامية [46]. وأمام أدلة الجمهور التي ذكرنا بعضها يصبح هذان القولان ضعيفين لا ينهضان للوقوف أمامها ، ولا يسع البحث للخوض في الردّ عليها [47].
سعة دائرة التحكيم :
 لقد رأينا في البحث السابق أن التحكيم في القرآن الكريم شمل الجوانب الأسرية ، وجزاء الصيد ، وأن السنة النبوية المشرفة قد طبقته في مجال الأسرة والمال ، والحرب ، وأما تطبيقات الصحابة الكرام فقد شملت مختلف القضايا السياسية والمالية ، والقضايا الكبرى كاختيار الإمام كما في قصة تحكيم أهل الشورى لعبدالرحمن بن عوف ، وعزله كما في تحكيم سيدنا علي ومعاوية الحكمين أبا موسى ، وعمرو بن العاص ـ رضي الله عنهم ـ ، والقضايا الصغرى الفرعية في مجالات النـزاع على الأموال والحقوق .
 ومن هنا فدائرة التحكيم في الفقه الإسلامي واسعة جداً بحيث يمكن اللجوء إليها في المسائل المالية والاقتصادية والاجتماعية والدستورية والسياسة الشرعية ونحوها إلاّ في الحدود واللعان ونحوهما مما هو من حقوق الله تعالى ( الحق العام ) كما سيأتي ، ومن هنا فالتحكيم في الفقه الإسلامي يسع كل الأنواع والتسميات المعاصرة مثل التحكيم التجاري العادي ، الدولي ، والتحكيم في المنازعات البحرية ، والتحكيم في القانون الدولي وفي مجال تطبيق قانون العمل بالنسبة للعمال وربّ العمل .
أركان التحكـيم :
 يتفق القانون مع الفقه الإسلامي في أن اتفاق التحكيم عقد رضائي ، وليس شكلياً يتوقف على شكل معين ، لكنه يختلف معه في إثبات الاتفاق على التحكيم يتوقف على كونه مكتوباً نظراً لأهميته ،وخطورته [48]، وكذلك الأمر بالنسبة لجميع شروطه وبنوده في حين أن الفقه الإسلامي لا يشترط الكتابة فيه ، بل يجوز إثباته بها ، وبالاتفاق الشفهي أيضاً ، وبالشهادة ، لكن الفقه الإسلامي يندب إلى إثبات الحقوق بكل الوسائل المتاحة ، ومن هنا فلو اشترطت الدولة ، أو الطرفان أن لا يتم التحكيم إلاّ مكتوباً فلا أخال أن في ذلك مخالفة للشريعة الغراء التي أمرت بالكتابة في عصر كانت الكتابة فيه نادرة ، فقال تعالى : ( فاكتبوه …. وليكتب بينكم كاتب بالعدل )[49].
 وأركان العقد معروفة وهي العاقدان ، والصيغة المعبرة عن العقد ، ومحل التحكيم هو الأمر المتـنازع عليه ، ولا أدخل في تفاصيل الشروط العامة لأركان العقد [50]، ولكنني اذكر أهم الشروط الخاصة بالتحكيم وهي :
1.أن يكون المحكم أهلاً لولاية القضاء ، لأن المحكم كالقاضي[51].
2.أن لا يكون محل التحكم في الحدود واللعان عند جماهير الفقهاء ( الحنفية ، والمالكية ، والشافعية ، والحنابلة في رواية على تفصيل داخل المذاهب ، ولا القصاص والديات عند جماعة من الفقهاء منهم الحنفية ، وذلك لخطورة هذه الأمور وأنها منوطة بالسلطة القضائية [52]وقد وضع ابن عرفة معياراً لذلك وهو أنه يجوز التحكيم فيما يصح لأحدهما ترك حقه فيه [53] وهو معيار صحيح دقيق لأن الحقوق العامة كما في الحدود واللعان لا يمتلكها الإنسان نفسه ، في حين أن ظاهر كلام أحمد أن التحكيم جائز في جميع القضايا ، قال القاضي أبو يعلى : ( وينفذ حكم من حكمّاه في جميع الأحكام إلاّ أربعة أشياء : النكاح ، واللعان ، والقذف والقصاص ، لأن لهذه الأحكام مزية على غيرها فاختص الإمام بالنظر فيها ، ونائبه يقوم مقامه ، وقال أبو الخطاب : ظاهر كلام أحمد أنه ينفذ حكمه فيها ، ولأصحاب الشافعي وجهان كهذين )[54].
3. تراضي طرفي الخصومة على التحكيم ، أما إذا عين القاضي المحكم فلا يشترط رضاهما ، لأنه نائب عن القاضي والمقصود أن يتم اتفاقهما على قبول مهمة التحكيم إما في العقد نفسه قبل نشوب النـزاع ، أو بعده [55].
 وهذا التراضي يمثل ركن التحكيم وجوهره ، لأنه عقد لا ينعقد إلاّ بالإيجاب والقبول ولذلك يشترط فيهما الشروط التي ذكرها الفقهاء من كونهما متصلين واقعين على محل واحد ، ثم إن هذا التواصي قد يعبر عنه العاقدان المحكمان ( بكسر الكاف المشددة ) صراحة كم لو قالا : اتفقنا على التحكيم ، أو حكمناك فيما بيننا ، وقد يظهر دلالة كما لو اختصما إلى رجل ليحكم بينهما [56].
 وللمحكمين الحق في تقييد رضاهما أو إطلاقهما ووضع الشروط ما دام ذلك لا يخالف نصاً من الكتاب والسنة ، كما أن لهما تعليقه ، أو إضافته إلى المستقبل عند بعض الفقهاء منهم أبو يوسف[57]. 
طبيعة عقد التحكيم :
 قد يتم عقد التحكيم قبل النـزاع من خلال شرط في العقد يضعه الطرفان وينصّ فيه عادة : أنه إذا حدث نـزاع في تفسير العقد ، أو في تنفيذه ، أو فيما يتعلق به من آثاره فإنه يصار إلى التحكيم .
 وهذا ـ كما سبق ـ يسمى بشرط التحكيم في معظم القوانين الغربية ، أو وثيقة التحكيم في نظام التحكيم السعودي ، والقانون المصري الجديد ، أو اتفاق التحكيم في القانون الكويتي ، وهذا الاسم هو الذي اختاره مجمع اللغة المصري .
 وقد يتم التحكيم بعد حدوث النـزاع ، وحينئذٍ يبرم الطرفان المتنازعان اتفاقاً باللجوء إلى التحكيم ، ويسمى مشارطة التحكيم ـ كما سبق ـ ، ففي الحالتين تمّ عقد التحكيم بتراضي الطرفين ، وهو من العقود الرضائية في الشريعة والقانون ـ كما سبق ـ وهو عقد اختياري محله المعقود عليه المنازعة والخصومة وهدفه الفصل فيها للوصول إلى حلّ عادل .
 هذا هو الأصل العام ، ولكنه يقول أهل القانون أنه قد استحدث في المجتمعات الاشتراكية نوع من التحكيم يسمى التحكيم الإجباري وهو الذي يقرر المشرع أنه لا يجوز إطلاقاً الالتجاء إلى القضاء ، أو ينصّ على وجوب طرحه عند النـزاع على هيئة التحكيم ، وهذا يعتبر استثناءً من الأصل [58].
 ولم أرَ من تطرق إلى هذه المسألة في الفقه الإسلامي من المعاصرين ، في حين أن التحكيم الإجباري نوع أساسي في الفقه الإسلامي وليس استثناءً ، فقد ذكر جماعة من الفقهاء منهم الشافعية على المعتمد ، وبعض المالكية ، وهو مروي عن علي وابن العباس ومعاوية والشعبي[59] إلى أن التحكيم واجب عند حدوث الشقاق بين الزوجين حيث قال الله تعالى : ( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما )[60] فالآية صريحة في دلالتها على الوجوب وقد تبنى هذا الرأي القاضي ابن العربي فقال : ( إذا علم الإمام من حال الزوجين الشقاق لزمه أن يبعث إليهما حكمين )[61] وقد ذكر القاضي أن المراد بالمخاطب هو ولي الأمر ونائبه المتمثل في القاضي[62] ، حيث لا يجوز له البت في الأمر إلاّ بعد هذا الإجراء ، وهو إرسال حكم من أهله ، وحكم من أهلها ، أو أن المراد أولياء الزوجين إذا كانا محجورين ، وأن الحكمين هما بمثابة القاضيين وليسا وكيلين ، قال القاضي ابن العربي : ( هذا نصّ من الله تعالى من أنهما قاضيان لا وكيلان ، وللوكيل اسم في الشريعة ومعنى ، وللحكم اسم في الشريعة ومعنى ، فإذا بين الله سبحانه كلّ واحد منهما فلا ينبغي لشاذ ـ فكيف لعالم ـ أن يركب معنى أحدهما على الآخر فذلك تلبيس وافساد للأحكام ، وإنما يسيران بإذن الله تعالى ويخلصان النية لوجه الله وينظران فيما عند الزوجين بالتثبيت ، فإن رأيا للجمع وجهاً جمعا ، وإن وجداهما قد أنابا تركاهما،…) وإن وجداهما قد اختلفا ولم يمكن الجمع بينهما ، أو أن الجمع لا ينفع لوجود تجارب أخرى فرّقا بينهما وهذا مروي عن عليّ وابن عباس ومعاوية والشعبي ، وهو مذهب مالك دافع عنه القاضي ابن العربي دفاعاً مستميتاً ، وقد ذكر عدة أدلة على ذلك[63].
 وقال إذا فرّقا فتكون الفرقة طلقة بائنة ، وأن هذه الفرقة لوقوع الخلل في مقصود النكاح من الألفة وحسن العشرة ( فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان )[64] وقد ردّ على من قال : بأن الظلم من أحد الزوجين لا ينافي النكاح ، بأن هذا نظر قاصر يتصور في عقود الأموال ، فأما عقود الأبدان فلا تتمّ إلاّ بالاتفاق والتآلف وحسن التعاشر ، فإذا فقد ذلك لم يكن لبقاء العقد وجه ، وكانت المصلحة في الفرقة ، ثم أوضح بأن حكم الحكمين كما أنه ملزم في الجمع ، أو الفرقة ، ملزم كذلك فيما يخص بقية الحقوق المالية من المنازلة أو أخذ شيء من أحدهما [65] ثم بيّن بأن القاضي لا يقضي بعلمه ، ولكن الشرع خصّ هاتين الواقعتين ( الشقاق وجزاء الصيد ) بحكمين لينفذ حكمهما بعلمهما وترتفع بالتعدد التهمة عنهما[66].
ومع وجود هذا التحكيم الإجباري في حالة الشقاق فإنه لا مانع شرعاً من التحكيم الاختياري من الزوجين أو من أهلهما ، أو من أوليائهما سواء اختارا حكمين ، أو حكماً واحداً ، أو أكثر من اثنين لأن التحكيم جائز وينفذ حكم المحكم إذا توافرت شروط التحكيم[67] .
 الواقعة الثانية للتحكيم الإجباري في جزاء الصيد حيث قال الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم … )[68]. فالآية صريحة في إرجاع الحكم بالجزاء إلى حكمين عدلين فقط وليس إلى غيرهما ، فهذا تحكيم إجباري طبقه الخلفاء الراشدون ، والصحابة الكرام ومن تبعهم بإحسان [69] كما أن الراجح أن هذا التحكيم مستمر في كل حادثة قتل لصيد الحرم دون الاكتفاء بما صدر عن العصور السابقة من الأحكام ، وهذا هو قول طاووس ، وابن أبي ليلى ، والحسن بن حيّ ، والثوري ، وأبي حنيفة ، ومالك والزيدية في أحد قوليهم[70] .
 وقد طبق الخلفاء الراشدون هذا التحكيم والتـزموا به ، فعن ميمون بن مهران أن أعرابياً أتى أبابكر ـ رضي الله عنه ـ فقال : قتلت صيداً وأنا محرم فما ترى عليَّ من الجزاء ؟ فقال أبوبكر لأبي بن كعب وهو جالس عنده : ما ترى فيها ؟ قال : فقال الاعرابي : أتيتك وأنت خليفة رسول أسألك ، فإذا أنت تسأل غيرك ، فقال أبوبكر : وما تنكر ؟ يقول الله تعالى : ( فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل ) فشاورت صاحبي حتى إذا اتفقنا على أمر أمرناك به )[71].
 وحدث مثل هذه القصة مع عمر ـ رضي الله عنه ـ حيث قال قبيصة بن جابر : حججنا زمن عمر فقتل أحد أصحابه ظبياً وهو محرم ، فأتينا عمر فسألناه عن ذلك ، وإذا على جنبه رجل ، يعني عبدالرحمن بن عوف ، فالتفت إليه فكلمه ، ثم أقبل على صاحبنا .. فأمره بذبح شاة .. قال قبيصة : فقلت لصاحبي : أيها الرجل أعظم شعائر الله ، والله ما درى أمير المؤمنين ما يفتيك حتى شاور صاحبه ، اعمد إلى ناقتك فانحرها … فبلغ عمر مقالتي ، فلم يفجأنا إلاّ ومعه الدرة.. [72]. والمقصود أن هذا التحكيم إجباري بأن يحتكم قاتل الصيد إلى حكمين عدلين ، وليس له غير هذا بنصّ القرآن الكريم.

عقد التحكيم بين الاستقلال والتبعية :
يثور التساؤل حول عقد التحكيم هل هو عقد مستقل أم هو تابع لأحد العقود المسماة ؟
 ذهب بعض الفقهاء إلى أن التحكيم ليس عقداً مستقلاً ، وأن الحكمين وكيلان عن الزوج والزوجة ، وهذا هو رأي الحنفية ، والشافعي في أحد قوليه ، وأحمد في أشهر أو أصح روايتيه ، وبه قال الطبري والزيدية ، وهو مروي عن الإمام علي ـ رضي الله عنه ـ وعن عمرو بن العاص ، وعطاء ، والحسن ، وأبي ثور ، والسدي[73] ، حيث استدلوا بقوله تعالى : ( فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها) ووجه الاستدلال أن تقييد الحكمين من أهله ، وأهلها يدل على أنهما وكيلان وليسا قاضيين أو حكمين ، قال الجصاص : ( ويدل قوله تعالى هذا على أن الذي من أهله وكيل له ، والذي من أهلها وكيل لها ) ثم ذكر أن رأي الحنفية أن الحكمين وكيلان لهما ،وكذا روي عن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ وعلى ضوء ذلك ليس لهما الحق في الفرقة أو الخلع إلاّ برضا الموكل )[74] .   
 واستدلوا كذلك بقوله تعالى : ( إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما ) وجه الاستدلال أن القرآن الكريم لم يضف إليهما إلاّ الإصلاح وهذا يقتضي أنهما لا يستطيعان أن يعملا شيئاً من الفرقة ونحوها إلاّ برضا الموكل الذي له الشأن[75] .
 وذهب أهل المدينة ومالك ، والشافعي في أحد قوليه ، وأحمد في الرواية الثانية التي رجحها ابن تيمية وابن القيم ، والظاهرية إلاّ ابن المعلّس إلى أن التحكيم ليس توكيلاً ، بل هو حكم وقضاء يتم باتفاق الطرفين[76] وبه أخذت معظم قوانين الأحوال الشخصية في البلاد العربية [77].
 واستدلوا بظاهر قوله تعالى : ( فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها ) فقالوا : فهو نصٌّ في أنهما حكمان وليسا وكيلين ، ولو كان الله تعالى يريد أن يكونا وكيلين ، فالتعبير يكون حينئذٍ بذلك وليس بالحكمين ، قال القاضي ابن العربي : ( هذا نصٌّ من الله سبحانه في أنهما قاضيان ، لا وكيلان ، وللوكيل اسم في الشريعة ومعنى ، وللحكم اسم في الشريعة ومعنى ، فإذا بيّن الله سبحانه كل واحد منهما فلا ينبغي لشاذ ـ فكيف لعالم ـ أن يركب معنى أحدهما على الآخر ، فذلك تلبيس وافساد للأحكام ….)[78] .
 قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( والحكمان كما سماهما الله تعالى هما حكمان عند أهل المدينة وأحد القولين للشافعي وأحمد ، وعند أبي حنيفة والقول الآخر لهما : هما وكيلان ، والأول أصح ، لأن الوكيل ليس بحكم ، ولا يحتاج فيه إلى أمر الأئمة ، ولا يشترط أن يكون من الأهل ، ولا يختص بحال الشقاق ، ولا يحتاج إلى نصّ خاص ، ولكن إذا وقع الشقاق فلا بدّ من ولي لهما يتولى أمرهما ، لتعذر اختصاص أحدهما بالحكم على الآخر ، فأمر الله تعالى أن يجعل أمرهما إلى اثنين من أهلهما فيفعلان ما هو الأصلح من جمع بينهما وتفريق ، بعوض أو بغيره …. )[79] .
قال ابن القيّم : (( والعجب كل العجب ممن يقول : هما وكيلان لا حاكمان ، والله تعالى قد نصبهما حَكَمين ، وجعل نصبهما إلى غير الزوجين ، ولو كانا وكيلين ، لقال : فليبعث وكيلاً من أهله ، ولتبعث وكيلاً من أهلها . وأيضاً فلو كانا وكيلين ، لم يختصا بأن يكونا من الأهل . 
 وأيضاً فإنه جعل الحُكْمَ إليهما فقال : " إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما " ، والوكيلان لا إرادة لهما ، إنما يتصرفان بإرادة موكليهما . وأيضاً فإن الوكيل لا يسمى حكماً في لغة القرآن ، ولا في لسان الشارع ، ولا في العرف العام ولا الخاص .
 وأيضاً فالحكم من له ولاية الحُكْمِ والإلزام ، وليس للوكيل شيء من ذلك . وأيضاً فإن الحَكَمَ أبلغ من حاكم ، لأنه صفة مشبهة باسم الفاعل دالة على الثبوت ، ولا خلاف بين أهل العربية في ذلك ، فإن كان اسم الحاكم لا يصدق على الوكيل المحض ، فكيف بما هو أبلغ منه .
 وأيضاً فإنه سبحانه خاطب بذلك غير الزوجين ، وكيف يصحُّ أن يوكِّل عن الرجل والمرأة غيرهما ، وهذا يحُوِجُ إلى تقدير الآية هكذا : ( وإن خفتم شقاق بينهما ) ، فمروهما أن يوكِّلا وكيلين : وكيلاً من أهله ووكيلاً من أهلها ، ومعلوم بُعْدُ لفظ الآية ومعناها عن هذا التقدير ، وأنها لا تدل عليه بوجه ، بل هي دالة على خلافه ، وهذا بحمد الله واضح .
 وبعث عثمان بن عفان عبدالله بن عباس ومعاوية حَكمين بين عقيل بن أبي طالب وامرأته فاطمة بنت عتبة بن ربيعة ، فقيل لهما : إن رأيتما أن تفرّقا فرقتما [80]، وصحّ عن عليّ بن أبي طالب أنه قال للحكمين بين الزوجين : عليكما إن رأيتما أن تفرِّقا ، فرَّقتما ، وإن رأيتما أن تجمعا ، جمعتما[81] . فهذا عثمان ، وعليّ ، وابن عباس ، ومعاوية ، جعلوا الحكم إلى الحكمين ، ولا يعرف لهم من الصحابة مخالف ، وإنما يعرف الخلاف بين التابعين من بعدهم ، والله أعلم ))[82] .
 ويمكن أن نناقش دليلي القول الأول بأنهما لا ينهضان حجة على دعواه ، وذلك أن تقييد الحكمين بكونهما من أهلهما لا يدل على أنهما وكيلان ، وإنما لخصوصية قضايا الأسرة أراد الله تعالى أن تبقى أسرارها بين الحريصين على عدم كشفها وعلى الإصلاح بدافع القرابة إضافة إلى دافع الإيمان ، كما أن ذكر إرادة الإصلاح لا ينفي أن لهما دوراً آخر ، بل الآية نفسها تدل على أن بذل الجهد والإخلاص للإخلاص حرصاً منه تعالى على إبقاء عرى الأسرة متماسكة .
 ولذلك فالراجح هو القول الأخير ، وعلى ضوء ذلك فعقد التحكيم ليس عقد الوكالة ، وإنما هو عقد مستقل له خصائصه التي ذكرناها من خلال النقول السابقة .
 وهكذا الأمر في مسألة الحكمين في باب جزاء الصيد ، حيث لا يرد أن يكونا وكيلين لأنه حينئذٍ يثور التساؤل حول كونهما وكيلين عمن ؟ ومن الذي وكلهما ؟ وإنما هما حكمان بأمر من الشرع يحكمان بالعدل والإنصاف .
 نعم لا ينكر أن يكون في التحكيم بعض الشبه بالتوكيل ، ولكن هذا الشبه لا يؤدي إلى انصهار التحكيم في بوتقة التوكيل ، كما هو الحال بالنسبة للمضارب ، والشريك مع كونهما لهما حكم الوكيل ولكنهما مختلفان عنه ، فالمضاربة والمشاركة عقدان مستقلان وليسا تابعين للوكالة .
 وحتى في عقد التحكيم المالي سواء أكان مشروطاً في العقد ، أم كان الاتفاق بعد النـزاع لا يمكن أن تطبق عليه أحكام الوكالة وإن كان فيه بعض الشبه والآثار ، وذلك لأن مقتضى عقد الوكالة أن الوكيل يعبر دائماً عن إرادة موكله ، ويحافظ على مصالحه ، في حين أن الحكم أو المحكم يعبر عن إرادته حسب ما يقتضيه العدل والإنصاف فهو حكم وحاكم ولا يجوز له أن يميل عن الحق ويعدل عنه ، ثم إن الحكم قد يكون شخصاً واحداً طبيعياً أو اعتبارياً ( مركز التحكيم ) فكيف يعبر عن إرادتي الموكلين المتعارضين ، والحق أن اعتبار عقد التحكيم عقد وكالة لا يستقيم مع الآثار الكثيرة للتحكيم التي تختلف تماماً عن كثير من آثار عقد الوكالة ، وقد ذكرنا بعضها آنفاً.
 ثم إن عقد التحكيم قد دلت على اعتباره الأدلة الخاصة من الكتاب والسنة والإجماع شأنه في ذلك شأن العقود المسماة في الفقه الإسلامي بل أدلته أقوى وأكثر من أدلة الوكالة .
 ومن جانب آخر حتى لو لم يرد به نصٌّ خاص فإن النصوص العامة من وجوب الوفاء بالعقود والشروط التي لم تخالف نصّاً صريحاً تستوعبه إضافة إلى أن الأصل في العقود والشروط الإباحة عند جمهور الفقهاء كما أثبتنا ذلك في رسالتنا الدكتوراه [83].

عقد التحكيم بين اللزوم والجواز :
 ويثور تساؤل آخر هل عقد التحكيم عقد لازم للطرفين بعد انعقاده بحيث لا يحق لواحد منهما فسخه إلاّ برضا الآخر كما هو شأن العقود اللازمة ، أم هو عقد جائز غير لازم يجوز لأي واحد منهما فسخه متى شاء ؟ وإذا كان عقداً غير ملزم فهل يظل غير لازم حتى بعد صدور الحكم ؟

إذن فالاحتمالات ثلاثة : الاحتمال الأول : أن عقد التحكيم يصبح لازماً بمجرد انعقاده بالإيجاب  والقبول إذا توافرت شروطه .
الاحتمال الثاني : أنه عقد جائز ( غير ملزم ) مطلقاً حتى بعد صدور الحكم حتى يحتاج إلى رضاء الطرفين بالحكم وإلاّ لم يصبح ملزماً .
الاحتمال الثالث:أنه عقد غير ملزم إلى الشروع في الحكم،فإذا شرع في إجراءات الحكم أصبح لازماً .
الاحتمال الرابع : أنه عقد جائز ( غير ملزم ) من حيث هو إلى أن يصدر الحكم فحينئذٍ يصبح ملزماً .
 وذهب إلى الاحتمال الثاني الشافعية في أحد قوليهم ورجحه المزني ، في حين رجح النووي القول الثاني[84] والإمامية[85] والزيدية في أحد قوليهم[86] .
 وهؤلاء يذهبون إلى أن الحكمين لكل واحد منهما حق الفسخ والرجوع قبل صدور الحكم ، وحتى إذا صدر لا بدّ من رضاهما حيث لا يلزم الحكم إلاّ بتراضيهما ، فحينئذ يكون حكمهما كالفتوى ، وهكذا الأمر بالنسبة للحكم حيث له الحق في رفض التحكيم مطلقاً ورده .
وهؤلاء قاسوا التحكيم على الفتيا ، وأن رضا المتخاصمين معتبر في بداية التحكيم فلا بدّ أن يكون معتبراً في نهايته ، وأن إلزامهما بحكم الحكم افتاتٌ على القاضي والإمام .
 وهذا دليل ضعيف لا ينهض أمام المناقشة ، فقياس التحكيم على الفتيا قياس مع الفارق ـ كما بينا الفوارق بينهما في بداية البحث ـ وقياس النهاية على البداية قياس سقيم ومع الفارق ، ولو قيل به لأدى إلى عدم لزوم أي عقد ، فجميع العقود لا بدّ فيها من التراضي في البداية في حين لا يشترط فيها الرضا بآثار العقد في النهاية ، كما أنه ليس فيه افتئات على القاضي والإمام لأن نطاق سلطة التحكيم محصوره فيما تراضى عليه الخصمان ، أما سلطة القاضي والإمام فواسعة تشمل كل القضايا ، كما تشمل إصدار الحكم بالعقوبات .
  وذهب إلى الاحتمال الثالث جمهور المالكية والحنابلة في الرواية المشهورة عندهم حيث أجازوا حق الرجوع إلى الشروع بإجراءات الحكم من إحضار البينة ونحوها وحينئذٍ يصبح العقد لازماً لا حق لهم من الرجوع[87] وقد رجح مجمع الفقه الإسلامي في قراره رقم 95/8/9 هذا الرأي فقال :  ( التحكيم عقد غير لازم لكل من الطرفين المحتكمين ، والحكم فيجوز لكل من الطرفين الرجوع فيه ما لم يشرع الحكم في التحكيم ، ويجوز للحكم أن يعزل نفسه ـ ولو بعد قبوله ـ ما دام لم يصدر حكمه ، ولا يجوز له أن يستخلف غيره دون إذن الطرفين ، لأن الرضا مرتبط بشخصه ).
  وذهب إلى الاحتمال الرابع فقهاء الحنفية[88] ، والشافعية في أظهر قوليهم[89] ، وبعض المالكية[90] ، وبعض الحنابلة[91] ، والإمامية[92] . فهؤلاء ذهبوا إلى أن لكل واحد من المتخاصمين الحق في فسخ التحكيم ما دام الحكم لم يصدر ، قياساً على الوكيل حيث للموكل الحق في فسخ عقد الوكالة مادام الوكيل لم ينفذ المهمة الموكلة إليه وقياساً على سلطة السلطان في عزل القاضي ( وهكذا الأمر بالنسبة للحكم ).
 ويمكن الإجابة عن هذه الأدلة بأن قياس التحكيم على التوكيل قياس مع الفارق ، فالوكيل نائب عن الموكل فيكون للموكل الحق في الاستغناء عنه كما أن الوكيل قد تمّ توكيله من قبل إرادة واحدة في حين أن الحكم قد تمّ بإرادة شخصين متخاصمين لتحقيق غرض واضح ، فما ثبت بتراضي الطرفين وجب أن لا يفسخ إلاّ بإرادتيهما ، وإلاّ فيكون عمل المتحاكم في فسخ التحكيم وحده سعياً في نقض ما تمّ من جهته وجهة غيره ، فيجب أن ينقض ، وحاول بعضهم قياس التحكيم على المشاركة ، والجواب عنه بما سبق إضافة إلى أن عقد المشاركة ملزم عند جماعة من الفقهاء منهم المالكية [93].
 وذهب إلى الاحتمال الأول ابن ماجشون من المالكية [94]حيث يرى أن التحكيم يصبح لازماً للمتحاكمين بعد موافقتهما على ذلك ، وليس لواحد منهما حق الرجوع وحده وفسخ عقد التحكيم إلاّ بموافقة الآخر .
 وهذا الرأي هو الذي يظهر لي رجحانه إذ أنّ أكثر اعتماد القائلين بكون التحكيم غير ملزم على القياس على عقد الوكالة ، وهو قياس لا يستقيم كما أوضحناه فيما سبق ، ومن جانب آخر فالأصل في العقود اللزوم إلاّ ما دلّ دليل  على غير لزومه ، أو أن صيغته تقوم على الجواز كما هو الحال في الوكالة حيث إن الأصل فيها أنها من عقود التبرع ، ومن جانب آخر فإن التحكيم من باب الولاية الخاصة بالحكم بين الخصمين اللذين أوجب كل واحد منهما ـ بقبوله التحكيم ـ للآخر حقاً في الفصل في المنازعة ، وحينئذٍ لا يجوز له الرجوع إلاّ برضا الآخر[95] .

 ومن جانب آخر فإن التحكيم إذا جاء شرطاً في العقود اللازمة مثل البيع والإجارة والاستصناع ونحوه فإن القول بعدم لزومية التحكيم يؤدي إلى خلخلة العقد وعدم الفائدة من الشرط وكونه عبثاً مع أن الشروط الواردة في العقود ملزمة ما دامت تلك الشروط غير مخالفة للنصوص الشرعية أو الإجماع ، حيث دلت النصوص الشرعية على وجوب الوفاء بالعقود والشروط والعهود ما دامت لا تتعارض مع كتاب الله وسنة رسوله ـ صلىالله عليه وسلم ـ [96].   
 إلزامية الحكم بعد الصدور :
  ومع الاختلاف السابق بين الفقهاء في مدى إلزامية التحكيم بعد صدور الحكم فإنهم يكادون يتفقون على أن الحكم إذا صدر من المحكم أو المحكمين فإنه لازم للخصمين ، فلا يجوز لهما ، أو لأحدهما الرجوع عن التحكيم ، ولا عزل المحكم ، وأن رجوعهما باطل ، ولكن هذا الحكم خاص بهما فقط فلا يتعداهما إلى غيرهما ، وذلك لأنه صدر بحقهما عن ولاية شرعية نشأت من اتفاقهما فقط على اختيار الحكم للحكم عليهما ، فلا يسري أثر الحكم على غيرهما [97].
التحكيم عقد ملزم في القانون :
 يعتبر القانون أن التحكيم ـ سواء جاء شرطاً في العقد قبل حدوث النـزاع ( شرط التحكيم ) أو جاء بعد حدوث النـزاع من خلال اتفاق مستقل ( مشارطة التحكيم ) ـ ملزم للطرفين بمعنى أنه لا يجوز لأحدهما الفسخ دون الآخر ، كما أنه لا يجوز له رفض اللجوء إلى التحكيم ، فقد جاء في قرار لمحكمة التميز العراقي : ( أن القول بأن رفض اللجوء إلى التحكيم لا سند قانوني له ، لأن هذا الشرط سواء كان مطلقاً أو مقيداً فهو لازم للطرفين ، وليس لأحدهما أن يستبد بفسخه ، أو تعطيل أحكامه ، أو الامتناع عن تنفيذه بإرادته المنفردة وإلاّ انعدمت قيمته العلمية ، وأصبح عبثاً وغير لازم ، وهذا يتعارض مع إرادة المتعاقدين في تـثبيت شرط التحكيم في المقاولة ، ومن الطبيعي في مثل هذه الحالة لا يبقى للطرف الآخر الممتنع عن تنفيذ شرط التحكيم وتعيين المحكمين لحسم النـزاع الناشىء بينهما عملاً بالاتفاق ، وعليه فالمبدأ عند الاتفاق على التحكيم لا يجوز اللجوء ابتداءً إلى القضاء لحسم النـزاع )[98] .
مدى التـزام المحكم بالمضي في التحكيم :
 من المعروف المتفق عليه أن موافقة الخصمين على اللجوء إلى محكم لا يترتب عليه أي التـزام على المحكم إلاّ إذا وافق عليه ، لأن قرار القبول بيده لا يجبره أحد ولا يلزمه إلاّ إذا التـزم هو ، على عكس القاضي الذي لا يستطيع رفض القيام بمهمته مادام ذلك ضمن اختصاص محكمته وضمن صلاحيته ، لأنه معين من طرف وليّ الأمر لهذا الغرض ، فإذا قبل المحكم ذلك فحينئذٍ وجب عليه النظر في النـزاع وإصدار القرار النهائي بشأن الموضوع خلال الفترة التي حددها الطرفان ، أو القانون وفق الصيغة التي يتطلبها الواجب تطبيقه ، وتوقيع قراره ، وبيان أسباب حكمه إذا كان الاتفاق ، أو القانون يشترط ذلك [99].
وفي الفقه الإسلامي ترد الآراء السابقة حول مدى عدم لزوم التحكيم في هذه المسألة أيضاً ، والذي يظهر لنا رجحانه هو أن الحكمين إذا اتفقا على محكم فلا ينفرد أحدهما بعزله ، بل لا بدّ من اتفاقهما على ذلك ، وأن اتفاقهما إنما يؤثر في عزله قبل إصدار الحكم فقط[100] وهذا ما عليه القوانين حيث لا تجيز لأحد الخصمين عزل الحكم إلاّ بتوافقهما جميعاً [101] وذلك للأدلة الدالة على وجوب الالتـزام بالعقود والعهود من حيث المبدأ ، ولأن ذلك قد ثبت بتراضي طرفين فينبغي أن لا ينفرد أحدهما بعزل الحكم وإلاّ أدى ذلك إلى هدر إرادة الآخر .

 وأما الحكم نفسه فهل له حق الرجوع عن قبول التحكيم ؟ للإجابة عن ذلك : أن الآراء الفقهية السابقة تنطبق عليه ، وأن الذي يظهر لنا رجحانه هو أن الحكم ملزم بما وافق عليه ، فلا يجوز له ردّ التحكيم بعد موافقته إلاّ إذا وافق على ذلك الخصمان .

حالة عدم ذكر الحكم : إذا تمّ التعاقد على التحكيم ولم يذكر فيه المحكم فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن المرجع في ذلك هو القضاء [102].    
هل يمنع التحكيم اللجوء إلى القضاء ؟
 سبق أن ذكرنا أربعة آراء للفقهاء حول لزوم عقد التحكيم ، فعلى ضوء ذلك فمن أجاز للخصمين الرجوع وجعل التحكيم غير ملزم جاز له اللجوء إلى القضاء ، لأنه غير ملزم بالمضي في التحكيم ، ومن جعل التحكيم ملزماً لم يجز لهما الرجوع ، وبالتالي اللجوء إلى القضاء على ضوء التفصيل السابق ،ونحن رجحنا القول بلزوم عقد التحكيم إذا توافرت أركانه وشروطه ، فعلى ضوء ذلك فلا يقبل لجوؤهما إلى المحكمة وهذا ما عليه معظم القوانين العربية ، فقد نصّت الفقرة الخامسة من المادة ( 203 ) من القانون المدني الإماراتي على أنه : ( إذا اتفق الخصوم على التحكيم في نـزاع ما فلا يجوز رفع الدعوى به أمام القضاء ، ومع ذلك إذا لجأ أحد الطرفين إلى رفع الدعوى دون اعتداد بشرط التحكيم ولم يعترض الطرف الآخر في الجلسة الأولى جاز نظر الدعوى واعتبر شرط التحكيم لاغياً ) ، وجاء في المادة ( 236 ) من قانون المرافعات المدنية التجارية البحرينية قريب مما سبق ، ونصّت المادة ( السابعة ) من نظام التحكيم السعودي على عدم جواز نظر القضاء في الموضوع بعد اتفاقهم إلاّ وفقاً لاحكام هذا النظام ، ومع موافقة القانون العراقي على هذا المبدأ لكنه أجاز نظر الدعوى عند أحد الطرفين إلى رفع الدعوى دون اعتراض الآخر في الجلسة الأولى حيث اعتبر ذلك إلغاءً لشرط التحكيم ، أما إذا اعترض الخصم فتقرر المحكمة اعتبار الدعوى مستأخرة حتى يصدر قرار التحكيم ( م 253 من قانون المرافعات المدنية العراقي ، فقرة 2 ، 3 ) .
 والتحقيق أن التحكيم لا يلغي دور القضاء ، ولا يمس اختصاص المحكمة المختصة أصلاً بنظر النـزاع ، وإنما يمنعها فقط من النظر في الدعوى ما دام شرط التحكيم قائماً ، ولذلك إذا لم يتمّ التحكيم لأي سبب مقبول ، أو رفض تنفيذ القرار الخاص بالتحكيم فإن المحكمة المختصة ستنظر في دعوى النـزاع[103] .

دور القضاء بعد صدور حكم التحكيم :
 بعد صدور الحكم من المحكم يكون الحكم لازماً واجب التنفيذ ، ولا يجوز للقاضي نقضه إلاّ للأسباب التي ينقض بها حكم القاضي مثل أن يكون الجور واضحاً ، وهذا رأي جمهور الفقهاء  (المالكية ، والشافعية ، والحنابلة ، والإمامية ، والإمام يحيى من الزيدية ، وابن أبي ليلى )[104].
 وذهب الحنفية ، والزيدية على المذهب[105] إلى أن القاضي له الحق في نقضه إذا خالف مذهب القاضي ، قال الكاساني في بيان أوجه الفرق بين حكم القاضي وحكم الحكم : ( ومنها أنه إذا حكم في فصل مجتهد فيه ، ثم رفع حكمه إلى القاضي ، ورأيه يخالف رأي الحاكم المحكم له أن يفسخ حكمه )[106] .
 والراجح هو قول جمهور الفقهاء ، لأنه لو كان للقاضي فسخه دون سبب مؤثر مقبول لما كان للتحكيم فائدة ، بل يكون عبثاً وعبئاً وتضييعاً للوقت ، ومن جانب آخر فإن رضا الطرفين يترتب عليه الالتـزام باحترام كل واحد منهما إرادته ، وما القضاء إلاّ لتنفيذ التـزامات الناس ، كما هو الحال في العقود ، حيث حينما تعرض على القضاء يلزم الطرفين بآثار عقودهما وهكذا ينبغي بالنسبة للتحكيم ،ومن جانب آخر فالحكم برضا من له الولاية ـ فإن الخصمين قد جعلا الحكم حاكماً بإرادتهما وولايتهما على نفسيهما ، فيكون حكمه كحكم القاضي الذي أعطاه الولاية من له حق الولاية على المسلمين ، ولا يوجد فرق جوهري إلاّ في أن الحكم خاص بالطرفين ، والحاكم عام .
تنفيذ حكم المحكم :
 وأما تنفيذ حكم المحكم إذا لم ينفذه المحكوم طوعاً فيكون عن طريق القاضي ، إذ لا سلطة تنفيذية لديه إلاّ عن طريق القضاء ، والولاية العامة .
 والقوانين الوضعية اتفقت مع رأي جمهور الفقهاء في أن حكم المحكم لا ينقض إلاّ من حيث ينقض حكم القاضي[107] .
 وأما التنفيذ فيتم عن طريق المحكمة بعد تصديقها ، حيث نصَّت المادة (215) من قانون الإجراءات المدنية الإماراتي رقم (11) لعام 1992 على أنه:
 ( 1: لا ينفذ حكم المحكمين إلاّ إذا صادقت عليه المحكمة التي أودع الحكم قلم كتابها ، وذلك بعد الاطلاع على الحكم ووثيقة التحكيم ، والتثبت من أنه لا يوجد مانع من تنفيذه ، وتختص هذه المحكمة بتصحيح الأخطاء المادية في حكم المحكمين بناء على طلب ذوي الشأن بالطرق المقررة لتصحيح الأحكام ، 2: ويختص قاضي التنفيذ بكل ما يتعلق بتنفيذ حكم المحكمين) .
ولا تختلف القوانين الأخرى عن مضمون هذا النّص مثل المادة (203) ، والمادة (204) من قانون المرافعات المدنية والتجارية القطري رقم (13) لسنة 1990 الباب الثالث عشر ، والمادة (508) من قانون المرافعات المصري ، والمادة(271) من قانون المرافعات العراقي ، وغيرها .
 وقد يكون حكم المحكمين واجب التنفيذ عندما يصبح نهائياً ، وذلك بأمر من الجهة المختصة أصلاً بنظر النـزاع ، ويصدر هذا الأمر بناءً على طلب أحد ذوي الشأن مع التثبت من عدم وجود ما يمنع تنفيذه شرعاً ، وهذا هو نص المادة (21) من نظام التحكيم السعودي ، وغيره .
 ولا تختلف القوانين الغربية كثيراً عما سبق ، فقد جعل القانون الفرنسي في مادته (1477) رئيس المحكمة الابتدائية هو الذي يصدر الأمر بتنفيذ قرار التحكيم بناءً على طلب أحد الأطراف وبعد إيداع قرار التحكيم ونسخة من الاتفاق الخاص بالتحكيم قلم المحكمة المختصة بالنـزاع والإيداع يكون من قبل المحكم أو أحد الأطراف ، يتمّ إضفاء الصفة التنفيذية بالتأشير على قرار الحكم من قبل رئيس المحكمة وفي حالة رفض التنفيذ يجب أن يكون الرفض مسبباً المادة (1478)[108].
 وقد فصل قانون التحكيم التجاري الدولي البحريني رقم (9) لسنة 1994 كيفية تصحيح قرار التحكيم وتفسيره ، في المادة (33) ، والطعن في قرار التحكيم في المادة (34) ، والاعتراف والتنفيذ في المادة (35) ، وأسباب رفض الاعتراف ، أو التنفيذ في المادة (36) .

طلب بطلان حكم المحكم :
   يجوز للخصمين طلب بطلان حكم المحكمين عندما تنظر المحكمة في المصادقة عليه في الحالات التالية كما في المادة (273) من قانون المرافعات العراقي ، والمادة (216) من قانون الإجراءات الإماراتي : ( 1ـ إذا صدر حكم المحكم بغير بينة تحريرية ، أو بناءً على اتفاق باطل ، أو إذا كان القرار قد خرج عن حدود الاتفاق ، 2ـ إذا خالف القرار قاعدة من قواعد النظام العام ، أو الآداب ، أو قاعدة من قواعد التحكيم المبينة في هذا القانون ، 3ـ إذا تحقق سبب من الأسباب التي يجوز من أجلها إعادة المحاكمة ، 4ـ إذا وقع خطأ جوهري في القرار ، أو الإجراءات التي تؤثر في صحة القرار ) .
 وهذا ما نصَّت عليه المادة (207) من قانون المرافعات المدنية والتجارية القطري ، كما نصَّت المادة (205) منه على أنه ( يجوز لها في حالة الحكم بطلان حكم التحكيم كله ، أو بعضه أن تعيد القضية إلى المحكمين لإصلاح ما شاب حكمهم تفضل في النـزاع بنفسها إذا وجدت أنه صالح للفصل فيه ) .
 ونصَّت المادة (205) منه على أن ( أحكام المحكمين يجوز استئنافها طبقاً للقواعد المقررة لاستئناف الأحكام الصادرة من المحكمة المختصة أصلاً بنظر النـزاع ، وذلك خلال خمسة عشر يوماً من إيداع أصل الحكم قلم كتاب المحكمة ، ويرفع الاستئناف أمام محكمة الاستئناف المختصة ، ومع ذلك لا يكون الحكم قابلاً للاستئناف إذا كان المحكمون مفوضين بالصلح ، أو كانوا محكمين في الاستئناف ، أو كان الخصوم قد نزلوا صراحة عن حق الاستئناف ) .
 وهذا ما نصَّت عليه المادة (214) ، والمادة (215) ، من قانون الإجراءات المدنية الإماراتي ، والمادة (18) ، (19) من نظام التحكيم السعودي ، والمادة ( 240) من قانون المرافعات المدنية والتجارية البحريني ، بل إن قانون التحكيم التجاري الدولي البحريني رقم (9) لسنة 1994 قد فصَّل كيفية الطعن في قرار التحكيم في المادة (34) ، والمادة (35) ، والمادة (36) لا يسع المجال لذكرها .

قصر حكم الحكم على المتحاكمين : وهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء[109] ، وبه أخذت معظم القوانين.
الخلاصة مع ذكر المبادئ العامة :
 اتضح من خلال هذا البحث أن التحكيم مشروع تدل عليه الأدلة من الكتاب والسنة ، وأنه يختلف عن الإفتاء ، والقضاء والصلح والتوفيق ، وأنه عقد مستقل له خصوصيته وشروطه وضوابطه ومبادؤه ، وأن التحكيم في الفقه الإسلامي تسع دائرته كل المجالات المالية والاجتماعية والسياسية ونحوها ما عدا الحدود واللعان والعقوبات .

وهنا نذكر مجموعة من المبادئ العامة للتحكيم توصل إليها البحث منها :
من أهم مبادئ التحكيم ما يأتي :      
أولاً : مبدأ العدالة الذي قامت عليه الشريعة الإسلامية كلها ، بل قامت السموات والأرض على العدل كما دلت على ذلك الآيات الكثيرة التي لا تعدّ هنا ولا تحصى .
  وعلى ضوء ذلك تطبق جميع مبادئ العدالة التي ذكرها الفقهاء في باب الحكم والقضاء ، وكذلك يمكن تقسيم الحكام (جمع حكم بفتح الكاف) إلى ثلاثة أنواع ـ كما هو الحال في القضاة ـ حكمان في النار ، وحكم واحد في الجنة وهو الذي يعرف الحق ويعمل به دون مجاملة لأحد ولا مراعاة لأي شيء سوى تحقيق العدل الذي يريده الله تعالى[110] .
ثانياً : أن التحكيم يدخل ضمن ما يسميه الفقهاء بالعادات ( أي غير العبادات ) ومن هنا فالأصل فيه الإباحة ، كما أنه عقد ، أو شرط وأن جمهور الفقهاء على أن الأصل في الشروط والعقود الإباحة إلاّ ما دلّ دليل خاص على حظره[111] ، وأن ما ورد فيه من النصوص القطعية لا يجوز تجاوزها ، وما سوى ذلك فهو محل اجتهاد ، كما أن ما ذكره الفقهاء من بعض الشروط والتفاصيل الخاصة بالتحكيم اجتهادات فقهية محترمة لا ينكر تأثرها بالأعراف السائدة والظروف المحيطة بها ، يمكن أن يستفاد منها ، من خلال الانتقاء منها ، وإعادة النظر فيها نظراً لتغير الظروف والأعراف والأحوال ، وأما النوازل الجديدة في التحكيم التي لم يتطرق إليها فقهاؤنا العظام فهي خاضعة للاجتهاد الإنشائي الذي يعتمد على النصوص الشرعية والأدلة المعتبرة .
 ومن هذا المنطلق نقول : إن التحكيم له مبادئ وشروط أساسية ذكرتها النصوص الشرعية ، وفيما عدا ذلك فإن جميع التفاصيل والشروط والقيود التي ذكرتها القوانين والاتفاقات الدولية والإقليمية تخضع لمبدأ واحد من مبادئ الشريعة الغراء وهو : أن لا تخالف نصّاً صريحاً من نصوص الكتاب والسنة .
 وهذا المبدأ عبر عنه جمهور الفقهاء بقولهم : الأصل في العقود والشروط والقيود الإباحة إلاّ ما دل دليل صريح على حرمته وحظره ، فكل صلح جائز بين المسلمين إلاّ صلحاً أحلَّ حراماً ، أو حرَّم حلالاً ، وهكذا الأمر بالنسبة للشروط ، فكل شرط جائز إلاّ شرطاً خالف نصَّاً صريحاً من نصوص الكتاب والسنة ، أو الإجماع[112] .
 وبهذا المبدأ يسع التحكيم كل ما هو جديد نافع مادام لا يتعارض مع نصوص الشرع ، ومن المعلوم أن من حكمة الله تعالى أن جعل النصوص في مثل هذه القضايا قليلة حتى يترك المجال للاجتهادات والتطوير مع تغير الزمان والمكان .
 فأساس العقود هو التراضي وموجبها ما أوجبه العاقدان على أنفسهما حيث يجب حينئذٍ الوفاء به لقوله تعالى : ( أوفوا بالعقود )[113] والآيات والأحاديث الكثيرة التي أوجبت الوفاء بالعقود والعهود والشروط .
ثالثاً : بما أن التحكيم اتفاق بين الطرفين فلا بدّ من اتفاق الخصمين على التحكيم سواء كان في نفس العقد ( أي عقد كان ) أو بعد نشوب النـزاع ، فهذا هو الركن الأساس له . ولا يشترط ذكر المحكم وفي هذه الحالة يلجأ في تحديد المحكم وفق الحاجة إما إلى القضاء ، أو إلى اتفاقهما على محكم.
رابعاً : يجوز للطرفين تقييد التحكيم ، واشتراط الشروط المناسبة مادام ذلك لا يتعارض مع نصّ من الكتاب والسنة أو الإجماع ، كما يجوز تعليقه ، أو إضافته إلى وقت مستقبلي عند جماعة من الفقهاء .
خامساً : التحكيم ملزم للطرفين على الرأي الذي رجحته فلا يجوز فسخه من طرف واحد ، أما إذا اتفقا على الفسخ قبل صدور الحكم فهذا من حقهما كما هو الحال في العقود الملزمة .
سادساً : وجوب توافر شروط القضاء في المحكم عند جمهور الفقهاء وقد نصَّ قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي 95/8/9 على أنه يشترط في الحكم بحسب الأصل توافر شروط القضاء ، وتوافر الأهلية في القانون ، ولا شك أن شروط الفقه أحوط لأهمية التحكيم الذي هو في جملته بمثابة القضاء ، وأن لا يكون ممنوعاً من التحكيم بأمر من وليّ الأمر كتعيين رجال القضاء بدون موافقة مجلس القضاء ، وهذا التقييد مقبول في الفقه الإسلامي ، لأن وليّ الأمر يملك ذلك .
سابعاً : محل التحكيم لا بدّ أن يكون مما تجوز المصالحة عليه بأن لا يكون من الحدود كما في الفقه الإسلامي ، أو من الحقوق العامة كما في القانون ، وقد نصّ قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي ( قرار رقم 95/8/9 ) على أنه : ( لا يجوز التحكيم في كلّ ما هو حق الله تعالى كالحدود ، ولا فيما استلزم الحكم فيه إثبات حكم أو نفيه بالنسبة لغير المتحاكمين ممن له ولاية عليه كاللعان …) .
ثامناً :  جواز أن يكون المحكم واحداً أو أكثر ، وقد اشترط القانون أن يكون العدد وتراً في حالة التعدد مثل الثلاثة ، أو الخمسة وفي هذه الحالة يكون الحكم بالغالبية ، ولم يشترط الفقه الإسلامي ذلك ولكنه لا يمنع من هذا الاتفاق الذي يصدر من المتخاصمين ، أو من الدولة ، بل يجب احترامه[114] .
تاسعاً : حكم المحكم ، أو المحكمين بعد صدوره حجة ملزمة للطرفين ، ولكن إذا لم ينفذا فإنه لا بدّ من عرضه على القضاء لاعطائه القوة ، وقد نصّ قرار المجمع الفقهي الإسلامي الدولي ( رقم القرار 95/8/9 ) على أن الأصل أن يتم تنفيذ حكم المحكم طواعية ، فإن أبى أحد المحتكمين عرض الأمر على القضاء لتنفيذه .
عاشراً : ليس للقضاء نقض حكم المحكم إلاّ إذا كان ظلماً مبيناً ، أو مخالفاً لحكم الشرع وهذا ما نصَّ عليه قرار المجمع ( 95/8/9 ) .
أحد عشر : الأصل عدم جواز احتكام المسلم إلى غير المسلمين قضاءً ولا حكماً إلاّ إذا لم يمكنه الوصول إلى حقه إلاّ بذلك فحينئذٍ يجوز من باب الضرورة ، أو الحاجة التي تنـزل منـزلة الضرورة ، وبالأخص للمسلمين الذين يعيشون في البلاد غير الإسلامية ولا توجد فيها محاكم إسلامية تخصهم .
 ومما لا شك فيه أن التحكيم مطلقاً معتبر أيضاً في البلاد غير الإسلامية ، لذلك على المسلم أن يلجأ إلى المحكم المسلم أو مراكز التحكيم الملتزمة بالإسلام ، إن أمكنه ذلك ، ولكن إذا احتاج إلى تنفيذ حكم المحكم في البلاد غير الإسلامية فيجوز له الاحتكام إلى محاكمها للتنفيذ .
 وقد أجاز قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي ( رقم القرار 95/8/9 ) احتكام الدول والمؤسسات الإسلامية إلى محاكم دولية غير إسلامية حيث نصَّ على أنه : ( إذا لم تكن هناك محاكم دولية إسلامية يجوز احتكام الدول أو المؤسسات الإسلامية إلى محاكم دولية غير إسلامية توصلاً لما هو جائز شرعاً).                 
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين .


القسم الثاني
التحكيم في البنوك الإسلامية
( العقبات والاقتراحات )
  
بعض مشاكل التحكيم في البنوك الإسلامية :
 تنصُّ معظم عقود البنوك الإسلامية للمرابحات والاستصناع وغيرهما على التحكيم عند التنازع ، وذلك لسهولة إجراءات التحكيم ، ولكن بعض البنوك الإسلامية في بعض الدول بدأت تتراجع عن هذا الشرط ، وتنصّ في عقودها على اللجوء إلى المحاكم بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية ونصوص العقد .
1ـ فمثلاً تعتبر الرسوم القضائية في دولة قطر قليلة حيث لا يتجاوز ثلاثة آلاف ريال قطري مهما كانت قيمة العقد ، في حين أن مصاريف التحكيم وأتعاب المحكمين أكثر بهذا بكثير ، بل قد تكون باهضة الثمن إذا كانت قيمة العقد كبيرة ، ولذلك يلجأ إلى القضاء بدل التحكيم .
2ـ ومن جانب آخر فإن قضايا عدم سداد ديون البنوك أو التأخير فيه أصبحت كثيرة ، فبعض البنوك لها أكثر من خمسين قضية فكيف سيكون الوضع لو كانت هذه القضايا محالة على التحكيم.
3ـ ومن جانب آخر فإن اللجوء إلى التحكيم قد يكون المبرر فيه هو سرعة البت في الموضوع وقد وجد أن بعض الدول مثل دولة قطر لا تتأخر فيها القضايا كثيراً ، وأن محاكمها تأخذ بنظر الاعتبار ظروف البنوك الإسلامية التي لا تأخذ فوائد التأخير فتقدمها على القضايا المالية التي تؤخذ على تأخيرها الفوائد الربوية ، ومن هنا فلا تتأخر قضايا البنوك الإسلامية في المحاكم القطرية كثيراً ، ربما يتقارب الزمن المطلوب للبت في القضية في المحاكم من زمن إصدار الحكم من المحكمين .
4ـ وأيضاً فإن هناك مشاكل شكلية تعيق عملية التحكيم مثل وجود سهو في العنوان البريدي لمكان التحكيم أو خطأ فيه ، أو في عناوين الأطراف حيث يجعل ذلك سبباً لعدم انعقاد التحكيم .
5ـ وهناك مشكلة المحكمين أنفسهم حيث أن عدداً ليس بالقليل منهم لا يستوعبون فنيات وشكليات التحكيم ومتطلباته القانونية ، وحينئذٍ يترتب على ذلك بالضرورة بطلان حكم التحكيم وضياع حقوق وأموال ووقت أطراف النـزاع .
6ـ وهناك معضلة أخرى لا تقل عن سابقتها وهي أن أحد أطراف النـزاع قد يعاند في تعيين المحكم وحينئذٍ يتعين على الطرف الآخر ، أو بقية الأطراف اللجوء إلى المحكمة المختصة بنظر النـزاع لتعيين محكم الطرف الممتنع مما يترتب عليه إطالة أمد النـزاع ، وفقدان أهم ميزة للتحكيم .
 ومن جانب آخر فإن اختيار المحكم المرجح قد يستغرق وقتاً طويلاً ، ووقتاً أكثر في الاتفاق على بنود وثيقة التحكيم وهكذا نجد أشهر أو سنوات تمر دون إصدار حكم من هيئة التحكيم ، فهناك قضية كان فيها شرط التحكيم ظلت متداولة بالمحاكم لمدة خمس سنوات حتى صدر فيها حكم بتعيين الحكم المرجح.
7ـ وهناك مشكلة أخرى تمس قضية الطعن بالتزوير حيث يوقف عمل هيئة التحكيم حتى تفصل المحاكم المختصة في دعوى التزوير الأصلية المقامة من أحد الأطراف .
ولهذه الأسباب بدأت بعض البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية تلجأ إلى المحاكم بدلاً من التحكيم ولا سيما في البلاد التي لا تـزال إجراءات القضاء غير معقدة .
بعض التحسينات في العقود لعلاج بعض هذه المشاكل مع مثال:
 ونظراً للمشاكل السابقة فقد حاولت مع محامي البنك أن تتجاوز بعضها من خلال ذكر التفصيلات الكافية في البند الخاص بالتحكيم ، ومن خلال أن يكون اختيار محكم يتم ترشيحه من قبل هيئة الرقابة الشرعية ، ومحكم يتم ترشيحه من قبل غرفة تجارة وصناعة قطر ، ومحكم يتم ترشيحه من قبل المحكمين الأوليين .    
 وبهذا الشرط اختصرنا الزمن ، وتجاوزنا معاندة أحد أطراف النـزاع ، أو مماطلته في الاختيار . كما أننا أدخلنا التفصيلات القانونية الكافية في نفس البند الخاص بالتحكيم حتى لا يتجاوزها المحكمون ، ولأهمية ذلك أذكر البند الخاص بقضية كنتُ أحد أعضاء هيئة التحكيم فيها وهو :
البند الثامن : (( أي خلاف أو نـزاع ينشأ بين طرفي / أطراف هذا العقد خاص بتفسير أو تنفيذ أي بند من بنوده يعرض على هيئة تحكيم ثلاثية يتم اختيارها كالتالي :
1       ـ محكم يتم ترشيحه من قبل هيئة الرقابة الشرعية للطرف الأول .
2       ـ محكم يتم ترشيحه من قبل غرفة تجارة وصناعة قطر .
3       ـ محكم مرجح يتم ترشيحه من قبل المحكمين الأوليين ، فإذا لم يتفقا على ذلك تفوض هيئة الرقابة الشرعية للطرف الأول في ترشيحه .            
  وتبدأ إجراءات التحكيم بموجب كتاب مسجل يرسل من طالب التحكيم للطرف الثاني للنـزاع يعلنه بموجبه بأسباب النـزاع والطلبات المراد الحكم بها ورغبته في إحالة الموضوع للتحكيم وذلك في خلال أسبوعين من تاريخ إرسال الكتاب المسجل ، فإذا انقضت تلك المدة دون أن يتسلم طالب التحكيم ردّ من الطرف الثاني للنـزاع أو دون أن يتم الاتفاق بين طرفي النـزاع على إحالته للتحكيم ، فإنه يحق لطالب التحكيم السير فوراً في إجراءات التحكيم وذلك بإرسال كتابين مسجلين الأول لهيئة الرقابة الشرعية للطرف الأول ، والثاني لغرفة تجارة وصناعة قطر ( ونسخة منهما للطرف الثاني للنـزاع ) وذلك على العنوان التالي : ص .ب : 644 الدوحة ـ قطر لهيئة الرقابة الشرعية للطرف الأول ، ص.ب : 402 لغرفة تجارة وصناعة قطر ، يعلنهما بموجبهما بنشوء نزاع بينه وبين أحد / باقي أطراف هذا العقد ( مع ذكر ملخص النـزاع والطلبات المراد الحكم بها ) وعدم توصلهما إلى اتفاق بشأنه ، وطالباً ترشيح محكم من كل منهما لنظر ذلك النـزاع ، وبمجرد ورود اسمي العضوين المرشحين ، يجب على الطرف طالب التحكيم إرسال كتاب مسجل إلى الطرف الثاني للنـزاع يعلنه فيه بضرورة تواجده بمقر الطرف الأول وفي مواعيد عمله الرسمية ( من الساعة السابعة والنصف وحتى الساعة الحادية عشر والنصف صباحاً ) للتوقيع على وثيقة التحكيم ، مع إحضاره باسمي المحكمين اللذين تم ترشيحهما من قبل هيئة الرقابة الشرعية للطرف الأول وغرفة تجارة وصناعة قطر ، وذلك في خلال عشرة أيام من تأريخ إرسال الكتاب المسجل .
 إذا تواجد الطرف الثاني للنـزاع بمقر الطرف الأول خلال المهلة المحددة ، يتم التوقيع على وثيقة التحكيم والتي يجب فيها تسمية المحكم المرجح مع تحديد أول جلسة لنظر النـزاع وآخر ميعاد لتقديم المستندات ومذكرات الدفاع ، فإذا تخلف الطرف الثاني للنـزاع عن الحضور فإنه يتم إبلاغه بواسطة هيئة التحكيم بموجب كتاب مسجل بميعاد أو جلسة أسبوعين فإذا لم يحضر ـ رغماً عن ذلك ـ تؤجل الجلسة الأولى إلى جلسة أخرى تعقد في خلال مدة أقصاها أسبوعين يعلن بها الخصم الغائب ، فإذا لم يحضر الأخير الجلسة المؤجلة أو لم يودع مستنداته أو مذكرة بدفاعه ، ينظر النـزاع في غيبته ويصدر الحكم بناء على المستندات المقدمة في النـزاع وفي نطاق ما ورد بوثيقة التحكيم ، ويسري نفس الحكم في حالة حضور الطرف الثاني للنـزاع لإحدى جلسات التحكيم وغيابه عن باقي الجلسات حتى ولو لم يودع مستنداته أو مذكرة بدفاعه .
 في حالة استقالة أي محكم ( بما في ذلك رئيس الهيئة ) أو وفاته ( لا قدر الله ذلك ) أو امتناعه أو عجزه عن العمل أو اعتزاله أو عزل منه أو قام مانع من مباشرته له يعين محكم بدله بنفس الطريقة التي عين بها المحكم الأصلي ، ويكون للخلف جميع سلطات المحكم الأصلي ويقوم بجميع واجباته .                     
 ويتم الفصل في النـزاع على أساس ما ورد ببنود هذا العقد في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية ونصوص القوانين القطرية والأعراف والقواعد الخاصة والعامة التي لا تـتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية .
 وتحدد الهيئة الإجراءات الخاصة بها مستهدية في هذا العقد بإجراءات التحكيم الوارد في قانون المرافعات القطري رقم (13) لسنة 1990 ( المواد من190حتى210 ).
 ويكون لهيئة التحكيم الحق في الفصل في جميع طلبات طرفي النـزاع المرتبطة بالنـزاع الأصلي ، وفي جميع المسائل الأولية التي يتوقف عليها الفصل في النـزاع الأصلي بما في ذلك الفصل في جميع المسائل المتعلقة باختصاصها عدا المسائل التي تخرج أصلاً عن ولايتها ، وعلى سبيل المثال يكون لهيئة التحكيم من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد طرفي النـزاع اتخاذ ما يلي من إجراءات الإثبات: ندب الخبراء ، سماع الشهود ، توجيه اليمين المتممه ، توجيه اليمين الحاسمة .
 ويجب أن يصدر حكم هيئة التحكيم في خلال ثلاثة أشهر على الأكثر من تأريخ توقيع المحكمين على وثيقة التحكيم ، مالم يرتض طرفي النـزاع كتابة بامتداده . ويكون حكم هيئة التحكيم سواء صدر بالإجماع أم بالأغلبية باتاً ونهائياً وغير قابل للطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن .
 إذا ثارت أي منازعة بين طرفي النـزاع بشأن تفسير حكم هيئة التحكيم فإنه لا يجوز لأيهما أن يطلب كتابة من هيئة التحكيم في خلال مدة أقصاها خمسة عشر يوماً من تأريخ صدور الحكم ، إصدار تفسير له ، وعلى الهيئة إصدار التفسير المطلوب في غضون خمسة عشر يوماً من تأريخ تسلمها لطلب التفسير ، ويعتبر الحكم الصادر بالتفسير متمماً من كل الوجوه للحكم الذي يفسره ويسري عليه ما يسري على الحكم الأصلي من كونه باتاً ونهائياً ، ولا يترتب علة تقديم طلب التفسير وقف تنفيذ الحكم الأصلي .

 هذا ويلتزم من يحكم ضده من طرفي النـزاع بجميع مصروفات التحكيم وأتعاب المحكمين أو بنسبة ما يحكم به عليه ، وعلى أن تسدد أتعاب المحكمين مقدماً وبالتساوي بين طرفي النـزاع عند التوقيع على وثيقة التحكيم ، أو تسدد كاملة من طالب التحكيم في حالة غياب الطرف الثاني للنـزاع )) .

الفهرست
(1) سورة الحديد / الآية ( 25 )
(2) سورة النساء / الآية ( 128 )
(3) وقد عقد البخاري في كتاب الصلح أربعة عشر باباً اشتمل على واحد وثلاثين حديثاً وافقه مسلم على تخريج غير المكرر سوى حديث واحد، وكان منها باب : " هل يشير الإمام بالصلح ؟ " قال الحافظ في الفتح ( 5/307 ) :( الجمهور استحبوا للحاكم أن يشير بالصلح ) ، ومنها باب : " إذا أشار الإمام بالصلح فأبى ، حكم عليه بالحكم البيّن " انظر صحيح البخاري ـ مع الفتح ـ ( 5/297 ـ 311 ) 
(4) انظر رسالة عمر وهذه المرويات في أعلام الموقعين  ط . شقرون بمصر ( 1/86 ـ 108 )
(1) د . فوزي محمد سامي : " التحكيم التجاري الدولي " ط . دار الثقافة بعمان ( ص: 11 , 12 )
(2) أنشئ هذان المركزان بقرار من اللجنة الاستشارية القانونية الأسيوية الأفريقية (AALCC) التي عقدت دورتها العادية في يناير 1978 بالدوحة ، ووافق عليه رئيس جمهورية مصر بالقرار رقم (104) لسنة 1984 ، يراجع : بحث المستشار محمد بدر يوسف المنياوى ،المنشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي ، العدد التاسع ، الجزء الرابع ، (ص15) 
(3) بحث المستشار محمد بدر يوسف المنياوى ( ص19 )
(1) أبو زيد رضوان : " الأسس العامة في التحكيم التجاري الدولي " ط . دار الفكر العربي بالقاهرة (ص146ـ147 ) ، وبحث المستشار المنياوي السابق (ص16 ـ 17 )
(1) سورة مريم / الآية ( 12 )
(2) سورة الأنعام / الآية ( 114 )
(3) سورة النساء / الآية ( 45 )
(4) لسان العرب ، والقاموس المحيط ، والمعجم الوسيط مادة   " حكم  "
(5) سورة النساء / الآية ( 58 )
(6) سورة النساء / الآية ( 105 )
(7) سورة النساء / الآية ( 65 )
(8) رواه الإمام البخاري في كتاب الصلح ، باب : " إذا أشار الإمام بالصلح فأبى ، حكم عليه بالحكم البين " مع فتح الباري ( 5/309 ـ 310 )
(9) فتح الباري ( 5/310 )
(10) سورة المائدة / الآية ( 43 )
(11) سورة النساء / الآية ( 35 )
(1) المحرر الوجيز المشهور بتفسير ابن عطية ، ط . قطر ( 4/47 )
(2) سورة الأنعام / الآية ( 114 )
(3) المعجم المفهرس لألفاظ السنة المشرفة مادة " حكم "
(4) عرف قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي ( قرار رقم 95/8/د90 ) التحكيم بأنه : " اتفاق بين طرفي خصومة معينة على تولية من يفصل في منازعة بينهما بحكم ملزم يطبق الشريعة الإسلامية "
(1) د . قحطان الدوري :  "عقد التحكيم والفقه الإسلامي والقانون الوصفي "، ط. الخلود ، بغداد 1405هـ ، (ص22) ، ود . أحمد أبو الوفا: " عقد التحكيم وإجراءاته " ط . منشأة المعارف بالاسكندرية 1974 (ص15 ) ، ود . فوزي محمد سامي " التحكيم التجاري الدولي " (ص17 ـ 18 ) ، ود . محمد محمود هاشم : " النظرية العامة للتحكيم "
ط . دار الفكر العربي بالقاهرة 1990 ( 1/72 ـ 76 ) .            
(1) يراجع : الموسوعة الفقهية الكويتية ( 10/234 ) ، وبحث المستشار المنياوي السابق ( ص128 )
(1) البحر الرايق ( 7/4 ـ 27 ) ، والفتاوى الهندية ( 3/400 ) ، وحاشية ابن عابدين ( 5/431 ـ 432 ) ومطالب أولي النهى ( 6/453 ) ، ومغني المحتاج ( 4/372 ) ، ويراجع : د . قحطان الدوري : المرجع السابق (ص0023 ) ، وبحث المستشار المنياوي السابق (ص28 ـ 29 ) .
(2) يراجع : البحر الرايق ( 7/27 ) ، والأستاذ محمد سلام مذكور : " القضاء في الإسلام " ط . ( ص ) ، وبحث المستشار المنياوي ( ص29 ) ، وشرح المجلة لخالد الأتاسي ( 6/24 )
(3) يراجع : الفروق للقرافي ( 4/52 ) ، وتبصرة الحكام لابن فرحون ( 1/65 ) ، ومغني المحتاج ( 4/372 ) ، ويراجع : كتاب " الفتيا ومناهج الإفتاء " للدكتور محمد سليمان الأشقر ، ط . دار النفائس بالأردن (ص 13 وما بعدها )
(4) تبصرة الحكام ( 1/65 )
(5) أولت لجنة القانون التجاري الدولي عناية بالتوفيق فأصدرت مجموعة من القواعد الخاصة به التي أقرت من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في 4/12/1980 مع التوصية بالأخذ بها في حل المنازعات التجارية الدولية ودياً ..
انظر : د . فوزي سامي : المرجع السابق (ص19 ) ، ود . نبيل أحمد حلمي : " التوفيق كوسيلة لحل النـزاعات الدولية في القانون الدولي العام " ط . دار النهضة العربية بالقاهرة 1983 ( ص28 ) .
(1) سورة النساء / الآية ( 35 )
(2) أحكام القرآن ط . دار المعرفة بلبنان ( 1/421 ، 423 ) ، ويراجع لنفس المعنى تفسير القرطبي ط . دار الكتب المصرية ( 5/179 ) ، وتفسير ابن عطية ط . قطر ( 48 ) ، والبحر المحيط لأبي حيان ( 3/243 )
(3) انظر : أحكام القرآن للجصاص ( 2/231 ) ، وأحكام القرآن لابن العربي ( 1/421 ـ 423 ) ، والأم ( 5/177) ، ونهاية المحتاج ( 6/385 ) ، وكشاف القناع ( 5/211 )
(4) أحكام القرآن ( 1/423 ـ 424 ) ، ورواه الدار القطني ، وقال القرطبي في تفسيره ( 5/179 ) تعليقاً على هذا الخبر : ( وهذا إسناد صحيح ثابت عن ابن سيرين عن عبيدة )
(5) المصادر السابقة
(6) سورة المائدة / الآية ( 95 )
(7) الحديث متفق عليه ، انظر صحيح البخاري ، كتاب الجهاد ـ مع الفتح ـ ( 6/165 ) ، ومسلم كتاب الجهاد         ( 3 /1389 )
(1) سنن الدار القطني ( 4/242 ) ، والبيهقي ( 10/144 )
(2) أخبار القضاة لوكيع ( 2/189 )
(3) شرح معاني الآثار للطحاوي ( 4/10 ) ، وتلخيص الحبير ( 3/6 )
(4) المصنف لعبدالرزاق ( 1/249 ) ، وكنـز العمال ( 9/326 )
(5) يراجع صحيح البخاري مع فتح الباري ( 7/61 ـ62 )
(6) تأريخ الطبري ( 5/67 ) ، و د . قحطان الدوري : المرجع السابق (ص37 )
(7) المبسوط للسرخسي ( 21/62 ) ، وفتح القدير مع شرح العناية ( 5/498 )
(8) يراجع : المبسوط ( 21/62 ) ، وفتح القدير مع شرح العناية ( 5/498 ) ، ومواهب الجليل ( 6/112 ) ، والدسوقي على الشرح الكبير ( 4/135 ) ، ونهاية المحتاج ( 8/230 ) ، ومطالب أولي النهى ( 6/47 ) ، والمغني ( 9/107 ـ 108)
(9) المحلى لابن حزم ( 9/435 ) ، وتحفة المحتاج ( 10/118 )
(10) المراجع السابقة ، ويراجع للتفصيل د . قحطان الدوري المرجع السابق ( ص71 ـ 72 )
(1) وقد نصت معظم القوانين الوضعية على ذلك مثل القانون الفرنسي في المادة ( 1005 ) ، وقانون المرافعات المصري في مادته ( 501 ) ، وقانون المرافعات العراقي في مادته ( 252 ) ، وغيرها من القوانين ، ويراجع : د . قحطان الدوري : المرجع السابق (ص82 ) ، و د . أبو الوفا : المرجع السابق (ص27 )
(2) سورة البقرة / الآية ( 28 )
(3)  يراجع لتفصيل ذلك في الفقه الإسلامي والقانون : " مبدأ الرضا في العقود " ط . دار البشائر الإسلامية بيروت 1985م
(2) البحر الرايق ( 7/24 ) ، ومواهب الجليل ( 6/112 ) ، ومغني المحتاج ( 4/378 ) ، والمغني ( 9/000107 ) ، والموسوعة الفقهية الكويتية ( 10/237 )
(4) البحر الرايق ( 7/26 ) ، والفتاوى الهندية ( 3/268 ) ، والشرح الكبير مع الدسوقي ( 4/136 ) ، وروضة الطالبين (11/12 ) ، والمغني لابن قدامه ( 9/108 )
(5) تبصرة الحكام ( 1/43 ـ 44 ) ، وحاشية الدسوقي مع الشرح الكبير ( 4/136 )
(1) المغني لابن قدامه ( 9/108 )
(2) المصادر السابقة
(3) حاشية ابن عابدين ( 5/428 ) ، ومغني المحتاج ( 4/379 )
(4) البحر الرايق ( 7/24 ـ 29 )
(1) انظر : طه أبو الخير : " حرية الدفاع " ط . منشأة المعارف بالاسكندرية (ص318 ) وقد استقصى مسائل التحكيم الإجباري فوجدها قليلة ، و د . قحطان الدوري : المرجع السابق ( ص73 )
(2) الأم ( 5/177 ) ، ونهاية المحتاج ( 6/385 ) ، وأحكام القرآن ( 1/427 )
(3) سورة النساء / الآية ( 35 )
(4) أحكام القرآن ( 1/427 )
(5) المصدر السابق نفسه ، وتفسير ابن عطية ( 4/48 ) ، والتفسير الكبير للرازي ط . دار احياء التراث العربي ببيروت (10/92 ) ، وتفسير ابن عباس ، ومروياته في الكتب الستة ، للدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الحميدي ط . جامعة أم القرى (1/237 )
(6) أحكام القرآن ( 1/421 ـ 424 )
(7) سورة البقرة / الآية ( 229 )
(8) أحكام القرآن ( 1/425 )
(9) المصدر السابق ( 1/425 ) ، وتفسير الكبير للرازي ( 10/93 )
(1) أحكام القرآن لابن العربي ( 1/427 )
(2) سورة المائدة / الآية ( 95 )
(3) يراجع : أحكام القرآن لابن العربي ( 2/674 ) ، وأحكام القرآن للجصاص ( 2/469 ) ،وتفسير ابن عطية (5/0 ) ، والتفسير الكبير للرازي ( 12/86 ـ 92 ) ، وفتح القدير للشوكاني ط . عالم الكتب ( 2/78 )
(4) البحر الزخار ( 3/328 ) ، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير ( 2/83 ) ، والخرشي ( 2/376 ) ، وبداية المجتهد (1/346 ) ، والمغني مع الشرح الكبير ( 3/535 ) ، والسيل الجرار ( 2/184 ) ، ود . قحطان الدوري : المرجع السابق (ص321)
(5) انظر الدر المنثور ( 2/329 ) وأسنده إلى ابن أبي حاتم ، وعبيد بن حميد ، وتفسير ابن كثير ( 2/99 )
(6) رواه الحاكم في المستدرك ( 3/310 ) وقال صحيح على شرط الشيخين ، يراجع : الدر المنثور ( 2/329 ) وقال أخرجه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني ، ومجمع الزوائد ( 3/231 ـ 232 ) وقال رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات .
(1) أحكام القرآن للجصاص ( 2/191 ) , والأم ( 5/103 ـ 104 ) ، والغاية القصوى تحقيق علي القره داغي(2/773) ، والانصاف ( 8/380 ) ، وتفسير الطبري ( 8/329 ) ، البحر الزخار ( 4/89 ) ، والمصنف لعبدالرزاق الصنعاني (6/511 )
(2)أحكام القرآن للجصاص ( 2/191 ـ 192 )
(3) التفسير الكبير للرازي ( 10/93 )
(4) نهاية المحتاج ( 6/385 ) ، والانصاف ( 8/381 ) ، ومجموع الفتاوى لابن تيمية ( 32/25 ) ، وزاد المعاد ط . مؤسسة الرسالة ( 5/190 ) ، والمحلى لابن حزم ( 7/88 )
(5) انظر : د . قحطان الدوري : المرجع السابق ( ص467 )
(6) أحكام القرآن ( 1/424 )
(7) مجموع الفتاوى ( 32/25 ـ 26 )
(1) أخرجه عبدالرزاق ( 11885 ) ، والطبري ( 5/45 ) ورجاله ثقات
(2) أخرجه الشافعي في المسند (2/362) وفي الأم (5/177) ،والطبري(9407)، وعبدالرزاق في المصنف (11883 ) ، والبيهقي في السنن ( 7/305 ـ 306 ) ، وإسناده صحيح
(3) زاد المعاد ، تحقيق الشيخين شعيب الأرنؤوط  عبدالقادر الأرنؤوط  ط . الرسالة ( 5/190ـ 191 )
(1)     مبدأ الرضا في العقود ، دراسة مقارنة ط . دار البشائر الإسلامية بيروت 1985 ( 2/1148 ـ 1164 )
(1) الروضة حيث وصف هذا القول بغير الأظهر ( 11/122 ) ، ونهاية المحتاج ( 8/231 ) ، وأدب القاضي للماوردي (2/382 )،يقول النووي في الروضة (11/122):(وهل  يلزم حكمهما بنفس الحكم كحكم القاضي أو لا يلزمه إلا بتراضيهما بعد الحكم؟ فيه قولان،ويقال:وجهان،أظهرهما الأول،ومتى رجع أحدهما قبل الحكم امتنع الحكم حتى لو أقام المدعي شاهدين،فقال المدعى عليه:عزلتك لم يكن له أن  يحكم)،ويراجع د . الدوري:المرجع السابق ص152
(2) مفتاح الكرامة ( 10/3 )
(3) البحر الزخار ( 6/114 )
(4) الذخيرة للقرافي ( 8/50 ) ، والإنصاف ( 11/199 ) ، وجاء في تبصرة الحكام ( 1/43 ) : أنه لو أقاما البينة عند الحكم ، ثم أراد أحدهما أن يرجع عن التحكيم قبل الحكم تعين على الحكم أن يصدر حكمه ، وجاز حكمه . فعلى ضوء ذلك لهما الحق في الرجوع إلى أن يقيما البينة ، فإذا فعلا ذلك امتنع الفسخ ، وذهب اصبغ إلى أن حق الفسخ باق إلى لأن  تبدأ الخصومة أمام الحكم ، فإذا بدأت لم يبق حق الفسخ وتعين المضي فيها إلى النهاية .
(1) حاشية ابن عابدين ( 5/429 )
(2) روضة الطالبين ( 11/122 )
(3) المنتقى للباجي ( 5/227 ) ، وأحكام القرآن لابن العربي ( 1/00421 )
(4) الإنصاف ( 11/199 )
(5) مفتاح الكرامة ( 10/3 )
(6) انظر : حاشية الدسوقي ( 3/348 )
(7) المنتقى للباجي ( 5/227 )
(8) حاشية الرهوني على الزرقاني ( 7/301 )
(9) يراجع للتفصيل " مبدأ الرضا في العقود " دراسة مقارنة ، ط . دار البشائر الإسلامية / بيروت ( 2/1032 ، 1148 )
(1) البحر الرائق ( 7/27 ) ، وحاشية الدسوقي ( 3/348 ) ، ونهاية المحتاج ( 8/231 ) ، والكافي لابن قدامه         ( 3/436 ) ، ومطالب أولي النهى ( 6/ 472 )
(2) رقم قرار محكمة التميز 98/ هيئة عامة أولى / 1976 في 9/10/1976 ، منشور في مجلة الأحكام العدلية / العدد الرابع ، السنة السابعة 1976 (ص186) ، ويراجع : د . نوري محمد سامي : " التحكيم التجاري الدولي " (ص114)
(3) د . فوزي محمد سامي : المرجع السابق (ص 235 ، 239 )
(4) المغني لابن قدامه مع الشرح الكبير ( 11/484 ) ، والمصادر السابقة في الفقرة السابقة
(5) وهذا ما نصّت عليه المادة ( 503 ) من قانون المرافعات المصري ، والمادة ( 845 ) من قانون الأصول اللبناني ، والمادة (515 ) من قانون الأصول السوري ، وغيرها ، ويراجع د . فوزي : المرجع السابق ، ود . قحطان الدوري : المرجع السابق (ص145)
(1) يراجع:تبين الحقائق(4/194)،وروضة الطالبين(11/121)،ويراجع :أ.د.محمد رأفت عثمان:القضاء في الفقه الإسلامي(ص
(2) د . أحمد أبو الوفا : المرجع السابق (ص125)
(1) تبين الحقايق ( 4/194 ) ، وإرشاد السالك ( ص182 ) ، ونهاية المحتاج ( 8/231 ) ، وروضة الطالبين ( 11/123 ) ، والمغني مع الشرح الكبير ( 11/484 ) ، مفتاح الكرامة ( 10/3 ) ، والبحر الزخار ( 6/114 ) 
(2) حاشية ابن عابدين ( 5/431 ) ، والبحر الزخار ( 6/114 ) ، ويراجع د . قحطان الدوري : المرجع السابق (ص630)
(3) بدائع الصنايع ط . زكريا يوسف بالقاهرة ( 9/4081 )
(4) انظر المادة ( 503 ) من قانون المرافعات المصري ، والمادة ( 261/1 ) من قانون المرافعات العراقي ، والمادة ( 36 ) من لائحة إجراءات التحكيم التي أقرت من قبل لجنة التعاون التجاري لدول مجلس التعاون الخليجي بالرياض في نوفمبر 994 ، والتعديلات المعتمدة في 5/10/1999 بمدينة العين بالإمارات .
(1)     د . فوزي محمد سامي : المرجع السابق ( 371 ـ 372 )
(1) البحر الرائق ( 7/26 ) ، ونهاية المحتاج ( 8/231 ) ، والإنصاف ( 11/198 )
([110]) إشارة إلى الحديث المعروف الذي رواه أبو داود ، الحديث 3573 وابن ماجه ، الحديث 2315 والترمذي (1/248) والبيهقي (10/116) والحاكم (4/90) وقال : صحيح الاسناد بسندهم عن ابن بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال  : ( القضاة ثلاثة ، واحد في الجنة ، واثنان في النار ، فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به ، ورجل عرف الحق فجار فهو في النار ، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار) وقد صححه الألباني في إوراء الغليل (8/235) الحديث 2614 ، وقبله صححه الآخرون منهم الحافظ  في التلخيص (4/185) 
(2) أثبتنا في رسالتنا الدكتوراه : " مبدأ الرضا في العقود ) ط . دار البشائر الإسلامية ببيروت ( 2/1148 ) أن جماهير الفقهاء ما عدا الظاهرية يقولون بهذا الأصل .
(3) وقد روي في هذا المعنى عدة أحاديث منها حديث : ( المسلمون عند شروطهم ) قال الألباني في الإرواء (5/142) الحديث 1303 صحيح وقد روي من حديث أبي هريرة ، وعائشة ، وأنس بن مالك ، وعمرو بن عوف ، ورافع بن خديج ، وعبدالله بن عمر .
 ومنها حديث ( الصلح جائز بين المسلمين ) أخرجه أبو داود الحديث 3594 وابن الجارود ( 637 ، 638 ) ، وابن حبان (1199 )والدارقطني ( 300 ) ، والحاكم ( 2/49 ) ، والبيهقي ( 6/79 ) .
 ومنها حديث ( الصلح جائز بين المسلمين إلاّ صلحاً حرَّم حلالاً ، أو أجلَّ حراماً ، والمسلمون عند شروطهم إلاّ شرطاً حرَّم حلالاً ، أو أحلَّ حرماً ) رواه الترمذي وقال حسن صحيح ( 1/253 ) ، وابن ماجه الحديث ( 2353 ) دون المسلمون على شروطهم ) ، والدارقطني والبيهقي وابن عدي في الكامل ، النصف الثاني منه ، ويراجع فتح الباري ( 4/371 )      
(3) سورة المائدة / الآية ( 1 )
(1) يراجع : د . عبدالله محمد عبدالله  : " مبدأ التحكيم في الفقه الإسلامي والقانون " منشور في مجلة المجمع  العدد التاسع ، الجزء الرابع (ص139)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق